الإنفاق في سبيل الله تعالى يحقق منافع متعددة ومصالح متنوعة في الدنيا والآخرة ومنها:
1. اقتصادية تعود على الفرد نفسه فحينما ينفق، وصور الإنفاق متعددة فقد تكون معونة وصدقة، فحينما يلتزم ميسورو الحال بذلك فإن كل فرد منهم ستنتعش وإراداته وأرباحه وتنشط تجارته وفعاليته الاقتصادية، فلو فرضنا أن ألف ميسور حال التزام بالإنفاق الواجب فإن أضعاف هذا العدد من الفقراء والمحتاجين سيجدون مصدراً استهلاكياً يطلبون به ما يتاجر الميسورون به، وقد ينتفعون منه بأعمال وفعاليات تجارية واقتصادية منتجة تعتمد أيضاً على أنشطة الميسورين الاقتصادية فتحرك بذلك أعمال وأرباح الميسورين.
2. ومن أوجه الإنفاق القروض، ولعل الروايات الشريفة حثّت على استحبابها أكثر من مجرد الصدقة والمعونة لأنها تستهدف الإنتاجية وتحريك المحتاج للعمل والكسب وتوفر له فرص العمل، والتزام الميسورين بهذا الفعل المستحب سينشط حركة السوق والعمل التي يتصدر ويدير الميسورون دفة أعمالها ونشاطاتها فتكون نتائج تحريك وتوفير فرص عمل للمحتاجين من خلال هذه القروض مساهماً في إيجاد مجالات جديدة وكثيرة لتصريف وتسويق منتجات ومخرجات أعمال الميسورين الاقتصادية والتجارية.
3. إن سدّ حاجة الفقراء والمحتاجين من خلال أوجه الإنفاق الواجبة والمستحبة التي يؤديها الميسورون ستسهم في توفير مصدر عيش كريم للمحتاجين والفقراء تمنعهم من الجنوح إلى أعمال غير شرعية وغير قانونية تهدد أمن المجتمع، فيكون دفع هذا الجزء اليسير من الإنفاق الواجب أو المستحب عاملاً مهماً في توفير بيئة اقتصادية واجتماعية آمنة لحركة أموال الميسورين، وبخلافها فإن حركة التجارة والاستثمار تتهدد، وقد قال المختصون إن رأس المال ينتعش في المجال الآمن ويهرب وينكمش في الأجواء غير الآمنة.
4. يسهم الإنفاق في محله وعلى مستحقيه في منع بروز ونفوذ السلطات السياسية المستبدة ويجفف منابع الفساد المالي والإداري في السلطة والحكم، فمع ضعف أو غياب التكافل المطلوب تحمله من قبل الميسورين تجاه الفقراء والمعوزين والمحتاجين، يعيش كثير منهم بظروف قاسية قد تضطرهم لمسايرة المخادعين والماكرين من السياسيين فيندفعون لانتخابهم والمساهمة في فوز المرشحين المرتبطين بهم، فيكون وصول أولئك المتاجرين بمعاناة الفقراء والمستغلين لسوء أحوالهم المعاشية إلى السلطة سهلاً ويسيراً، وعندها يوظفون صلاحيات السلطة وقراراتها لقضم ثروات الشعب وأموال الدولة العامة.
5. إن ما تضمنته هذه الالتفاتة الشريفة في خطاب المرجعية تؤكد قابلية الدين الإسلامي على تحقيق السعادة وتأمين مصالح الفرد والمجتمع في الدنيا ولا تقتصر ثمار الالتزام بالدين وتفعيل دوره في قيادة حياة الناس على الفوز بالآخرة.
6. تؤكد هذه الاثار الملموسة للالتزام بأحكام الدين الإسلامي على المبنى الذي يقول بانطواء الأفعال بنفسها على مصالح واقعية وليست مجرد توجيهات اعتبارية فيحكم الشارع بوجوبها أو استحبابها تبعاً لشدة مصلحتها، أو على مفاسد فيحكم الشارع بحرمتها أو كراهتها تبعاً لشدة مفسدتها .. واستقراء الثمار والآثار الدنيوية الصالحة التي تعود على الفرد والمجتمع من جراء التزام أحكام الدين سيشكل دليلاً يقينياً إضافياً – بتراكم الاحتمالات – بقدرة الدين الإسلامي على إسعاد البشرية في الدنيا وفوزها في الآخرة .. والملاحظ أن خطابات المرجعية الرسالية طافحة بمثل هذه الالتفاتات والإشارات المهمة.
7. تعميق ثقافة الامة بمثل هذه الحقائق وإقامة الشواهد والامثلة عليها سيسهل عملية إزاحة المعتاشين على الدين والمتقمصين لمواقع إدارة شؤونها وأمورها، الذين يبررون فشلهم وعدم اهليتهم او انحرافهم عن إقامة العدالة والإنصاف بين أبناء الأمة بالاتكاء على خطابات (تحمّل يا فقير، واصبر يا مظلوم،.. فان جزاءك الجنة !!) بينما يتنعمون هم بمقدرات وموارد الأمة ويستأثرون بها.
8. يؤشر اهتمام المرجعية بهذا المنهج في كشف وبيان وقراءة مصالح أحكام الدين الإسلامي الحنيف ومنافعها الفردية والاجتماعية على حياة الإنسان في الدنيا – إضافة إلى فوزه بالآخرة – ونشره بين صفوف الأمة وأفرادها على خاصية وصفة تنفرد بها المرجعية الرسالية، وهي تطبيق مضمون الحكمة (حببوا الله تعالى إلى عباده ..) وهو أسلوب يعكس رأفة وحرص شديد من المرجعية على شدّ الأمة إلى الدين والالتزام به منهجاً للحياة الكريمة.
9. يمثل هذا الطرح – بمضامين هذه الالتفاتة وغيرها – دعوة بلسان عصري وخطاب واقعي إلى أبناء الإسلام لتعزيز ثقتهم واطمئنانهم بقدرك الإسلام على قيادة الحياة وتحقيق السعادة، وإلى بقية الأمم إلى الالتفات إلى عظمة الاسلام وأنه هو الحل الذي تبحث عنه البشرية للخلاص من معاناتها وحيرتها وضياعها.
عبد الزهراء الناصري
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية