لقد خصّ الرسول الأعظم حفيديه الحسن والحسين عليهما السلام، بأوصاف تنبئ عن عظم منزلتهما لديه، فهما ريحانتاه من الدنيا وريحانتاه من هذه الأمّة.
وهما خير أهل الأرض، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة، وهما إمامان قاما أو قعدا، وهما من العترة أهل البيت التي لا تفترق عن القرآن إلى يوم القيامة، ولن تضلّ أمة تمسّكت بهما. كما أنّهما من أهل البيت الذين يضمنون لراكبي سفينتهم النجاة من الغرق.
وهما ممّن قال عنهم جدّهم: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف. وقد استفاض الحديث عن مجموعة من أصحاب الرسول صلَّى الله عليه وآله أنّهم قد سمعوا مقالته فيما يخصّ الحسنين عليهما السلام : اللهمّ إنّك تعلم أنّي أحبهما فأحبَّهما وأحبّ من يحبّهما، وقال عمر بن الخطاب للحسين عليه السلام: فإنّما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم.
وقال عثمان بن عفان في الحسن والحسين عليهما السلام، وعبد الله بن جعفر: فطموا العلم فطماً وحازوا الخير والحكمة، وقال أبو هريرة: دخل الحسين بن عليّ وهو معتم، فظننت أنّ النبيّ قد بعث. وكان عليه السلام في جنازة فأعيا، وقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال له: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال له: دعني، فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.
وأخذ عبد الله بن عباس بركاب الحسن والحسين عليهما السلام، فعوتب في ذلك، وقيل له: أنت أسنّ منهما! فقال: إنّ هذين ابنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله، أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما؟.
وقال أنس بن مالك ـ وكان قد رأى الحسين عليه السلام ـ : كان أشبههم برسول الله صلَّى الله عليه وآله. و قال زيد بن أرقم لابن زيادـ حين كان يضرب شفتي الحسين عليه السلام : اعل بهذا القضيب، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله صلَّى الله عليه وآله على هاتين الشفتين يقبّلهما، ثم بكى، فقال له ابن زياد: أبكى الله عينك، فوالله لولا أنّك شيخ قد خرفت لضربت عنقك، فخرج وهو يقول: أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم! قتلتم الحسين ابن فاطمة وأمّرتم ابن مرجانة! فهو يقتل خياركم ويستبقي شراركم.