سُجِن الإمام في سجن البصرة وكان هناك أحد بني عمومة هارون ورأى من الإمام الكاظم ما رأى من الصالحين العابدين الزاهدين رآهم من رجال الله عز وجل، فكان في ذهنه أن يخاطب هارون في الإفراج عن الإمام عليه السلام لأنه رجل عبادة، رجل أخلاقه في القمة منقطع الى الله عز وجل ليس من أهل السجون
فلما سمع هارون من الوالي أنه قد رق عليه، أمره أن يحمله إلى بغداد، فتصور الوالي أنه قد أفرج عن الإمام، لكن هارون أخذ إمامنا إلى بغداد إلى سجن الفضل بن الربيع وهذا الرجل فيه كلام هل كان من المائلين عقدياً إلى الإمام أو لا – هذا الرجل كان يرى سجدة الإمام من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ساجداً لله عز وجل ويتعمد أن يلفت نظر هارون حينما يأتي ليراه فيسأل ما هذا الثوب؟
فيقول: ما هذا بثوب إنما هو موسى بن جعفر هذه سجدته لله عز وجل منذ الفجر إلى ساعته. فبدأ أيضاً يميل اليه، فأمر هارون إخراجه من سجنه، وأمر به إلى سجن السندي بن شاهد، وهذا السجن لا يعرف فيه الليل من النهار لأنه كان تحت الأرض وعلاوة على كان الإمام فيه مقيداً في قدميه بالحديد، والإمام عليه السلام في ذلك الوقت كان عمره تجاوز الخمسين عاماً، وهذه التي تشير اليه الصلاة المروية الواردة : ( اللهم وصلِ على موسى بن جعفر إمام الأبرار حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة ذي الساق المرضوض بحلق القيود والجنازة المناداة عليه بذل الاستخفاف والوافد على جده المصطفى وأبيه المرتضى وأمه سيدة النساء بدم مطلوب وسم مشروب وارث مغصوب ) .
هذا كان حال الإمام عليه السلام ومرت الايام يوم بعد يوم وشهر بعد شهر وإمامنا في ذلك السجن لا يرى إلا القليل من أصحابه حتى تاقت نفسه الى لقاء جده المصطفى وأمه فاطمة الزهراء من جهة وشيعة أهل البيت مع طول المدة وشدة المحنة ازدادوا أسفا وحزنا، إذا جاء بعضهم اليه سيدي يا أبا الحسن متى الفرج ؟ متى خروجك؟
قال : بلغ شيعتي عني السلام وقل لهم أن فرجي مما أنا فيه بعد ثلاثة أيام على جسر بغداد هذا الرجل يقول أنا لم يكن همي إلا أن أذهب وأخبر شيعة أهل البيت عليهم السلام أن الإمام بعد ثلاثة أيام يوم الجمعة على جسر بغداد يخرج .
فخرج الناس يوم الجمعة وإمامنا سلام الله عليه في ذلك السجن قد دُس له السندي ذلك الطعام المسموم فلما أكل منه وصل إلى أحشاه فقطعها.