رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هي الضابطة في الرجوع إلى هذا المرجع أو ذاك؟
يعتقد البعض أن الضابطة في رجوع المقلدين إلى (س) أو (ص) من الفقهاء تقوم على أساس المتانة العلمية الحوزوية لهذا أو ذاك، أي النضج والمتانة في الملكة العلمية في الأصول، والفقه، والرجال، دون النظر إلى أيّ اعتبار أو أساس آخر.
في المقابل، يرى آخرون أن الأساس في ذلك هو قوة الفكر الديني، ونضوج الوعي الاجتماعي، وقوة التأثير المجتمعي، وغير ذلك من مظاهر المعرفة، والحكمة، والقيادة، بغض النظر عن المتانة العلمية الحوزوية.
صنف ثالث يرى أن الأساس في التقليد، هو توفر المجموع المركب من الأمرين معا عند هذا الفقيه أو ذاك، فلا يكتفي بالأساس الأول منفردا، ولا بالثاني كذلك.
وهذا يعني أن الضابطة في التقليد من الناحية العملية، تتحدد وفق الميول المعرفية أو الرؤية المعرفية التي يتمتع بها هذا المقلِّد أو ذاك، والذي بات اليوم على درجة معتد بها من الوعي والثقافة والنضج.
وعلى ضوء ذلك، أبعث هذه الرسالة المفتوحة إلى الجميع وأقول لهم: لا تُرهقوا أنفسكم بالخوض في حملات تسقيطية ضد هذا الفقيه أو ذاك، ولا تحاولوا أن تبعثوا برسائل تعتقدون أنها إصلاحية وعظية، لمجرد أنكم تتبنون رؤية معرفية تختلف عما يميل إليه الآخر؛ لأنكم، وبعبارة مختصرة، تدورون وتؤسسون وتنتقدون ضمن رؤيتكم المعرفية، وليس وفق رؤية الآخر ومنهجه المعرفي. ولذلك، لن تؤثروا فيه كما أنه لن يؤثر فيكم؛ لأن موضوع النزاع بينكما مختلف، وإذا اختلف الموضوع، أصبح النزاع بين الطرفين أو الأطراف معقدا، لا يمكن معه الوصول إلى أي نتيجة.
أتمنى أن تكون الرسالة واضحة، وينتفع منها أولو الألباب، والله الهادي إلى الصواب.
الشيخ عباس الناصري