العوامل الرئيسية التي توفر الصفاء والنقاء والوفاء في الحياة الزوجية فتبدأ من تحمل الرجل نفقات المرأة وإشراكها بصورة عملية في أمواله.
والأهم من ذلك تأمين غريزة الاستمتاع في محيط الزوجية، وتميز المحيط الكبير للمجتمع بالعمل والنشاط. وإن التدابير التي أوصى بها الإسلام في شأن الحياة الزوجية وفي كل علاقة بين زوجين، كانت السبب في انتشار مثل هذه العلاقات الصادقة من الحب والصفاء والود بصورة كبيرة في المجتمع الإسلامي، وعلى عكس ما هي عليه البيئة الأوروبية اليوم.
يذكر القرآن الكريم لنا في إحدى آياته أن العلاقة الزوجية علامة من العلامات الدالة على وجود الله عز وجل، ويقرن هذا الذكر بعبارتي المودة والرحمة، وكما نعرف فإن: “المودة والرحمة” تختلفان عن الشهوة والميل الطبيعي، فتقول الآية الكريمة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم موَدةً وَرَحْمَةً﴾2.
ويصف “ويل ديورانت” هذا الصفاء والإخلاص اللذَين يدومان حتى بعد خمود الشهوة فيقول “إن الحب لا يصل إلى مرتبة الكمال إلا عندما يعمل بحرارته وتأثيره المرغوب على تخفيف المعاناة من حالة العزلة والشيخوخة والاقتراب من ساعة الموت. والذين يصفون الحب بالميول والرغبة إنما ينظرون إلى منشأ الحب وشكله فقط. إن روح الحب ستبقى مع المحبين حتى بعد زوال الجسد المادي، وفي الأيام الأخيرة للعمر إذ تتعلق القلوب الشائخة بعضها ببعض ويصل الجسم الجائع إلى كماله بصورة معنوية يرة للدهشة”.
ومع الفارق الموجود بين رأي الإسلام في الحب والعفاف ورأي “ويل ديورانت” إلا أن الحب عند “ديورانت” يتميز بالهجران وفي الإسلام بالوصال، ويكون الأول من النوع الهائج المجهد والثاني يكون هادئاً وساكناً، إلا أنهما يشتركان في خصيصة واحدة: فكلا النوعين زهرة ناعمة تنمو وتتفتح فقط في مجتمع تحكمه خصلتا العفاف والتقوى…