دور الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في بناء المجتمع وتربيته:
1- الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف قوّة تنفيذية:
“عندما نتحدّث نحن عن الإمام المهديّ وهو القوة التنفيذية في الإسلام فإنّنا نقصد أنّه سيملأ الأرض بالعدل ولديهم هم نفس المعنى “يملأ الأرض قسطاً وعدلًا بعد أن ملئت ظلماً وجوراً”. ونحن نقول إنّ الأنبياء لم يوفّقوا في الوصول إلى أهدافهم بشكل كامل وسيرسل الله سبحانه وتعالى في أخر الزَّمان من يتابع طريق الأنبياء ويحقّق أهدافهم المنشودة بشكل كامل. ولكنّ هؤلاء النّاس ولا أدري إن كانوا متعمدين أم غافلين راحوا يؤولون كلامنا ومعتقداتنا وقالوا بأنّ فلاناً يزعم بأنّ الإمام المهديّ سيتمّم الشريعة.
إنّ هذا الأمر يبعث على الأسف الشديد وهو مخالف لما نعتقده فنحن نعتبر الإمام المهديّ عليه السلام خادماً للإسلام وتابعاً لرسول الإسلام وهو في نفس الوقت نور عين رسول الله وسيجري كلّ ما أمر به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم1.
2- الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يقلع حبَّ الدّنيا من القلوب:
“إن الرواية التي تقول: “حبُّ الدُّنيا رأس كلّ خطيئة” حقيقة واقعة. وإنّ أساس وجذور حبّ الدنيا هي حبّ النفس وهو بدوره حبّ الدنيا. فإنّ جميع الفساد الذي ظهر في البشرية منذ قيام البشرية يعود إلى حبّ النفس، ومنه ينشأ حبّ الجاه والمنصب والموقع وحبّ المال وحبّ جميع الدوافع الشهوانية. لذلك كان أساس مهمّة الأنبياء هو قمع وضبط حبّ النفس قدر الإمكان، لكنّ الأنبياء لم ينجحوا بالشكل الذي أرادوا، ولم يستطيعوا أن يحقّقوا هدفهم كما أرادوا ذلك، وسيبقى حبّ النفس لدى الكثير من النّاس حتّى في حكومة العدل التي يقيمها الإمام صاحب الزَّمان. وهذا الحبّ للنفس الوارد في الروايات هو الذي يقوم بتكفير الإمام المهديّ – سلام الله عليه -. وفي الحقيقة إنّ أساس جميع الخطايا هو هذه الأنانيات الموجودة في البشر، وهذه الحروب وهذه المفاسد والمظالم وأعمال الجور. وكان سعي الأنبياء لإقامة حكومة عادلة في الدنيا من أجل إن تكون هذه الحكومة ذات دوافع إلهية وأخلاقية وتقوم على أساس القيم الإنسانية العليا، فإذا قامت مثل هذه الحكومة فإنّها تستطيع احتواء المجتمع وإجراء الإصلاح إلى حدّ بعيد. أمّا إذا أصبحت الحكومات بأيدي الجبارين والمنحرفين وبأيدي أشخاص يرون القيم في آمالهم النفسانية، ويعتبرون إنها هي التسلط والشهوات ذاتها، فإنّ البشرية تسير بوجود مثل هذه الحكومات نحو الانحطاط، وإذا تحقَّقت آمال الأنبياء في دولة ما – وإن لم يتحقق إلا بعض هذه الآمال – فإنّ هذه الدولة تسير نحو الصلاح”.
3- الدّور التبليغي والوحدوي الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف:
“ما هو الحلُّ للخروج ممّا نحن فيه؟ وماذا يترتَّب على مسلمي العالم من واجبات وتكاليف لتحطيم هذه الأصنام؟ إنّ السبيل الوحيد لخلاص كلّ مسلمي العالم بل كلّ المستضعفين والمستعبدين ممّا هم فيه من الذلّ والضعف، يتمثّل في الوحدة التي أكّد عليها القرآن الكريم كثيراً، والتي تحتاج في تحقّقها إلى الدعوة والتبليغ الواسع والمكثّف. ومركز الدعوة والتبليغ لها هو مكّة المكرّمة، عند اجتماع المسلمين لأداء فريضة الحجّ، هذه الحركة التي انطلق بها إبراهيم خليل الله، ومحمد حبيب الله وسيواصلها في آخر الزَّمان المهديّ المنتظر- أرواحنا لمقدمه الفداء -. فقد خاطب جلّ وعلا خليله إبراهيم أن ادعُ النّاس من مختلف الأقطار والأمصار أن يأتوا إلى الحجّ، (ليشهدوا منافع لهم) منافع على مختلف الأصعدة، منافع سياسية ومنافع اجتماعية ومنافع اقتصادية وحتّى ثقافية وفكرية، وليستلهموا منك أعظم دروس التضحية في سبيل الله، حيث هممت بتقديم ثمرة فؤادك ابنك إسماعيل قرباناً امتثالًا للأمر الإلهيّ.
وليتعلموا منك معنى التوحيد الخالص، وكيف تُحطّم أصنامُ الشرك وترمى بعيداً، شمساً كانت أم قمراً وهياكل كانت أم إنساناً أم حيواناً، وليتعلموا معنى التوجُّه الخالص إلى الله حيث قلت: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾4 فعلينا جميعاً أن نقتدي بأبي التوحيد وبأبي الأنبياء الكرام”5.
4- الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يشفي أمراض البشرية
“في الحقيقة إنّ العالم اليوم يعاني من مرض مزمن لا يمكن علاجه بهذه الأمور. العالم مريض. الكثير من الرؤساء سمّموا الشعوب، سمّموا أفكار شعوبهم وأمرضوهم. لقد أذلّوا هذه الشعوب وأهانوها. جعلوها تعاني من الضغوط الاقتصادية، وعرّضوها للفقر والحرمان وصادر أتعابها الآخرون. وإنّنا في انتظار من يأتي لإصلاح هذه الأوضاع، وإنّي آمل ظهور حضرة بقية الله في القريب – إن شاء الله -، كي يتسنّى لهذا الطبيب الحقيقيّ للبشرية معالجة هؤلاء وإصلاحهم بروحه العيسوية. وفقّكم الله تعالى جميعاً لخدمة هذا الشعب، وخدمة الإسلام والمستضعفين في العالم”6.
5- الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف قدوة لنا:
“ينهض الإمام صاحب الزَّمان سلام الله عليه وأرواحنا فداه من أجل مقارعة حكومة الجور، وسيادة المعروف وإزالة المنكر.. إنّ جميع الأنبياء الذين نهضوا في هذا العالم الماديّ إذ لا يعلم أسرارهم الغيبية إلّا الله تصدّوا للطاغوت منذ البداية. وقد شكّل ذلك طليعة أهدافهم. ويجب أن يكون ذلك قدوة للمسلمين الذين هم مسلمون حقاً ومتمسّكون بنبيّ الإسلام وأهل بيت العصمة والطهارة. وكذلك لأتباع الأديان الأخرى الذين ينبغي لهم الاقتداء بأنبيائهم وترجمة سيرتهم. فما الذي قام به موسى بن عمران وما هي سيرته؟ وما الذي فعله إبراهيم الخليل وما هي سيرته؟ جميع الأنبياء نهضوا لمواجهة الجور ومقابلة الظلم. الجميع كانت نهضتهم تتّسم بهذا المعنى. ومن هنا علينا أن نقتدي بهم، أن ننهض في مواجهة الظلم.. على المسلمين النهوض لمواجهة الظلم والجور ومقارعة المنكر مثلما نهض الشعب الإيراني النبيّل ولله الحمد. ويمكن القول إنّ ما ورد في هذا الدعاء الشريف (يا مقلّب القلوب) قد تحقّق في ثورتنا ولدى أبناء شعبنا لا سيما الشباب، حيث انتقلوا من حال إلى أخرى ووجدوا لهم حالاً جديدة.
وفي هذا الشهر المبارك، شهر شعبان، علينا أن نلتفت إلى ما ينبغي لنا فعله. كيف ينبغي لنا التعامل مع هؤلاء الطواغيت؟ يجب أن نتصدى لهم مثلما فعل سيّد الشهداء سلام الله عليه حيث ضحّى بنفسه وأبنائه وأهل بيته وبكلّ ما يملك في وقت كان يعلم بأنّ الأمر سينتهي إلى ما انتهى عليه. فالذي يتأمّل في كلامه سلام الله عليه منذ خروجه من المدينة ودخوله مكة وخروجه منها، يرى أنّه كان يدرك تماماً ما هو قادم عليه. فلم تكن القضية مجرد استطلاع للأمر، وإنّما تقدماً لتسلّم الحكم.. وإنّ تحركه كان من أجل هذا المعنى بالأساس. وهذا فخر له. ويخطئ من يتصوّر أنّ الإمام سيّد الشهداء لم ينهض من أجل الحكم. لقد نهض من أجل أن يكون الحكم بأيدي من هم أمثال سيّد الشهداء، أن يكون بأيدي شيعة سيّد الشهداء. إنّ ثورة الأنبياء منذ اليوم الأول وحتّى الخاتم الثورة المسلحة وغير المسلحة كانت في الحقيقة من أجل مقارعة الظالمين والتصدّي للجبروت والجور ومناصرة المحرومين”.
6- أنّه يصنع النصر
“آمل أنْ نكون جميعاً من هيئة القائم، وأن نعمل كلّنا بما رسم لنا الإسلام والقرآن من وظائف تحت لواء حضرة صاحب الزَّمان- سلام الله عليه – ونعطي المضامين صوراً حقيقية ونعطي الألفاظ مضامين حقيقية.
ولعلّ هذا الوصف الذي ذُكِرَ لحضرة الصاحب – سلام الله عليه – بعد هذه الآية الشريفة ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى﴾.
لعلها جاءت لهذا المعنى وهو أنه يجب القيام علينا كافة قياماً واحداً، فأعلى قيام ما كان قيام رجل واحد، وكل قيام يجب أن يلحق به، فيكون لله.
فالله – تبارك وتعالى – يأمر نبيّه الأكرم أن يعظ أمّته موعظة واحدة هي أن قوموا لله ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ﴾.
إنّ صاحب الزَّمان ينهض لله سبحانه. وهذا الإخلاص الذي لديه لله تعالى لا يوجد عند الآخرين. وعلى شيعة الإمام أن يقتدوا به في أن يقوموا لله. فإنّ العمل إذا كان لله لا يبور والنهضة إذا كانت لله لا تحور.
فما كان لله إذا مرَّ بواره في الخيال، فإنه لا يبور في الواقع.
فأمير المؤمنين – سلام الله عليه – حارب معاوية وهُزِم، لكن تلك لم تكن هزيمة.
كانت هزيمة صورية لا حقيقية، لأنَّ حَرْبه كانت قياماً لله، والقيام لله لا هزيمة له فهو غالب حتى اليوم وإلى أبد الآبدين”.
7- الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف يراقب أعمال أمّته
“نفخر أنّ كتاب نهج البلاغة الذي هو أعظم دستور بعد القرآن، للحياة المادية والمعنوية وأسمى كتاب لتحرير البشر والممثّل بتعاليمه المعنوية والحكمية أرقى نهج للنجاة هو من إمامنا المعصوم، ونفخر أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام بدءً بعليّ بن آبي طالب وانتهاءً بمنقذ البشرية، حضرة المهديّ صاحب الزَّمان الحيّ الناظر على الأمور بقدرة الله القادر (عليهم آلاف التحيات والسلام) هم أئمتنا”9.
8- إحداث التحوّل العظيم في البشرية
“منذ الثاني والعشرين من بهمن 1357هـ ش، وحتّى يومنا هذا حيث نحتفل في 15 خرداد 1362هـ ش 10، ما هي إلّا ساعات معدودة في حساب الزمن. إلّا أن تحولًا عظيماً قد تحقّق بمشيئة الله القادر ما كان له أن يتحقّق في مئات السنين، مبشراً بتحقّق وعد الله الذي بشّر به القرآن الكريم. ومن الممكن أن يتحقّق مثل هذا التحوّل في شرق الأرض ومن ثم غربها وبقية أقطار الأرض. (وليس من الله بمستنكر) حيث يحتوي الدهر في ساعة ويفوّض الأرض إلى المستضعفين وارثي الأرض، يضيء الآفاق بالمظهر الإلهيّ لوليّ الله الأعظم صاحب العصر- أرواحنا له الفداء -، ويجعل راية التوحيد والعدالة الإلهية ترفرف في العالم فوق البيت الأبيض والأحمر لمراكز الظلم والإلحاد والشرك. وما ذلك على الله بعزيز”11.
9- رسم الوجهة التوحيدية للحجّ
“خاطب الله نبيه إبراهيم حيث قال: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾12 وقال أيضاً: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾13. وهذا التطهير يشمل جميع أنواع الرجس، وأكبرها الشرك الذي ورد في صدر هذه الآية الكريمة. ونقرأ في سورة التوبة قوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾14.
والمهديّ المنتظر وعلى لسان جميع الأديان، وباتّفاق جميع المسلمين سينادي من الكعبة، ويدعو البشرية جمعاء إلى التوحيد، فجميع نداءات التوحيد علت من الكعبة ومن مكة، وعلينا نحن بدورنا أن نتابع المسيرة ونرفع نداءات كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة من هذا المكان المقدّس، وأن نحطّم أصنام زماننا بحضورنا الفاعل والنشيط في مكّة المكرّمة من خلال عقد الاجتماعات، والنداءات، ومسيرات البراءة من المشركين والمستكبرين في هذا العالم، وفضح جرائمهم وإدانتها، وأن نطرد الشياطين ونرميها بالجمار في (العقبة الكبرى)، وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا، لنؤدّي بذلك حجّ خليل الله، وحجّ حبيب الله، وحجّ وليّ الله المهديّ المنتظر، وإلا انطبق علينا القول (ما أكثر الضجيج وأقلَّ الحجيج)15“16.