كان عنوان الدرس (القواعد الأصولية في ضوء التطبيقات الفقهية) وأكد سماحته على تقديره لمنجزات العلماء في علم الأصول واحترامه لتدقيقاتهم وتحقيقاتهم في هذا الحقل المعرفي المهم، وأن هذا الدرس ليس اختزالياً لعلم الأصول، وشرح المشاكل المترتبة على تنقيح القواعد الأصولية أثناء البحث الفقهي، والمشاكل المترتبة على عزلها وتنقيحها على حدة.
وسيحافظ المنهج الجديد على استقلالية الدرس الأصولي من جهة، وهو في نفس الوقت يمزج بين تأسيس القاعدة الأصولية وتطبيقها في الموارد الفقهية؛ لكي يتعرف الطالب على الثمرة بوضوح، ولكي لا تبدو مسائل العلم وكأنها بحوث نظرية مستقلة لا يعرف الطالب كيفية الاستفادة منها في عملية الاستنباط، ومن ثمرات هذا المنهج أنه يحاكم القواعد الأصولية في ضوء الأبحاث الفقهية الاستدلالية، وهو لا يبتعد بالقاعدة الأصولية عن تطبيقاتها، ولا يسمح بالاستطرادات التي يعترف بعض الأصوليين أنها لا تترتب عليها ثمرة عملية، بل ربما تجد الفقهاء يخالفون ما أسسوه في الدرس الأصولي حين يعالجون الاستدلال الفقهي فلا يتبنون ما أسسوه، مما يكشف عن نوع عميق من المشاكل.
هذا هو المنهج الذي عرضه في الدرس الأول، وبدأ بمسألة بعنوان (جريان حديث الرفع في الأحكام الوضعية) ليعرض مبادئ الاستدلال عليها ومدى ما تتيحه من الحجية ثم يحاكم تطبيقات الفقهاء لها.
ويُشترط في الحضور أن يكون الطالب قد أكمل دورة أصولية كاملة قبل حضوره في هذا الدرس، لأنه يمثل مسائل متقدمة شبيهة بمنهج بعض الجامعات في تدريس مواضيع منتقاة لطلبة الدراسات العليا تمثل عقداً علمية، وتشكل أدوات مهمة في الاستدلال العلمي.
ويأمل سماحته أن يساهم هذا النوع من الدرس في تنمية ملكة الاجتهاد عند الطلبة لا سيما حين يرون تطبيقات القواعد الأصولية -مباشرة بعد تنقيحها- في الميدان الفقهي، رغم أن سماحته كان يقف أمام القواعد الأصولية في الدرس الفقهي ويعلق عليها ويبين حدودها، إلا أن ذلك كان بشكل متفرق وبما يخدم البحث الفقهي ويبين رأي الأستاذ، أما هنا فيبدو أنه سيتتبع تطبيقات الفقهاء في الاستدلال الفقهي لمتبنياتهم في الأصول، ويعرض كيف اضطروا لمخالفتها، وهنا يتبين المنهج السليم في الاستدلال على القاعدة الأصولية وهل تصمد الاستدلالات المتبعة في بعض المناهج في تدريس الأصول واستنباط قواعده.
وهي مهمة شاقة بالتأكيد وتحتاج إلى استحضار مظانّ تلك التطبيقات في الأبواب الفقهية المتفرقة وتعتمد على خبرة كبيرة في بحوث العلماء وموسوعاتهم، ولعلها خبرة ترشحت من منهج الاستدلال المقارن الواسع الذي كان سماحته يعتمده في الدرس الفقهي، نسأل الله أن يعين سماحة الشيخ الأستاذ (دام ظله الشريف) وينفع به العلم والمتعلمين.
الدكتور عماد علي الهلالي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية