على شاطىء النهرِ وبينما أنا جالسةٌ أستمتعُ بمنظرِ النهرِ وسكونهِ وكإنّما مرآةٌ وليس ماء ، فلقد إنعكسَ كلُّ الوجودِ على ذلك السطحِ المائي ، وفي طيِّ تأمّلاتي لذلكَ المنظرِ راودتني فكرةٌ ، فقلتُ لأُخرجَ دفترَ مدوناتي وأدوّن ما يراودني ، ولكن للإسفِ يبدو إنّي نسيتهُ في المنزلِ .
تُرى ما افعل ؟
فالأفكارُ تمرُ مَر السحاب وإنْ لم اكتبْ ستذهبُ ادراجَ الرياحِ ، فقلتُ في نفسي لأكتبَ على الماء وإدوّن أفكاري .
وفعلاً بدأتُ أكتبُ ما يدور في مخيّلتي على الماءِ ، وأسعدني ذلكَ الفعلِ ، فالسعادة التي كنتُ اشعرُ بها بينما أنا اكتب لا يمكن أنْ توصف ، ولم أنتبه للوقتِ فقد طال ولكنّه من فرطِ سعادتي كإنّه ثوانٍ ليس إلّا .
وإذا بالشمسِ تقتربُ من الغروبِ ، ورأيتُ كيف إنّ صورَ الوجودِ بدأ يضمحل شيئاً فشيئاً ، وبدأتْ السعادة تتحول إلى حزنٍ لقرب نهايةِ كلُّ شيءٍ وزوالهُ حتى وكأنّهُ لم يكنْ .
عندها أيقنتُ أنّ حياتنا ما هي إلّا أفكار والدنيا للمغرورين بمنظرها الخلّاب كذلك السطح المائي الساكن في بعض حالاته فرحين بمنظرهِ وبما يكتبون على سطحه ولا يشعر أحد منهم بالوقت الذي يمرُّ وهو غارقٌ في ملذات تلك الدنيا ، ولا يفكر في جرس الانتهاء الذي سيدق في أي وقت ليعلن انتهاء كلِّ شيءٍ .
فلا سعادة تبقى ولا أثر يُترك على الماء
تُرى ماذا دوّنا ؟
أكان خيراً أم شراً ؟
ليتنا نفكر جيداً قبل أنْ نُقبلَ على فعلِ أيّ شيءٍ ، فاللبيب مَن يعمل في الدنيا ما يبقى اثره في الأخرة
فبعضنا كمَن يكتبُ على سطح الماءِ ليندثر والبعض الآخر كمَن يكتب على الصخرِ ليتركَ أثر
نعم كنت سعيدة بما فعلتُ ولكنها سعادةٌ زائلة ولم يكنْ هناك أثرٌ لما كتبتُ وأجهدتُ نفسي فيه نسيتُ دفترَ مدوناتي
فتعلمتُ درساً في حياتي
كن ناحتاً على الصخرِ
لا ناحتاً على الماء بلا أثر
فإنّ الآثار هي المرآة الحقيقة
بقلم / وجدان الشوهاني