بين الحين والآخر يشن بعض ضعاف النفوس والمهزوزين وممن يعتاش على فتات موائد المتسلطين ممن يحسبون على الحوزة العلمية، وبدفع ودعم واضحين ممن يسعون لوراثة الزعامة الدينية هجمات شرسة ضد المرجع اليعقوبي، وكيل الاتهامات الباطلة ويدعون عدم اجتهاده، فقبيل شهر رمضان بدلاً من إصدار توجيهات لرجال الدين والخطباء بضرورة استثمار هذا الشهر الفضيل لهداية الناس وتقويم سلوكهم، تصدر التوجيهات من ابن المرجع (الأعلى) لتسقيط المرجع الواعي الحركي العامل الوحيد في حوزة النجف الأشرف، وقبيل نهاية شهر رمضان يصدر بياناً من رجل دين آخر بالمضمون نفسه، عدا الكثير ممن ينعق وراؤهم في وسائل التواصل الاجتماعي في المضمون نفسه.
ومما يرثى له أن الإنصاف غائب في كلامهم وما هي إلا دعوات خالية من الأدلة والأسلوب العلمي والحقيقة ما هي إلا كلمات يطلقها هؤلاء ويسوقون أنفسهم على أساس أن كلامهم هو القول الفصل. وهذا يذكرني بالاتهامات التي كان يطلقها عتات قريش على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء الرد الإلهي في القرآن الكريم :
(وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) البقرة (23)
من معاني الآية الكريمة أن الذي يكذب بدعوى المصلح ولا يريد التصديق بما جاء به هذا المصلح فعليه أن يأتي بمثل ما جاء به هذا المصلح ومن سنخ ما ادعاه ولا يستخدم أساليب التضليل وخداع الناس، ففي حال تكذيبهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) طالبهم رب العزة والجلال أن يأتوا بجزء بسيط مما جاء به من آيات بينات ليبين للناس خداعهم باستخدامهم أساليب التضليل تارة يقولون عنه ساحر، وتارة مجنون وتارة أخرى معلم من بعض الأشخاص وغيرها، فلو كانوا صادقين بدعواهم ضد الرسول لتمكنوا من الاستجابة لهذا التحدي، ولأنهم غير قادرين على ذلك يبقون يستخدمون أساليب الخداع.
وحال اتهاماتهم للمرجع اليعقوبي يشابهون أولئك الذين استخدموا أساليب التضليل والخداع فلم نسمع منهم من ناقش رأياً للمرجع اليعقوبي ولم نر منهم رداً على إشكالاته على كبارهم، مع أن نقاشات المرجع اليعقوبي رصينة وقائمة على أسس علمية متينة وكل ما ناقشه مطبوع ومنشور وفي متناول اليد.
فلم لا يدافعون ويناقشون هذه الإشكالات بالأسلوب نفسه ليتضح من هو الأكفأ؟ والجواب هو عدم قدرتهم على مجارات ما طرحه المرجع اليعقوبي فلجأوا إلى أسلوب التسقيط والاتهامات دون أي دليل فقط هم بارعون بتهمة فلان منحرف وفلان روزخون ويضعون أنفسهم محل الآلهة في التقييم، ونسوا أنفسهم واتهامها وأصابتها بشتى الأمراض.
ويمكنني القول أن السبب الرئيس في هجومهم على المرجع اليعقوبي وبذلك خالفوا كل التشريعات والنواميس بضرورة عدم كسر المؤمن وعدم هتك مروءته، وأن الشيطان نفسه يبرء ممن يرتكب هذه المعصية وليس الأمر مقتصر على شخص المرجع وإنما هو تعد سافر واستهتار بعقول اتباعه الذين يعدون من عينة المجتمع، ومن خيرة أبناء الشعب العراقي وغيره، هو استشعارهم الخطر منه على منصب الزعامة للأمة.
عندما مات معاوية وأراد يزيد أن يعتلي عرش مملكة بني أمية جلس هو وسرجون الرومي ليضعوا خطة هيمنته على عرش الدولة الإسلامية، فأول أمر تم نقاشه هو وضع المنافسين له، وقد ناقشوا حال بعض الشخصيات منهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والإمام الحسين بن على (عليهما السلام) فلم يخشا إلا الإمام الحسين (عليه السلام)، والسبب أنهم يعلمون يقيناً أنه صاحب الحق في قيادة الدولة. وقد أمر يزيد جلاوزته إذا لم يبايع الحسين فاضربوا عنقه مع علم الجميع أن قتل الحسين ذنب لا يغتفر، لكنها السلطة وما أدراك ما السلطة.
ولم يقتصر الأمر على ما فعله يزيد من جريمة عظمى بقتله الحسين (عليه السلام) بل كل الطغاة يفعلون ما فعله يزيد بمن يرون فيه الأحقية ويعتبرونهم منافسين لهم.
عندما تكون صورة المشهد بهذا الشكل أيعقل أن تقف الأمة الواعية مكتوفة الأيدي ولا تحرك ساكن؟ أنرى بأم العين تكرر الصور المأساوية مجدداً ولا تنهض؟ إذا بيقت الأمة مكتوفة الأيدي أيحق لها لوم من قتل الحسين وتلوم من قصر عن نصرة الحسين؟
مسؤولية الأمة على قسمين:
القسم الأول: دور الفضلاء ورجال الدين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسكتوا عن هذه الاتهامات الباطلة لمرجع واعي حركي عامل مخلص بل عليهم التحرك وبقوة على كل من أطلق هذه الترهات مهما كان عنوانه وشأنه ومطالبته بالأدلة التي على أساسها أطلق هذه التهم، وفي حال عدم القناعة بما سيقول المطالبة بتصحيح الخطأ والاعتذار للمرجع والأمة. وتتم هذه الخطوة بتشكيل وفود من رجال الدين وطلبة الحوزة لمنع هذا الاستهتار. وهذا أقل ما يمكن القيام به تجاه كل من يحاول إسقاط رمز من رموز الحوزة النجفية، كما يمكن الضغط على أساتذة الحوزة الذين ينتمون لتلك الجهة التي تتبنى هذه الهجمات، وإذا وصل الحال إلى مقاطعة دروسهم.
القسم الثاني: دور المثقفين والأكاديميين والواعين من التوجه على شكل مجاميع أو نقابات أو أي تشكيلات أخرى للضغط على رجال الدين أن ينصفوا المرجع اليعقوبي وأن يشهدوا بالحق أمام العالم. كما يتوجهوا لكل من كتب أو تكلم بهدف تسقيط المرجع اليعقوبي ومطالبتهم بكشف الدوافع الحقيقية الكامنة وراء هذا الفعل المشين. كما تكون هناك مطالبة واعية بحقيقة اطلاعهم على مؤلفات سماحة المرجع اليعقوبي وأين هي مكامن الضعف التي على اساسها تفوهوا بهذه الكلمات. فالسكوت على هذه الاعتداءات السافرة على هذه المرجعية الواعية المخلصة الساعية لنهضة الأمة ونشر العدالة الاجتماعية نتائجها وخيمة وأن الله سبحانه وتعالى ينتظر من الأمة أن تقوم بدورها تجاه جهة الحق.
قد ينتظر البعض من سماحة المرجع اليعقوبي أن يطلب منه النصرة أو أن يوجه بضرورة اتخاذ خطوات معينة تصعيدية، أنا أقولها وبضرس قاطع لا تنتظروا منه شيء من هذا القبيل فإن أخلاقه تمنعه من ذلك فهو يتبنى منهجية (أن الله يدافع عن الذين آمنوا) وهذه أخلاقه لكن دور الأمة في الدفاع عن قيادتها يجب أن تقوم به.
إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية