كلمة مختصرة في ذكرى استشهاد الإمام الصادق (ع) عظم الله أجورنا وأجوركم وأجور جميع المسلمين
الحفاظ على الهوية الإسلامية للدولة بدلاً عن العلمانية
أسهم نشاط الإمام الصادق (عليه السلام) في نشر الروايات والفقه في رفع مستوى علم الفقه في الوسط الإسلامي عموماً، وليس في الوسط الشيعي الخاص، وكان يعطي كل شخص ما يكون حجة عليه، فإذا كان شيعته بين يديه كلّمهم بالتشريع مباشرة، وإذا كان عنده بعض فقهاء العامة كالحكم بن عيينة أخرج لهم صحيفة علي (عليه السلام) وأطلعهم على الحكم منها، وكان في أصحابه الكثير من العامة، ولا شك أنهم كانوا يروون عنه لنظرائهم من الرواة كما رووا لرواة الشيعة، وكان الصادق (عليه السلام) ينتقد المنهج الاستدلال في الفقه والتفسير لبعض رجال العامة كأبي حنيفة، رغم أن أبا حنيفة لا يفتي للشيعة، ولكنه (عليه السلام) يعتبر نفسه -وهو الحق- قيّماً على الدين في الوسط الإسلامي كله، فيصحح لهم جميعاً.
ويخطر في الذهن أنه (عليه السلام) أسهم في تأهيل الفقهاء الذين اتخذت الحكومات مذاهبهم الفقهية مذهباً للدولة، لكي لا تتحول الدولة الحاكمة للعالم الإسلامي إلى دولة دنيوية (علمانية)، فإن الحاكم المستبد إذا رأى أن العلم الديني كله عند أهل البيت (عليهم السلام) فإنه قد يرفع يده عن الدين ويشجع على إهماله ويكون أول من يخرقه إذا فشل في الظهور بمظهر الراعي للدين، كما كان بعض حكام بني أمية يحاوله، ولكنه حين يرى أن من الممكن تضليل المجتمع وصبغ الحكومة بمظهر ديني من فقهاء لا ينتمون لأهل البيت (عليهم السلام) فإنه سيلجأ إلى هذا الخير ليخدع به بسطاء الأمة.
ولو تصورنا أن الإمام الصادق (عليه السلام) وقف بين خيارين أحدهما علمانية الحكومة وثانيهما أن يكون للحكومة مذهباً إسلامياً خارج التشيع، لفضّل الخيار الثاني للحفاظ على البيئة الإسلامية التي تحتفظ بالكثير من المشتركات وبهوية الدولة الإسلامية.
مثال ذلك الحملة الإيمانية التي كان يرفع شعارها نظام صدام المجرم بعد أن كان علمانياً ومتجبراً ضد المتدينين، فإنها كانت بيئة أفضل من بيئة الترويج للعلمانية العفلقية، وكانت ذريعة للاعتراض على قرارات بعض المسؤولين التي لا تنسجم مع الإيمان كقرار وزارة التربية آنذاك أن على الطالبات نزع حجابهن في الصورة التي تُقدّم لهوية الدخول في امتحان البكالوريا، فنتذكر اعتراض الشيخ محمد اليعقوبي على هذا القرار والتنديد بالمسؤول عن القرار ومؤاخذته بعدة نقاط، منها أنه لا ينسجم مع الحملة الإيمانية التي تدعو إليها الحكومة، مما أدى بعدها إلى إلغاء القرار في أول إجراء مماثل لحكومة صدام المتجبرة التي لا تتنازل عن قراراتها جراء الاعتراضات المحلية. ومنها نقد سماحة الشيخ يومها لما تقدمه قناة تلفزيون الشباب التابعة لابن المقبور المعقور عدي صدام.
وقد جرى هذا الاحتجاج قبله على لسان السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) في احتجاجه على منع الحكومة المشي لزيارة الحسين (عليه السلام) في المناسبة الشعبانية، وأنه مخالف للحملة الإيمانية، في أول نقد محلي علني لسياسة الحكومة وفضح نفاقها في ما ترفعه من شعار الإيمان.
الإمام الصادق
عماد علي الهلالي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية