مهّد الإمام الحسن عليه السلام لاختبار الناس ومعرفة مدى إيمانهم بالحرب والإستعداد لها حينما خطبهم قائلا: إنّا
والله ما يثنينا عن أهل الشام شكّ ولا ندم، وإنّما كنّا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فشيبت السلامة بالعداوة،
والصبر بالجزع.
ألا وإنّ معاوية دعانا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله، عزّ وجلّ، بظبى السيوف، وإن
أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضى. فناداه النّاس من كلّ جانب: البقيّة البقيّة! وأمضى الصّلح».
وقال الشيخ المفيد في الإرشاد: وسار معاوية نحو العراق ليغلب عليه فلما بلغ جسر منبج تحرك الحسن (ع) وبعث حجر بن عدي
فأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ثم خفّ معه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه (ع) وبعضهم
محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم وبعضهم شكاك وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء
قبائلهم لا يرجعون إلى دين…. ونظر الإمام الحسن (ع)- بعد حوادث جرت في تلك الاثناء- في أمر الناس. فازدادت بصيرته بخذلان القوم له وفساد نيات المحكمة فيه بما أظهروه له من السبّ والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ولم يبق معه من يأمن غوائله
إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام، فاستجاب للصلح.
وعن سليم بن قيس الهلالي قال: قام الحسن بن علي بن أبي طالب على المنبر حين اجتمع مع معاوية فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: أيها الناس إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلاً ولم أرَ نفسي لها أهلاً وكذب معاوية. أنا أولى الناس بالناس في كتاب
الله وعلى لسان نبي الله فأقسم بالله لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ولما
طمعتم فيها يا معاوية…
وفي رواية أخرى أنه عليه السلام قال: لو وجدت أعوانا ما سلمت له الأمر لأنه محرم على بني أمية.
وقال في معرض الجواب عن سؤال أحد المعترضين على الصلح: والله ما سلمت الأمر إليه إلا أنّي لم أجد أنصاراً ولو وجدت أنصاراً
لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً.