أول مراتب التطهر المعنوي الذي ذكرناه هو يحتاج إلى تطهرٍ مادي من أعيان النجاسة من الخبائث، هذا بالتأكيد ويظهر طبعاً مراتب هذا التطهر المادي ثم التطهر من الحدث بالوضوء، ثم تبدأ المراتب المعنوية التي ذكرناها ليس على نحو الترتيب، أقصد الزماني ولا المكاني، إنه ملحوظ فيها مراتب ويظهر من الآية ((فيه رجال يحبون ان يتطهروا)) إنه إما أن تكون صفة من صفات هذه المساجد.
أنا أريد أن أدخل من قضية التطهير في المساجد إلى مثل هذه التجمعات المباركة لأن المسجد كأحجار إنما قيمته فيما يؤدى فيه من تجمع مبارك وأعمال صالحة.
إذن تقول الآية من هذه المساجد هي أحق أن تكون فيها وتتواجد فيها وتحضر فيها، لأن فيها أناس يحبون أن يتطهروا فتكون بينهم والله يحب المطهرين، و هؤلاء المهتمون بالتطهير يحبهم الله تعالى ( والله يحب المطهرين) هذه حقيقة ذكرتها آية اخرى ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))، فحضورهم في المساجد ليس رياءاً ولا سمعةً ولا لخداع الناس -لان عنده ؟إنتخابات قريبة ويريد أن يخدع الناس ويكسب أصواتهم فيحضر في المساجد ويوزع مساعدات- لا، هؤلاء ليسوا مقصودين بهذه الآية (( فيه رجالٌ يحبون ان يتطهروا )) يتكاملوا، يتنزهوا وينقوا انفسهم، و يطهروا قلوبهم، ليس حضورهم رياءً ولا سمعةً ولا لخداع الناس ولا التسلط عليهم، هذا العنوان الجميل المتطهرين (فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا) كلمة واحدة يتطهروا والمتطهرون لكنها تلخص كل ما يتصف به هؤلاء من معاني النقاء والسمو بدل ما يعدد كل هذه الصفات اختصرهات بكلمة واحدة تختصر كل معاني النقاء والعفاف والنبل والخير والمعروف، والواقع يشهد على ذلك المسلمون هم الأمة الوحيدة التي تهتم بالطهارات سواء على مستوى الخبث أو غيره.
الأمة الوحيدة التي عندها كتاب الطهارة من أوسع الكتب الفقهية، لكثرة التدقيقات في مسألة الطهارة وأعيان النجاسات وكيفية التطهر والملاقاة والمياه وأمثال ذلك، الأمة الوحيدة التي تعتني بالطهارة، فكثرت في أحكام الشريعة، المهم (إن المتطهرين) هوعنوانٌ يختزل ويختصر كل معاني السمو والنقاء و النبل والعفاف والطهر و الشهامة والفتوة وكل الصفات الحسنة.
مقتبس من كلمة المرجع اليعقوبي بعنوان “الفوائد النفسية والاجتماعية في التردد على المساجد”، ألقاها يوم 25- رمضان -1442 هـ – 8-5-2021.