كثيرا ما نجد عند بناء المساجد الناس تركز وخاصة المتبنين لبناء المساجد والجوامع على هذه الآية الكريمة (( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)) (التوبة / 18)
ويفهمون أن عمار المساجد هم من يبنون المساجد بتوفير المواد الأساسية للبناء كالارض ومواد البناء وهذا وإن كان من الأمور المهمة فهي المواد الأولية لبناء المسجد ولولاها لما بني مسجد والمتبرع بذلك له من الأجر ما لا يعلمه إلا الله الا ان هذا لوحده لا يكفي ليكون اعمارا للمسجد ؟ لأن هذا يعني بناء المسجد ،
أما عمارة المسجد فالمسجد يعمر بأمور
١- وجود الامام والخطيب الذي يتوفر فيه الأهلية الكاملة من العلم والأخلاق والدين اي العدالة الكاملة وهي تعني حسن السيرة والسلوك الظاهري وما يميزه علمه فهو المؤتمن على رسالة السماء وعليه أن يكون أمينا في إيصال العلم للناس لانه مصدر هداية بحيث يكون قادرا على دفع الشبهات والاشكالات العقائدية وإيصال الأحكام الفقهية لأجل أن يطبقها الناس وهو من أهم أركان اعمار المسجد .
٢- لابد من وجود القاعدة الجماهيرية المؤمنة المخلصة التي تواظب على الحضور في المسجد خاصة الشباب فركني اعمار المساجد بالامام والمأمومين وبدونها المسجد مجرد حجر واسمنت بناء عادي له أحكامه الفقهية لكن غير معمر في الواقع فكم من مسجد مبني لكنه خالي أو شبه خالي من المومنين ؟
٣-ان تقام فيها كافة الفعاليات والأنشطة الدينية والعلمية والثقافية إلى آخره فالمسجد كان على ايام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مركزا دينيا وعلميا وثقافيا وإداريا وسياسيا تدار منه شؤون الدولة وما نلاحظه اليوم هو اتخاذه فقط لأجل الصلاة وأكثر المساجد لا تفتح أبوابها الا في وقت الصلاة !!!!!!! فهل هذا هو دور المسجد فقط ؟؟؟
٤- أن يكون المسجد مصدرا الهداية ولم شمل المؤمنين لا أن يكون مصدرا للتفرقة بين الناس وهذا يعتمد على ثلاث أطراف ( وجود الامام الصالح ، وجود الإدارة الصالحة للمسجد- المتولين ، وجود المؤمنين الملتزمين بأخلاق الاسلام ممن يحضرون المسجد في الجمعة والجماعة وباقي المحافل من الأنشطة والفعاليات المسجدية ) ولا علاقة لهذا الموضوع بالفئة المنافقة التي تزرع الشك في نفوس الآخرين لأجل إبعادهم عن الدين بما يلقونه من سموم ويجدون لهم الحواضن من أمثالهم .
٥- يكون المسجد معمرا عندما يكون مصدرا أساسيا لرعاية الأيتام والفقراء والأرامل والمساكين وذلك يكون عن طريق جهود الامام والخطيب وكذلك المؤمنين الميسوري الحال وواحدة من فوائد الجمعة والجماعة هو لأجل تعزيز روح التواصل والألفة والمحبة بين المؤمنين .
٦- لابد أن يكون المسجد مصدرا لإعمار قلوب الناس بالإيمان وإبعادهم عن المعاصي وسببا في التزام الناس بالقيم والآداب والأخلاق الفاضلة كالاخلاص في العمل والصدق والأمانة إلى آخره
فإذا توفر كل ذلك كان المسجد معمرا ويمكن القول عندها أن هذا المسجد معمر ولهذا نجد ابراهيم عليه السلام يقول
(( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )) (ابراهيم /37)
اذا الغرض من بناء المساجد ليقيموا الصلاة لأنها مصدر اعمار القلوب وباقي الأمور وبنشر العلم والقضاء على الجهل والتخلف كما تقدم .
السيد سعد احمد السنجاري.