بسمه تعالى
سماحة الشيخ اليعقوبي مصداق المرجع الذي لا تهجم عليه اللوابس .
-الحلقة الخامسة –
———————————————-
تتميز المرجعية الرسالية الحركية دون غيرها بالسعي الحثيث لرفع مستوى الوعي والبصيرة لدى الامة ، لذلك تراها تديم التوجيهات والخطابات المليئة بالقواعد العامة لتنظيم السلوك الاجتماعي وتحرص على بيان المفاهيم الاسلامية الاصيلة باساليب سهلة ميسرة يتناولها وينتفع بها الجميع وتمييزها عن المفاهيم والافكار المغلوطة او المخلوطة بما ينتج اللبس والاشتباه في الوعي الاجتماعي العام ، ومثل هذه الوظيفة الجليلة يتوقف انجازها على الخطاب المباشر المستمر للامة وادامة لقاء المرجعية الرسالية بشرائح المجتمع كافة لينتهل من معين فكرها النقي الصافي المؤمنون …..
وقد تضمنت خطابات سماحة المرجع الديني الشيخ اليعقوبي- دام ظله – مثل هذه الجواهر الفكرية والدرر المعرفية الثمينة منذ بدايات تصديه لقيادة المشروع الاسلامي في العراق بعد شهادة المرجع المظلوم الشهيد السيد الصدر الثاني – رضوان الله تعالى عليه – …….
وتقتبس هنا بعض هذه الافكار العملية من خطابات صدرت عن المرجعية عام ( ٢٠٠١) :
1. الفات نظر الامة الى جانب العلل اكثر من المعلولات عند معالجة حالة او ظاهرة معينة ، فمن يريد ان يعالج ظاهرة ابتعاد الناس عن تطبيق شريعة الله لا يكتفي بالقول لهم هذا واجب فافعلوه ، وهذا حرام فاتركوه ، فلابد من تشخيص ضعف الوازع الديني والذي نشأ عن ضعف الجانب الاخلاقي والعقائدي لدى المجتمع … والمرجعية مسؤولة عن معالجة هذين العاملين بفكرها وعلمها ونتاجها المعرفي ، وباستقامة سلوكها وتصديق افعالها لاقوالها ولاحكام الشريعة ، فتكون اسوة حسنة تجذب الناس وتشدهم الى الالتزام بالشريعة واحكامها .
2. ينبه الخطاب المرجعي الى الترابط بين سوء الحال الذي يعيشه المجتمع وتسلط الاشرار عليها وبين ابتعاده عن شريعة الله وتركه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فيكون العلاج والخلاص من هذه المآسي والمظالم بأداء هذه الفريضة العظيمة .. ولعمري ان هذا الطرح في زمن نظام ديكتاتوري مستبد كالنظام البعثي يدلل بوضوح على قوة قلب هذه المرجعية وصلابة عزيمتها وانها تستهدف اصلاح المجتمع وانقاذه من المظالم وتحريره من استبداد الجائرين الظلمة وان كلّفها ذلك الاثمان الباهظة… لان احياء وظيفة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في ظل حكم اجرامي دموي كحكم البعث الصدامي بفهم منه الحكّام اعتراض وتنديد بسياسة وممارسات السلطة الحاكمة ، بل تهديد لوجودهم في السلطة والحكم … ولا غرابة في صدور مثل هذه المواقف الشجاعة من سماحته وهو التلميذ المبرز لذلك المرجع الرباني المصلح الشهيد الصدر الثاني قدس سره… والذي اشار في احدى كلماته (اني أريد ان أربّي بديلا مماثلا ولربما احسن مني بكثير ).
3. ومما يميز منهج المرجعية الرسالية انها لاتكتفي بوظيفة الافتاء وبيان الاحكام الفقهية للمكلفين ، وتجد ان من وظيفتها ملء عقول وقلوب المجتمع بالعقيدة الصالحة والاخلاق الكريمة لنضمن بذلك صحّة مسيرة الامة وانتظام حياتها وفق ما أراده الله تعالى ، وهذه الوظيفة هي غاية ما قصده الرسل والانبياء والائمة عليهم السلام ( تربية وتزكية النفوس وتحليتها بمكارم الاخلاق ) وهل الدين الاّ الاخلاق ؟ وليس ملء الاذهان بمعلومات ومعارف نظرية محضة ينفصل حاملها في ميدان التطبيق عنها ويخالفها ! وهذا ما يقود الى نفور الناس من حملة الدين غير المتصالحين عمليا وسلوكيا مع مباديء وتعاليم الشريعة …
4. وينبه الخطاب المرجعي ذاته الى اسلوب المعالجة الناجع في مواجهة الظواهر الاجتماعية المتأصلة بآلية التدرّج ، باثارة الاشكال حول صحتها والتشكيك فيها ثم طرح الخيارات البديلة .. فذلك ينتج القناعة بابدالها ، ويسهل بعدها التصدي لنقضها … واقول : اضرب بطرفك حينها الى حيث شئت من اروقة الحوزة العلمية فهل تجد هذه الافكار الرصينة والمناهج العملية الدقيقة في احداث الاصلاح الاجتماعي ؟.
5. كعادة المرجعية السالبة تجهر بخطابها المعلن في ميدان يتسلط على كل تفاصيله نظام دموي قمعي ( حزب البعث ) تجهر بمقومات الهوية واركان كيان الامة المؤمنة الصالحة ( الامامة والولاية للمؤمنين ومشاققة للكافرين ومودة ذوي القربي والاعتصام بالقران والعترة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر …) دون ان تتردد او تحسب للنظام الظالم حساب في ردود الافعال تجاه هذه الافكار التي تعرّي واقعه وتفضح حقيقته امام الشعب وتجرده من اسباب الاستمرار او التأييد … ولعلك عزيزي القاريء ترى طرح مثل هذه المضامين امراً ليس بهذه الاهمية والصعوبة وانت تعيش اجواء النظام الديمقراطي ، ولكن من عاش ظروف واجواء حقبة حكم البعث الاجرامي يدرك ان طرح هذه الافكار علناً ودعوة الناس لتبنيها عمليا وسلوكياً يمثل موقفا نادرا ويصعب صدوره الاّ من العلماء المجاهدين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم ، ووطنّوا انفسهم لتحمل كل تبعات اداء المسؤولية الشرعية للعلماء