كتب الشيخ ميثم الفريجي: ينقل أبو مخنف في مقتله، وغيره من المصادر، وفي أجواء دخول سبايا أهل البيت عليهم السلام ورؤوس ساداتهم إلى الشام.
عن سهل بن سعيد الشهرزوري. ـ وهو من موالي أهل البيت ومحبيهم ـ أنه قال: … (ثم أقبلتُ على عليّ بن الحسين (عليه السلام). وقلتُ له: مولاي هل لك من حاجةٍ؟ فقال لي: هل عندك من الدراهم شيء؟ فقلت: ألف دينار وألف ورقة. فقال: خذ منها شيئاً وادفعه الى حامل الرأس وأمره أن يُبّعِّده عن النساء حتى تشتغل الناس بالنظر إليه عن النساء. قال سهل فعلت ذلك ورجعت اليه وقلت له: يا مولاي فعلت الذي أمرتني به. فقال: لي حشرك الله معنا يوم القيامة…). أقول: في هذا الموقف من العِبرة والعَبرة ما يقطِّع القلب، ويُقْرِحَ الجُفُونَ، ويُسْبِلَ الدُمُوع، ويفجّر الغيرة والعفّة، ويخلق الوعي والبصيرة (َأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا).
وأشار الشيخ الفريجي، إلى أنه هنا نكتفي برسالتين:
الأولى: إلى العوائل المؤمنة العفيفة الملتزمة نساؤها بالحجاب والعفة والطهارة: ارفعوا رؤوسكم، وافتخروا بعفة وحجاب نسائكم، ولا يضرّكم كثرة الضجيج من حولكم بعنوان الحداثة. وحرّية المرأة، والتمدّن، وأن الحجاب تخلّف، والواقع يحتاج إلى موضة وتغيير، ومكياج صارخ، ولباس فاتن، وقصّات شعر حديثة، وسفور مقنّع. فضلاً عن التبرّج الواضح … وغير ذلك، فهذا سجّاد أهل البيت؛ وابن رسول الله؛ وأمير المؤمنين؛ والزهراء؛ صلوات الله عليهم. وهو أسير مكبّل قد قُتل أميره ووالده وعمّه وأخوته وبنو عمومته وأهل بيته وهو في أشدّ محنته حين دخوله الشام.
ومع ذلك يراعي ستر نسائه وعفتهنَّ وهُنَّ بأسوء حالٍ، ويجتهد في أبعاد العيون عنهنّ، ولو بتقديم رأس سبط النبي وسيد شباب أهل الجنة. وهو محمول على رمح طويل، لينشغل الناس بالنظر اليه عن النظر إلى نسائه.
الثانية: إلى العوائل المسلمة والمؤمنة، التي لا تراعي لنسائها الحجاب والستر والعفاف، وترتضي منهنَّ الخروج سافرات متبرجات متزيّنات متمكيجات بفنون الأصباغ والموضات. والقرآن ينادي: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ…) النور:31. (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الأحزاب: 59.
ورسول الله وأهل بيته يوصون بالستر والحجاب والابتعاد عن التزيّن أمام الرجال الأجانب وفي ذلك العشرات من الأحاديث الشريفة. وفيما صدر من الإمام السجاد عليه السلام من حفظ ستر أخواته وعماته ونساء أهل البيت عليهم السلام من العيون ولو كان بتقديم رأس سبط النبي وسيد شباب أهل الجنة لينشغل الناس بالنظر إليه عن النظر إلى نسائه. خير واعظ ودرس وحجة ودليل يدفعكم لتغيير منهجكم وسيرتكم وإبداء الغيرة والحمية على نسائكم، وأنتم تنسبون أنفسكم إلى الإسلام وإلى النبي وأهل بيته. والقرآن يحذركم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم: 6، فما لكم كيف تحكمون…!
اللهم أشهد أنّي فد بلغت ….
الشيخ ميثم الفريجي
مركز الإمام الصادق (ع) للدراسات والبحوث الإسلامية التخصصية
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية