ولادته ونشأته:
ولد الشيخ محمَّد حسين بن الشيخ عبد الرحيم النائيني في مدينة نائين – الواقعة في محافظة أصفهان – وإليها نُسب، وكانت ولادته في يوم دحو الأرض 25 من ذي القعدة سنة ( 1276 هـ )، ونشأ في أسرة علمية دينية معروفة، حيث كان والده الشيخ عبد الرحيم من أهل الفضل وكان يُلقَّب بشيخ الإسلام.
سفره إلى أصفهان:
درس أوّليات العلوم في مدينته نائين، ثُمَّ سافر إلى مركز المحافظة أصفهان حوالي سنة ( 1293هـ )، لإكمال دراسته، فحضر درس العلامة المحقق الشيخ محمد حسين نجل الشيخ محمّد باقر نجل المحقق الكبير الشيخ محمّد تقي الأصفهاني صاحب حاشية المعالم المسماة بـهداية المسترشدين، قدّس الله أسرارهم.
ثُمَّ حثّه أستاذه الشيخ محمد حسين على الحضور لدى والده الشيخ محمد باقر الأصفهاني، فحضر لديه فقهاً في بحث البيع والخيارات وأُعجب به أشد الإعجاب وكان يقول عن أستاذه هذا (إنه كان من تبحره في الفقه واقتداره على تنقيح قواعد المعاملات والتفريع عليها مع استغراق وقته بالمرجعية الكبرى ما يُتعجب منه)، وكذلك حضر وقت مكثه في أصفهان بحث الأصول عند الشيخ الميرزا أبي المعالي الكلباسي رحمه الله، وبقي مستفيداً هناك قرابة عشر سنوات حتَّى نال من تلك العلوم قسطاً وافراً وحظاً عظيماً.
سفره إلى العراق:
سافر الشيخ النائيني إلى العراق لإكمال دراسته، واستقرَّ في مدينة سامرّاء المقدّسة سنة ( 1303 هـ )، فحضر درس مرجع الشيعة السيد محمد حسن الشيرازي قدس سره حتَّى وفاته سنة ( 1312 هـ ) وكان يعبّر عنه بـ سيد أساتيذنا وبـ سيدنا الأستاذ الأكبر، كما كان مقرباً منه جداً، وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله: (عرفت الميرزا النائيني في سامراء، وهو يومئذٍ مطمح الأنظار ومسرح الأفكار وموضع إشارة الأنامل، وكانت له المنزلة التي يغبط عليها عند السيد الشيرازي؛ إذ كان يعدّه من ذوي الرأي والمشورة ويُحضره في المهمات التي يحضرها أهل الحل والعقد).
كما أنه حضر مدة من الزمن لدى العلمين السيِّد إسماعيل الصدر والمحقق السيِّد محمَّد الفشاركي الأصفهاني قدس سرهما.
ثُمَّ بعد وفاة الميرزا الشيرازي بقي الشيخُ النائيني ملازماً للسيّد إسماعيل الصدر وسافر معه إلى مدينة كربلاء المقدّسة في سنة ( 1314 هـ ) وبقي معه مدة فيها، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى مدينة النجف الأشرف وقيل كان ذلك في عام 1315هـ، وقيل إنه بقي مع السيد إسماعيل الصدر في كربلاء عدة سنين وأن وروده للنجف كان في عام 1324هـ، وعلى أي حالّ فمنذ وروده النجف الأشرف توثَّقت العلاقة بينه وبين المحقق الآخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الكفاية وصار من أعوانه وكان يحضر مجلسه الخاص ويجيب على بعض الاستفتاءات، ولم يحضر درسه ولم يكن من تلاميذه كما يُذكر على بعض الألسن.
يقول آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة: (صار – أي المحقق النائيني – من أعضاء مجلس الفتيا الذي كان يُعقد في داره – أي دار الآخوند – مع بعض خواص أصحابه للمذاكرة في المسائل المشكلة… ولم يحضر معهد درسه العام؛ لأنه كان غنياً عنه، وشأنه أرفع من حضّاره)
مكانته العلمية:
يتميَّز الشيخ النائيني على أقرانه وعلماء عصره بمكانته العلمية الخاصّة بينهم، فلم تكن حَلَقة درسه كباقي الحَلَقات التي يقتصر دورها على نقل نتاج الماضين إلى المعاصرين، وإنّما كان حلقة علمية مشعّة ما زال شعاعها متوهّجاً في الدراسة الحوزوية التخصّصية منذ قرابة القرن وحتّى الآن، ولا تزال آراؤه ونظرياته تتداولها الأوساطُ العلمية، وتهيمن بقوّة على الفكر الأصولي في مرحلته المعاصرة، بحيث ق لرأي الشيخ النائيني في مسألة ما ومعالجته سلباً أو إيجاباً، ضرورةً علمية.