إن مواقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تختص بجيل دون جيل، وقد بلّغ الشاهد الغائب، ووصلت وصيته في يوم غدير خم إلى الأمة الإسلامية جمعاء، وتلطّف العليم الخبير بها حتى وصلت إلى جميع الأمة متواترة لا شك في ألفاظها، إلا عند من يفضل الشك، وأفلتت تلك الوصية من جميع مشاريع التزوير، وغلبت طموح المبطلين.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.. وقال: ألا فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره..).
وقد أدى الجيل المعاصر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيعته في حضوره المبارك، فقال عمر لعلي (عليه السلام): (بخٍ بخِ لك (هنيئاً) يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي وملى كل مؤمن ومؤمنة).
فإذا كان المقصود بالولاية الطاعة التي أكدتها واشترطتها البيعة فقد كان لذلك الجيل موقف سلبي من هذه البيعة بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بشكل لا يليق بحق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم، إذ بادروا على عجل في اختيار خليفة لهم من دون موافقة علي ولا مشورته.
وإذا كان المقصود بالولاية المحبة، فالتقصير أبلغ حتى أن ابنة نبيهم الكريم فاطمة سلام الله عليها ماتت وهي غاضبة على رموز الاتجاه الجديد في الأمة.
هذا وإن المحبة لا تحتاج إلى البيعة والبخبخة، وكان ينبغي أن تكون المحبة دافعاً لترشيح علي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو كان للأمة أن تختار لنفسها.
فعلى الأمة اليوم أن تفكر في مسؤوليتها تجاه تلك الوصية وتتخذ موقفاً مناسباً لها دون التقيد بموقف أسلافهم ممن يسمونهم شهود الإسلام، وما هم إلا شهود الخط الذي عدل عن علي (عليه السلام) فصار هو العامل الأكبر للانحراف عن عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصيغت لهم الأمجاد التي تبقي تعلق الناس بهم، حتى وجدنا اليوم بعد الأكاديميين يصل إلى نتيجة ثبوت حديث الثقلين وحجيته ولكنه يتمسك بموقفه المذهبي لأنه ليس من المعقول -عنده- أن يخالف كل هذا العدد من الصحابة، الذين تربى في مجتمع يمجدهم ويتوارث مناقبهم التي صيغت لهم لاحقاً والتي لا تبرر مخالفتهم لأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيته ونقضهم لبيعتهم.
بل وجدنا بعضهم يُحرج إلى درجة يحاول معها تبرير الانحراف بموازين غير دينية، كما قال حافظ إبراهيم: (وقَولة لعلي قالها عمرٌ × أكرم بسامعها أعظم بملقيها. حرّقتُ دارك لا أبقي عليك بها × إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها. ما كان غير أبي حفصٍ بقائلها × أمام فارس عدنان وحاميها).
عماد علي الهلالي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية