إذا سكن وجدانك الآن، اسمح له أن يتهيّأ لإحياء هذه الشعيرة..
* أولاً: إذهب بقلبك إلى كربلاء:
عند استقبـال شهر محرّم الحـــرام، يسترجع المؤمنون أحداث هذه الذكرى، ويستشعر وجدان كلّ منْتَمٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشاعر خاصّة، ومتنوّعة: وقفات العزّة والإباء، والصبر والتحمّل في سبيل الحقّ، مواقف الإمام أبيّ الضيم، وكيف وقف عليه السلام وحيداً فريداً أمام جيش جرّار مدجَّج بالسلاح، ما استكان ولا انهزم، ولا تسلّل الضعف إلى قلبه، ولا تسرّبت الهزيمة إلى نفسه. يسترجع المؤمنون مشاهد شباب ضُرّجوا بدمائهم على ثرى كربلاء، ونحرٍ مذبوحٍ لطفل رضيع تخشّب لسانه عطشاً، وصراخ الأطفال والنساء واليتامى، والأَسر والسبي لقرّة عين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
بالنسبة إلينا تمثّل عاشوراء إحياء الدين، وبقاء الرسالة واستمرار النبوّة، وديمومة الوحي. فإحياؤها إحياء الدين، وإقامتها الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانياً: إبدأ بوعي القضيّة
ينبغي أن يكون التعامل مع شهر محرّم نابعاً من وعي المحبّ، بأن لا يُقيم مناسبة عاديّة، ولا يؤدّي طقوساً اعتادها، بل أن يشعر بعاشوراء لتحيي القلب والفؤاد، تعيد لذاك المُحبّ الانتماء الحقيقيّ إلى الإسلام الأصيل، حين يعزم في نفسه من بداية شهر محرّم أنه يريد التغيير في روحيّته وذاته، بأن يصير متماهياً مع الأهداف الحسينيّة، ليصبح سلوكه سلوكاً حسينيّاً.
* ثالثاً: التزم السلوك الحسينيّ
وعي القضيّة وحجمها وأبعادها، سينعكس لا محالة على السلوك، إن كان الوعي حقيقيّاً.
فهل يكفي أن يحضر المُحبّ مجلساً حسينيّاً ويرتدي السواد ويرفع الرايات (وهذا كلّه مطلوب)، ثمّ يتصرّف في سلوكه خلاف ما يسمعه من وعظ وإرشاد؟! هنا تبرز أسئلة للحسينيّين الصادقين:
– هل أحضر مجالس الحسين عليه السلام بجسدي دون أن ينعكس ذلك على نفسي وسلوكي؟!
– هل أكون حسينيّاً باللطم والبكاء، وأكون متفلّتاً من كلّ تعاليم الحسين عليه السلام من صلاة وصدق وإيثار وصبر؟!
– هل أكون زينبيَّة بالسواد والرايات، ويكون حجابي وردائي ممّا تنفر منه السيّدة زينب عليها السلام ؟!
– هل أقيم المجالس ولكنّني لا أقاوم العدوّ، وأقف مواقف الذلّ، وأتركهم يحتلّون أرضي ويدنّسون مقدّساتي؟!
إنّ مثل هذه النماذج هي في الحقيقة لم تعِ كربلاء ولم تعرف معنى الإباء؛ لذلك من أهمّ الآداب على الموالي أن يعزم في نفسه بأن يصير حسينيّ الموقف، وحسينيّ السلوك. وهذه الأيام العاشورائيّة، خير معين لهذه المهمّة؛ للتغيير الجذريّ في النفس.
﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الرعد: 11).