أولاً: إن سمو النفس صفة أخلاقية كريمة عند المؤمن الرسالي الذي يمتلك الثقة بالنفس والطمأنينة، ويشعر بقيمة شخصيته وكرامة نفسه وعزتها، فهو لا يهتم لكلام حاسد ولا لتعليق حاقد ولا يتأثر بظلم منافس أو ذي مصلحة متسلق، فهو ثابت لا يتزلزل، ومعطاء لا يتوقف، هكذا كان الإمام الحسن (عليه السلام).
ومن يمتلك العلم والعطاء والإنجازات والتاريخ المشرق لايتأثر بألسنة الجاهلين وطلاب الدنيا ذوي الأقنعة الدينية، لأنه يرى كرامته أعلى وأسمى من أن تنخدش بوخز هؤلاء، مهما كان جرحها عميقاً، وهذا أعلى مستويات سمو النفس الذي جسده الإمام الحسن (عليه السلام).
(قال معاوية للحسن بن علي عليهما السلام: أنا أخير منك يا حسن، قال: وكيف ذاك يا ابن هند؟ قال: لأن الناس قد أجمعوا علي ولم يجمعوا عليك …، قال: المجتمعون عليك رجلان: بين مطيع ومكره، فالطائع لك عاص لله، والمكره معذور بكتاب الله، وحاش لله أن أقول: أنا خير منك فلا خير فيك، ولكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل) بحار الأنوار، المجلسي، ج 44 ص104.
ثانياً: القرار السياسي الناجح الذي يصب في مصلحة الإسلام ومصلحة الطائفة ومصلحة المسلمين، وجوداً وبقاء وكرامة، يكشف عن نضج القيادة الإسلامية، ومؤهليتها لعبور الأزمات، (الإمام الحسن نموذجاً).
(سأله أحدهم: لم هادنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه، وأنّ معاوية ضالّ باغ؟ أجابه الإمام الحسن عليه السلام: (علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله لبني ضمرة، وبني أشجع، ولأهل مكّة حين انصرف من الحديبية، أُولئك كفّار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل) علل الشرائع، الصدوق، ۱/ ۲۱۱.
(وقال له رجل: بايعت معاوية، ومعك أربعون ألفاً، ولم تأخذ لنفسك وثيقة، وعهداً ظاهراً؟ فقال عليه السلام له: (إنّي لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر منّي عند اللقاء، ولا أثبت عند الحرب منّي، ولكنّي أردت صلاحكم)
شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج 16ص 15.
ثالثاً: القيادة التي تنتمي للإسلام (دينية أو سياسية)، تكون صادقة إذا كانت ثابتة عل دينها ومبادئها وشعاراتها وخط مسيرتها مهما تغيرت الظروف، وهي مع جمهورها دائماً في السراء والضراء، تعيش معه المعاناة، وتدافع عن حقوقه، ولا تسكت عن ظلمه. (الإمام الحسن نموذجاً).
(قال له رجل: لماذا صالحت؟ فأجابه عليه السلام: (إنّي خشيت أن يجتثّ المسلمون على وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين ناع، ثم قال: أيها الناس: إن الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إنما هو حق أتركه لإصلاح أمر الأمة، وحقن دمائها)
مراجعة أعيان الشيعة، محسن الأمين
الشيخ عمار الشتيلي
المجالس الرمضانية _ البصرة الفيحاء
ذكرى ولادة الإمام الحسن ع _1445 هج
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية