نقل السيد ابن طاووس (رضوان الله تعالى عليه) في كتابه الإقبال رواية عن رسول الله (ص) جاء فيها :
خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الأحد في شهر ذي القعدة فقال : يا أيها الناس من كان منكم يريد التوبة ؟ قلنا : كلنا نريد التوبة يا رسول الله، فقال : اغتسلوا وتوضأوا وصلّوا أربع ركعات واقرؤوا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين مرة، ثم استغفروا سبعين مرة ، ثم اختموا بلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، ثم قولوا : يا عزيز يا غفار، اغفر لي ذنوبي وذنوب جميع المؤمنين والمؤمنات فإنه لا يغفر الذنوب الا أنت. ثم قال : ما من أمتي فعل هذا الّا نودي من السماء: يا عبد الله استأنف العمل فإنك مقبول التوبة مغفور الذنب ، وينادى ملك من تحت العرش : أيها العبد بورك عليك وعلى أهلك وذريتك.
وينادى مناد آخر: أيها العبد ترضى خصماؤك يوم القيامة، وينادى ملك آخر : أيها العبد تموت على الايمان ولا يسلب منك الدين ويفسح في قبرك وينور فيه.
وينادى مناد آخر: أيها العبد يرضى أبواك وان كانا ساخطين ، وغفر لإبويك ذلك ولذريتك وأنت في سعة من الرزق في الدنيا والآخرة، وينادى جبرئيل (عليه السلام): أنا الذي آتيك مع ملك الموت ان يرفق بك ولا يخدشك أثر الموت، إنما تخرج الروح من جسدك سلا.
قلنا: يا رسول الله لو أن عبداً يقول في غير الشهر ؟ فقال عليه السلام : مثل ما وصفت، وإنما علمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيام اسرى بي )).
وهنا فوائد بلطف الله تعالى :
1- الاحوط ان يؤتى بهذه الصلاة برجاء المطلوبية
2-صلاة الاربع ركعات لاتكون متصلة ، وإنَّما لكل ركعتين تشهد وتسليم
الظاهر من الرواية ان رسول الله (صلى الله عليه واله ) خرج ووجّه المسلمين بهذا العمل في يوم الأحد من شهر ذي القعدة الحرام ، ولا توجد أشارة الى انه الأحد الاول من هذا الشهر ، فيمكن اتيان الصلاة في اي أحد من آحاد هذا الشهر
الظاهر أن هذا الاستغفار والدعاء الذي ورد في الرواية انّما يؤتى به بعد الصلاة
الظاهر أن هذا العمل بما فيه من صلاة ودعاء واستغفار ليس مخصوصاً بيوم الأحد من شهر ذي القعدة فقط ، وانما يمكن إتيانه في أي يوم من أيام هذا الشهر، بل وفي غيره من الشهور ودليل ذلك ما نطق به الرسول (صلى الله عليه واله) في ذيل الرواية عندما سأله المسلمون: قلنا: ((يا رسول الله لو أن عبداً يقول في غير الشهر ؟ فقال عليه السلام : مثل ما وصفت ، وإنما علمني جبرئيل عليه السلام هذه الكلمات أيام اسرى بي ))
أي يمكن أن يقول بما وصفه رسول الله من أوصاف هذا العمل في غير هذا الشهر وإنما علّمه جبرائيل هذه الكلمات حينما أسرى به في حادثة الإسراء المشهورة.
والاعتبار يساعد على ذلك لأن الرسول ( صلى الله عليه واله ) كان بصدد تعليم المسلمين عملاً يتقربون به الى الله تعالى، ويعلنون به توبتهم، ورجوعهم لساحة قدسه تبارك وتعالى ، وهذا لا ينحصر في شهر ذي القعدة فضلاً عن أحد من آحاده.
إنّما تكشف هذه الرواية عن سعة رحمة الله وبالغ منه ولطفه بعباده إذ فتح لهم أبواب التوبة مشرّعةً، وأوحى إلى حبيبه (صلى الله عليه واله) أن يعلّم الناس طرق سلوك أبواب رحمته كي يتوب عليهم.
وهو القائل: (( إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ))
وفق الله المؤمنين والمؤمنات الى صالح الاعمال ، وتقبلها منهم بقبول حسن ، وأدخلهم في باب توبته ورحمته، آمين رب العالمين.
والتمس منهم ان يشملوني معهم ووالديَّ بخالص دعائهم المبارك
الشيخ ميثم الفريجي