بسم الله الرحمن الرحيم
قد يستغرب البعض من الهجمات المتكررة على المرجع الشيخ اليعقوبي تارة ممن حسب نفسه على الإسلاميين، وتارة أخرى ممن ينتمي لجهات معادية للإسلام والدين بشكل عام، ومن حق الذي يستغرب أن يجهر بصوته عسى أن يجد من يرفع استغرابه.
لم أكتب هذه الأسطر تحيزاً لجهة أو حقداً على أحد بل أجدني أقف أمام مسؤولية تاريخية وشرعية لا يصح أن تتكرر المواقف السلبية والصمت الذي قتل أهل الحق قديماً وحديثاً، فلست بصدد صراع محموم تديره قوى خفية لا يعرف لها لوناً أو رائحة، فالحقيقة ضالة العقلاء وما يجري من تشويه وتزييف للحقائق لا يمكن السكوت عنه وترك المجتمع يصدق ما يطلق من أكاذيب. من الواضح أن التوجهات التي تعمل ضد الدين والالتزام به كمنهج تعادي المرجع اليعقوبي بسبب تبنيه أو اتباعه الحفاظ على دين الأمة، ووقوفه بحزم أمام كل المشاريع التي تهدف لمسخ المسلمين وتنازلهم عن دينهم وتبني اجندات غريبة عن الدين.
فقاموا بتشويه القانون الجعفري الذي هو حق مشروع لكل مواطن أن يعمل على وفق ما يتلاءم مع معتقده ودينه واستغفلوا المجتمع وصدروه على أساس أنه لتزويج القاصرات، وأطلقوا عليه قانون تزويج القاصرات متناسين الفوائد الجمة في القانون، وما يحققه من حفظ أواصر المجتمع.
وكذلك قانون حظر الخمور الذي وقفوا ضده وأشاعوا بأن من يتبنى هذا المشروع يريد الترويج للمخدرات وخلطوا الأوراق على الناس. وقانون حماية الأسرة من العنف الأسري وحقيقته تفكيك الأسرة العراقية. فالمرجع الوحيد الذي يقف حائلاً بينهم وبين طمس الهوية الإسلامية هو المرجع اليعقوبي ويفضح كل مخططاتهم للأمة حتى لا يكونوا صيداً سهلاً لشياطين الإنس والجن.
فلم نجد مرجعاً وقف بحزم أمام هذه المشاريع الشيطانية غيره لذا عندما أقول الحصن الأخير أنا أعني هذه الكلمة ولا أجانب الحقيقة، وبهذا فإنه يجسد روايات أهل البيت (عليهم السلام) عندما وعدوا الأمة بضرورة بقاء الحصن الذي يحمي دين الأمة، فقد ورد عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكير خبث الحديد) . (اختيار معرفة الرجال الشيخ الطوسي ج 1 ص 10).
فقوى الظلام تدفع الأموال لفئة منبوذة من المجتمع العراقي تحت عناوين مؤسسات مجتمع مدني وحقوق المراءة لتعمل معاولهم الصدئة للنيل من حصن الدين، فالهجمات التي تشن على المرجع اليعقوبي إنما هي بدفع من تلك القوى العالمية.
ولعل الأكثر استغراباً ما صدر ويصدر ممن يحسب نفسه إسلامياً، لم يجدوا مثلبة في المرجع اليعقوبي فراحوا يخلطون الأوراق على الناس لأن بعض السياسيين يرجعون إليه بالتقليد، ولم يوجهوا الاتهامات لمراجع آخرين مع أن معظم ساسة العراق يرجعون إليهم بالتقليد! فلم يتمكن المنتقدون من توجيه الانتقاد لفقاهته وعلمه وعمله كمرجع اقض مضاجع الآخرين بموضوعاته والمستوى الذي يتحدث به، وأن الحوزة العلمية تدين له فمعظمهم تتلمذ على يديه أو شملته رعايته وعطفه الأبوي. ولو أنصفوا لقارنوا علم المراجع الآخرين بعلمه ودرسهم بدرسه، لكن الحقيقة التي تكمن وراء هذه الهجمات على مستويين:
المستوى الأول: ان من يدعم هذه الهجمات انما هو تبع لجهة من الجهات أما شرقاً أو غرباً، فإما يريد التقرب وإرضاء هذا الطرف أو ذاك، ومما يؤسف له أن كثيراً من الإسلاميين يقيسون الأمور بمقياس قبول ورفض أمريكا، فمثلاً قانون العنف الأسري تريده أمريكا أم لا؟ فاذا كانت داعمة له فهم سيدعمونه، وإذا كانت رافضة فسيرفضونه. وخلعوا لباسهم الإسلامي ولبسوا لباس المصالح والمطامع بدلاً عن الشريعة والدين. فالغالبية العظمى تخلى عن هويته الإسلامية ولا أعني بالهوية أن ينتسب إلى جهة إسلامية بل أن يجعل الشريعة الإسلامية نصب عينيه وأن يكون الدين شاخصاً في حياته. مع أن الإسلاميين هم الغالبية اجتماعياً وسياسياً.
المستوى الثاني: ان من يدعم هذه الهجمات يعلم يقينا لو ان المجتمع علم ما خفي عنه وما قاموا بإخفائه عن قصد وعمد لاتبعوه لأنه سيكون منقذا لهم، وقد شخصت الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) سبب ابعادهم امير المؤمنين (عليه السلام) وابعاد الناس عنه، حيث قالت في إحدى خطبها:
(وما نقموا من أبي حسن، نقموا والله منه نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله عز وجل، والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه وآله لإعتلقه، ولسار بهم سيرا سجحا (السجح : السير السهل) لا يكلم (لا يجرح ولا يدمي) خشاشه (الخشاش : ما يكون في أنف البعير من الخشب) ولا يتعتع راكبه (أي لا يكره ولا يقلق) ، ولأوردهم منهلا نميرا (مورد الماء) فضفاضا (كثيرا) تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطانا (البطان : جمع بطين ، وهو الريان) ، قد تخير لهم الذي غير متحل منه بطائل (أي كان لا يأخذ من مالهم قليلا ولا كثيرا ) إلا بغمر الماء (أي كان يشرب بالغمر ، والغمر : القدح الصغير) وردعه سورة الساغب (أي كان يأكل من ذلك قدر ما يردع ثوران الجوع) ولفتحت عليهم بركات السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر العجب وإن تعجب وقد أعجبك الحادث، إلى أي سناد استندوا ؟ وبأية عروة تمسكوا؟ استبدلوا الذنابى (ما يلي الذنب من الجناح) والله بالقوادم (ما تقدم منه)، والعجز بالكاهل). (معاني الأخبار الشيخ الصدوق ص 355) ما بين الأقواس ليس في المصدر وإنما أضفتها ليتبين المعنى.
هذا السبب الحقيقي الذي يستبطنه الإسلاميون لهجماتهم على المرجع اليعقوبي، ومن المؤكد أن السير بهذا الأسلوب فإن النتيجة تحدثت بها الزهراء (عليها السلام) وهي النتيجة الحتمية لاتباعهم هذا الأسلوب، حيث جاء في الخطبة نفسها:
(وأبشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيدا وزرعكم حصيدا. فيا حسرتي لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون).
فمهما اتبعوا من أساليب وطرق لينالوا من حصن الدين فان كيدهم في نحورهم لأن الله تعالى كتب أن الأرض يرثها عباده الصالحون.
قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) (106) الأنبياء.
وقال تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (33) التوبة.
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية