سماحة الشيخ اليعقوبي مصداق المرجع الذي لا تهجم عليه اللوابس .
الحلقة ( ٢٩)
————————————————
مع بداية الغزو الامريكي للعراق واحتلاله البلاد ، فان الشعب كان بحاجة ماسة لتوعيته عن اهداف ووسائل المحتل ومشاريعه المنافية لمصالح العراقيين ، خصوصا مع تداخل ساحات الصراع وترويج شعارات مخادعة ماكرة يسوقها المحتل لتمرير اهدافه الحقيقية الرامية لفرض هيمنته على البلاد والتحكم بمقدراته وسلب سيادته وتمييع هويته الاسلامية الاصيلة . فكان واجب المرجعية الدينية ان تخاطب الامة مباشرة وبوضوح لبيان هذه المخاطر وتعبئتها وتنظيم جهودها لمواجهة تلك المشاريع الاستعمارية الخبيثة وافشالها ، ولكن لم نسمع خطابا واضحا معلناً تفصيليا حول هذه الموضوعات المهمة الاّ من قبل سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي- دام ظله -……. وهنا نقتبس باختصار بعض الافكار التي تضمنتها خطاباته الشريفة في بدايات الغزو الامريكي للعراق :
1. بدأت عند ذاك صفحة جديدة من التحديات هي اوسع واعقد واصعب مما مضى ، فقد حضر الشياطين الكبار بأنفسهم ومعهم احدث التقنيات للافساد وتمييع الهوية الاسلامية وبخطط ودعوات ماكرة خبيثة تخفي سمومها على اكثر الناس بعد ان طلَوها بالعسل الزائف الزائل ؟ وجاؤوا ليؤسسوا مشروع الشرق الاوسط الكبير انطلاقاً من العراق ولتطبيق العولمة التي يريدونها والتي تقتضي تذويب هويات الشعوب واقتصادياتها وسياساتها لتسير في ركاب الغرب وتلتحق بمسيرته نحو الانحدار .
2. وقد رسموا سياسة لادارة مباشرة لشؤون العراق مع وضع واجهات عراقية عقدوا معها صفقات في مؤتمرات سبقت الغزو ..على ان ينطلقوا بعد ذلك لتغيير المنطقة كلها .
3. ومواجهة هذا المشروع الخطير الواسع تتطلب تقديم الاسلام كمشروع حضاري قادر على ان يقود الحياة بكل مفاصلها ويقدم رؤية ناضجة ومتكاملة ، وان يشخص النقص في المشروع المادي الذي جاء به الغرب ويكشف فشله في تحقيق السعادة للفرد والمجتمع .
4. من اهم المباديء التي اراد سماحته تأصيلها للمرحلة الجديدة هي مرجعية الدين وانه الاصل الذي يُبنى عليه الوضع الجديد وعدم تجاوز المرجعيات الدينية ، واوعز سماحته لاتباعه ومريديه بتنظيم مسيرة وتجمع عند محل انعقاد مؤتمر للمعارضة التي دخلت العراق في الناصرية ، فاحتشد حوالي (٢٠) الف واوصلوا رسالة قوية الى زعماء العراق الجديد ، واستمر هذا التأصيل في كل المراحل التالية .
5. ان الجو العام في الحوزة العلمية في النجف الاشرف لم يكن متهيئاً لمواجهة تلك التهديدات بسبب غلبة المدرسة التقليدية التي اعتادت اهمال أمر الامة وعدم التفاعل مع الاحداث مضافا الى المعاناة القاسية التي عاشتها الحوزة بشكل عام من بطش صدام المقبور الذي افقدها الكثير من علمائها ومفكريها .
6. اما سماحة الشيخ فقد كان مواكبا للاحداث ومهتما بشؤون الامة قبل زوال النظام البعثي كما اتضح من خطابات المرحلة السابقة ، واقترح انشاء جماعة الفضلاء كآلية لتوحيد مواقف وخطاب الحوزة العلمية ولم يجد غير التشكيك والسلبية .
7. ودعا سماحته الجماهير الى القيام بمسيرة يوم الاثنين (٢٠٠٣/٤/٢٨) في بغداد وقد كانت المسيرة ضخمة جدا رغم محاولات بعض الجهات التبري منها وعدم المشاركة فيها ، وكانت مطالبها واضحة باننا شعب مسلم ونرفض قيادة البلد من دون الرجوع الى المرجعية الدينية .
8. وكانت جميع الخطابات والبيانات الصادرة في تلك المرحلة واضحة في المطالبة بانهاء الاحتلال والرجوع الى الشعب في اختيار من يحكمه بانتخاب جمعية وطنية اولا تقوم بتشكيل حكومة مؤقتة وهيئة لكتابة الدستور يعرض على الشعب لنيل موافقته ثم اجراء انتخابات عامة لتطبيق النظام الذي ينص عليه الدستور .
9. كانت القوى المتسلطة في العراق والماسكة باموره من احتلال ومن اتفق معه لا تصغي لتلك المشاريع الناصحة ، وتريد ان تفرض اجندتها التي جاءت بها ، ولكنها لما تفشل تعود لتأخذ بما عرضه سماحة المرجع اليعقوبي ولكن بعد ان يكلف هذا الفشل دماء واموال وخراب وزمن مهدور .
10. بدأوا بقيادة عسكرية لادارة البلاد ثم بادارة مدنية وحاولوا للتمويه تشكيل مجلس استشاري من نخب عراقية – سياسيين ورجال دين واكاديميين وتكنوقراط – فرفض سماحة الشيخ كل المشاريع ، ثم تحولوا الى تاسيس ما سُمّي بمجلس الحكم …وظلوا يتخبطون حتى اذعنوا للموافقة على الخطوات الانتقالية التي اوردها سماحة الشيخ في مشروعه
عبد الزهراء الناصري
٢٠٢٤/٩/١٠