عندما تقوى روح الإنسان، وتمتلئ بالصفات الإلهية، وينال منزلة القرب من الله، فإنّ إرادته (بمشيئة الله) ستؤثّر في العالم التكويني، وسيحدث له ما يريد، وهذه هي الولاية التكوينية التي تمتع بها أولياء الله، وهي منبع كراماتهم المختلفة، التي تميّز الأنبياء (صلّى الله عليه وآله) بأعلى مراتبها وهي المعجزات.
ولقد حبا الله فاطمة الزهراء (ع) بمقدار كبير من تلك العناية الإلهية، وهذا ما تدلُّ عليه الرواية التالية:
٣٠- نقل كثير من مفسري العامة ومنهم (الزمخشري) في (الكشّاف) و(السيوطي) في (الدرّ المنثور) في أسفل الآية الشريفة:
(كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال: أقام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أيّاماً لم يُطعم طعاماً، حتى شقَّ ذلك عليه، فطاف في منازل أزواجه، فلم يجد عند واحدة منهنَّ شيئاً، فأتى فاطمة (عليها السلام) فقال:يا بُنية، هل عندك شيء آكله، فإنّي جائع، فقالت:لا والله ، فلمّا خرج من عندها، بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة، فأخذته منها فوضعته في جَفنة لها، وقالت :والله لأؤثرنّ بهذا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على نفسي ومَن عندي، وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبعة طعام، فبعثت حسناً إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فرجع إليها فقالت له:بأبي أنت وأمّي قد أتى الله بشيء قد خبّأته لك، فقال:هلمّي يا بنية، بالجَفنة، فكشفت عن الجَفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً، فلمّا نظرت إليها بهتت، وعرفت أنّها بركة من الله، فحمدت الله تعالى، وقدّمته إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، فلمّا رآه حمد الله، وقال:من أين لك هذا يا بنية؟ قالت: يا أبت، هو من عند الله إنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب، فحمد الله ثمّ قال،الحمد لله الذي جعلكِ شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل، فإنّها كانت إذا رزقها الله رزقاً فسُئلت عنه، قالت هو من عند الله إنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب.
ثمّ جمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام)، والحسن والحسين (عليهما السلام)، وجميع أهل بيته، فأكلوا منه حتى شبعوا، وبقي الطعام كما هو، فأوسعت فاطمة (عليها السلام) على جيرانها….. (نقله الزمخشري في الكشّاف في ذيل آية ٣٧ من سورة آل عمران، وكذلك السيوطي في الدر المنثور، والثعلبي في قصص الأنبياء، ص ٥١٣.)
الزهراء سيدة سناء العالمين (ع) —ص 64
آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية