منذ سنوات بعيدة، وأنا أفكر بيني وبين نفسي، بوضع منهج تربوي للشباب الواعدين، يكشف لهم معالم الطريق، ويعرّفهم الهدف وسبيل الوصول إليه، ويسلط الضوء على الطاقات والسلبيات، وعناصر النجاح وأسباب الفشل.
وكلما بدأت العطلة الصيفية، وشرع طلبة الحوزات والشباب الرساليين في إنشاء الدورات الصيفية التثقيفية للفتيان من طلبة الابتدائية والمتوسطة، فإنني أتذكر شباب وفتيات الإعداديات والجامعات والمعاهد، وأتمنى أن تكون هناك دورات ربيعية وصيفية لهم، تجذبهم وتتحدث عن شؤونهم النفسية والاجتماعية والشرعية والفكرية وحتى البيولوجية.. وبشكل مختصر ومفيد.
وفي النهاية.. لم يكن أمامي إلا أن أتوكل على الله تعالى، وأشرع في كتابة (دليل نجاح الشباب.. لكلا الجنسين)، ليكون بمثابة دروس ومحطات ونصائح وتوصيات، يمكن أن تُعطى للشباب من كلا الجنسين، في مدنهم ومساجدهم، أو من خلال المؤسسات الراعية للشباب، بواسطة المربين والمربيات من طلبة الحوزات، وكذلك عبر الأساتذة والأستاذات أصحاب التجربة والرغبة في خدمة الجيل، سواء في دورات ربيعية وصيفية، أو طيلة العام الدراسي، أو في بعض مواسمه، وباتفاق بين الطلبة والأساتذة، ليؤخذ أكبر مقدار من موضوعات هذا الدليل.
وبغض النظر عن الدورات والأساتذة فإن (دليل نجاح الشباب) هو منهج متكامل لارتقاء الشباب والفتيات، يمكن لهما قراءته مباشرة والاستفادة منه.
مرحلة الشباب فوضى أو نظام؟!
هنالك فكرة مسمومة تروّج لها المنظمات المشبوهة، في الإعلام وعبر الأقلام، وهي أنّ مرحلة الشباب والمراهقة لكلا الجنسين، إنما هي خارج إطار المسؤولية والتكليف، فلا مانع من ترك الشاب والفتاة على هواهما! وإعطائهما كلّ ما يحلو لهما! لأنهما ما زالا في مقتبل العمر وغير مدركين لما يقومان به!
وعلى العكس من ذلك، فإن القرآن الكريم والسنة المطهرة، اهتمّا بمرحلة الشباب كثيراً، على المستويين التربويّ والمعرفي، واعطيا للشباب والفتيات الهدف والخارطة ومصباح الطريق، حتى لا يتأثر الإنسان وهو في أخطر مرحلة من مراحل عمره، بالشهوات والمنزلقات.
إن مرحلة الشباب هي القاعدة الأعظم للبناء الثقافيّ والروحيّ والنفسيّ، والاعوجاج فيها له تداعياته الخطيرة على مستقبل الفرد أولاً والمجتمع ثانياً.
ولهذا ورد في وصية النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ: (يا أبا ذرّ، اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).
وجاء عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (بادر شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك).
الكل يخطط لكسب الشباب!
من الواضح إنّ شريحة الشباب هي محلّ اهتمام مختلف الحكومات والمؤسسات والتيارات الفكرية، قديماً وحديثاً، وفي مختلف القارات، فالكل يريد استقطاب الشباب واستغلالهم، وكم وكم أنشئت حضارات واستُعمرت بلدان وأشتعلت حروب، وكان وقودها الشباب فقط، وليس الحكام أو الكهول من الناس.
ولهذا فليس من الصحيح أن يترك المربون والمسؤولون الاهتمام بالشباب، فتتلاقفهم أيدي المستغلين وأصحاب المطامع. إن مسؤولية حماية الشباب ورعايتهم وإرشادهم لما فيه العلاء والإرتقاء، تقع على عاتق الجميع. وسوف يسألنا الربّ سبحانه عن كل تقصير، ونحن نرى هذا السباق المحموم من قبل الحكومات ومختلف الجهات، لسرقة الشباب والفتيات.
السيد حازم الميالي
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية