بصفتي مواطن عراقي تسبب الانسداد السياسي بخنقه وأذيته حاله حال كثير من المواطنين العراقيين ارتأيت أن أطرح وجهة نظري في بيان كيفية الخروج من حالة الانسداد السياسي …!!
قد سبق وأن شخصت المرجعية الرشيدة بعض القنابل الموقوتة في قانون إدارة العراق للمرحلة الانتقالية حيث كشفت المرجعية أن ما تضمنه قانون ادارة العراق للمرحلة الانتقالية من أن تشكيل مجلس الرئاسة من ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية بالقنابل الموقوتة التي تشل العملية السياسية[ 1 ].
هذا القانون وكذلك الدستور أعطى للثلث حق شل العملية السياسية بل وأعطى لأقل من ذلك (ثلثي ثلاث محافظات) حق نقض الدستور ورفض التعديلات عليه!
وعبرت المرجعية لأكثر من مرة عن هذه الحالة غير الصحيحة وهي مسألة الثلث (المبتز أو المعطل أو الضامن بحسب تطور تسمياته) وقد قالت أن هذه المسألة تسبب حالة انسداد سياسي إذا لم يتم الاذعان لابتزاز هذا الثلث[ 2 ] علما أن الثلث (على مختلف تطور تسمياته) تم وضعه من قبل إحدى الأقليات بحجة منع نشوء دكتاتورية وتفرد بالسلطة كما كانوا يدعون ولكن الحقيقة أن هذه المسألة جعلت هذه الأقلية التي هي جزء من الثلث تتمدد أكثر من حجمها …
وفي وقتها كانت المرجعية الرشيدة قد اعلنت انها مستعدة لحل الجمعية الوطنية للضغط على الولايات المتحدة واحراجها أمام العالم[ 3 ] لأجل التصحيح … ولكن يد واحدة لا تصفق!
لذا استمرت العملية مع الأسف ولم يتم الاستجابة لنداء وتوجيه المرجعية الرشيدة المطالب بالتصحيح وتعديل بعض فقرات الدستور قبل التصويت الشعبي عليه[ 4 ] لأن هناك من بادر وأبدى موقفه حتى يضعف موقف المرجعية الرشيدة وقد تحقق لهم ذلك وخسر العراق والعراقيين كثيرا بسبب هذا الموقف وغيره …
والان نرى أن الذين دافعوا عن مسالة الثلث (المبتز أو المعرقل أو الضامن) يكتوون بناره حيث أقدمت الأغلبية الفائزة في الانتخابات من المكونات الثلاثة على التحالف فيما بينها فشكلوا تحالفا وطالبوا بالأغلبية الوطنية كما يسمونها والأقلية الفائزة في الانتخابات من المكونات الثلاثة اجتمعوا في تحالف فشكلوا الثلث المعطل أو الضامن سمه ما شئت بعد أن كان أكثرهم يمقت هذه المسألة …
في هذه المرحلة نجد أن التحالفات لم تشكل على أساس طائفي كما يبدو إنما على أساس تفاهمات سياسية …
وقد مرت ثمانية أشهر على اعلان نتائج الانتخابات وليس هناك أي بوادر تلوح بالأفق لانفراج الأزمة … وكلا المعسكرين متمسك برأيه ويسوق الأدلة على صحة موقفه والشعب يعاني الأمرين بسبب التعطيل وغلاء المعيشة … فالحل ما هو؟!
بصفتي مواطن فقير بسيط أقول ان الحل يتلخص بما يلي:
– على المعسكرين الاتفاق على تعديل الدستور والغاء (الثلث المبتز أو المعطل أو الضامن سمه ما شئت) … بالإضافة إلى تعديل بقية العقد الموجودة في الدستور مع الابقاء على ايجابياته ويعتمد أساس المواطنة في الحقوق والواجبات ويكون شعار الجميع وهدفهم هو الوطن الحر المستقل السيد الذي يحفظ كرامة أبنائه ويحقق لهم السعادة والازدهار في حاضرهم ومستقبلهم.
الكل يعلم أن عدد المصوتين على الدستور سنة 2005 هو (9٬852٬291) صوَّت (7٬742٬916 ) بـ (نعم) و صوَّت ( 2٬109٬374 ) بـ (لا) وقد جاء أربعة عشر جيلاُ بعد هذا التصويت وهم غير ملزمين بالدستور الحالي فعدد من يحق له التصويت الآن بحسب الانتخابات الأخيرة هو (20،919،844) أي أكثر من مرتين ونصف من عدد جميع المصوتين على الدستور الحالي (سواء بنعم أو لا)!!
يعني أن نسبة عدم المصوتين على الدستور منذ التصويت عليه سنة 2005 إلى الآن والرافضين له أثناء التصويت عليه سنة 2005 هي 200٫70% أكثر من ضعفين ونصف عدد المصوتين لصالح الدستور!!
– إجراء انتخابات مبكرة
– يسبقها تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة حقيقية من مهنيين وطنيين موضوعيين
– تعديل قانون الانتخابات بالشكل الذي يحفظ ارادة الناخبين وليقول الشعب حينئذٍ كلمته في من يدير شؤون البلاد بعيداً عن فرض الارادات بالقوة على تكون المحافظة دائرة واحدة ويكون التصويت للأفراد يفوز المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات …
– لأجل العمل بالأغلبية السياسية أو الوطنية من الضروري أن تكون التحالفات مشكلة على أساس البرامج السياسية وليس على أساس طائفي وقد جربنا الانتخابات والتحالفات على أساس طائفي لم يحصل العراقيون إلا على الظلم والبؤس والحرمان والقتل والتدمير فلم ينفع ساسة الشيعة شيعة العراق فمدن الوسط والجنوب مدمرة والفقر والحرمان نصيب أغلبية أبنائها وكذلك ساسة الكرد لم ينفعوا كرد العراق فكثيرا ما نسمع عدم صرف رواتب الموظفين وتأخيرها لعدة أشهر وكذلك ساسة السنة لم ينفعوا سنة العراق فالدمار يضرب مدنهم بسبب سياسات قادتهم فالنهج الطائفي لا ينفع إلا الفاسدون تجار الأزمات عبيد الأجندات الخارجية والشعارات الطائفية لا تنطلي إلا على السذج وهؤلاء بات عددهم ليس أغلبية بدليل الانتخابات الأخيرة واعراض الكثيرين عن المشاركة
فيها لذا من الضروري أن يكون الوطن والمواطنة هو المعيار في البرامج السياسية لقادة الأحزاب وشعاراتهم وعلى أساسها ينتخب العراقيون …
– يكون اختيار الرئاسات الثلاثة وتشكيل الحكومة التي تفرزها الانتخابات المبكرة القادمة من قبل الأغلبية الوطنية وليس الواجب على الأغلبية اشراك جميع الأحزاب والتحالفات بتشكيل الحكومة ولكن من واجبها اشراك جميع العراقيين في بناء الدولة وعدم الاستئثار.
– اعطاء المعارضين والمستقلين غير المشتركين في الحكومة حق ترشيح المستقلين الكفوئين للإشراف على عمل الأجهزة الرقابية (ديوان الرقابة المالية – هيئة النزاهة – ديوان التفتيش العام الذي يضمّ المفتشين العامين في الوزارات) ولا يحق لهذه الهيئات الحديث لوسائل الاعلام عن المتهمين بملفات فساد من أجل تسقيط وتشويه سمعة المسؤولين لأهداف سياسية أو ابتزاز ولا يتم اعلان النتائج إلا بعد أن يصدر القضاء العراقي حكمه البات بهذه الملفات …
وبهذا المقترح نضمن توسيع المشاركة في العملية السياسية وتقليل دائرة المعارضين لها وتفعيل دور المؤسسات الرقابية للقضاء على الفساد.
هذه بعض المقترحات التي أراها ضرورية للخروج من حالة الانسداد السياسي …
المصادرــــــــــــ
[ 1 ] نشرة الصادقين العدد (16) الصادر بتاريخ 8 آذار 2005م.
[ 2 ] أنظر كلمة سماحته التي ألقاها في وفد من فضلاء مدينة الفجر وقلعة سكر بتاريخ آذار 2005 وكانت بعنوان (الصراع الدائم بين الكثرة والقلة) (تسجيل فيديوي).
[ 3 ] المصدر السابق.
[ 4 ] أنظر: خطاب المرحلة ج4 ص176.
محمد النجفي