طمح الكثيرون، في نيل شرف المصاهرة لخاتم الأنبياء (ص) بخطبة ابنته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع)، لكنه كان يردهم بلطف قائلاً: “أمرها إلى ربها”.
وتقدّم أمير المؤمنين علي (ع) لخطبة السيدة الزهراء (ع)، ليجد فيه النبي (ص) الكفؤ الوحيد لها بين الرجال، بل إن هذا كان خطاباً من الملك جبرئيل (ع) حين هبط على رسول الله (ص) قائلاً: “يا محمد، إن الله جل جلاله يقول: لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض آدم فمن دونه”.
لذا كان حقيقاً بثغر النبي (ص) أن يبتسم حين علم برضا ابنته الزهراء (ع)، وأن يقول: “إني سألت ربي أن يزوجها خير خلقه”.
وقدّم أمير المؤمنين (ع)، مهراً متواضعاً هو قيمة درعه الذي لم يكن يملك غيره مع السيف لتلك المرأة الحقيقية الكاملة والنسخة الإنسانية المتكاملة – كما كان يعبر عنها الإمام الراحل (قده) – ليعيشا في بيت متواضع كان الإمام عليّ (ع) يأتي إليه بالحطب ويكنسه، فيما كانت زوجته الصديقة الكبرى تطحن فيه وتعجن وتخبز في أجواء أسرية تمثل المصداق الحي الناطق لتعاليم الإسلام الحنيف التي وضعت خطوط النور للحياة الزوجية الهادفة، والتي تجلّت في كلمات أهل بيت العصمة (ع) التي تخاطب الزوج قائلة: “لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة ليجتلب بها وموافقتها ومحبتها وهواها، وحسن خلقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها”.
وكانت حياة النورين العظيمين سلام الله عليهما، المثال الأعلى للحياة الزوجية التي حدّث عنها أمير المؤمنين (ع) في كلامه عن السيدة الزهراء (ع): “فوالله ما أغضبتها، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان”.
وكانت السيدة الزهراء (ع) الزوجة الصابرة في بيتها، حتى ورد عن أبي سعيد الخدري قوله: أصبح علي بن أبي طالب ساغباً، فقال (ع): “يا فاطمة هل عندك شيء تغذينه؟ قالت (ع): لا والذي أكرم أبي بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أصبح الغداة عندي شيء، وما كان شيء أطعمناه من يومين إلا شيء أؤثرك به على نفسي، وعلى ابنيّ هذين الحسن والحسين (ع)، فقال عليّ (ع): يا فاطمة، ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم شيئاً، فقالت (ع): يا أبا الحسن، إنّي لأستحي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه”.
إنّها سيرة للاقتداء والتأسي فإن “أبغض الناس إلى الله عزّ وجلّ من يقتدي بسنّة إمام (ع) ولا يقتدي بأعماله”.