لقب بأمير المؤمنين ـ المرتضى ـ الصدّيق الأكبر ـ ذو النورين ـ قسيم الجنة والنار ـ يعسوب الدين ـ حيدرة ـ أبو تراب ـ أسد
الله الغالب.
روى سلمان المحمّدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “أوّلكم وروداً عليّ الحوض وأولكم إسلاماً عليّ بن
أبي طالب عليه السلام”.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة عليها السلام: ” زوّجتك أقدمهم سلماً وأكثرهم علم”.
روى الشيخ المفيد باسناده عن يحيى بن عفيف عن أبيه قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب بمكة، فجاء شاب
فنظر إلى السماء حين تحلّقت الشمس ثم استقبل الكعبة فقام يصلّي ثم جاء غلام عن يمينه ثم جاءت إمرأة فقامت خلفهما،
فركع الشاب فركع الغلام والمرأة ثم رفع الشاب فرفعا ثم سجد الشاب فسجدا.
فقلت: يا عباس أمر عظيم، فقال العباس: أمر عظيم أتدري من هذا الشاب؟ هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي،
أتدري من هذا الغلام؟ هذا علي بن أبي طالب ابن أخي، أتدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد، إن ابن أخي هذا
حدّثني أن ربّه ربّ السموات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ولا والله ما على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
ومن صفات أمير المؤمنين (ع) دخل ضرار بن ضمرة الكناني عَلى معاوية بن أبي سفيان يوماً فقال له: يا ضرار صف لي علياً عليه
السلام قال: أو تعفيني من ذلك قال: لا أعفيك قال: إذ لا بد فإنه كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً ويحكم عدلاً يتفجر
العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من لسانه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل وظلمته كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة
يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر (وفي رواية أخرى ماخشُن) ومن الطعام ما جشب كان والله معنا كأحدنا
يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه وكان مع دنوه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ النظيم يعظّم أهل الدين
ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله أشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله
وغارت نجومه متماثلاً في محرابه قابضاً بلحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وكأني أسمعه وهو يقول يا دنيا يا دنيا
أبي تعرضت؟
أم إليَّ تشوقت؟ هيهات هيهات غرّي غيري لا حان حينك قد ابنتك قدسك ثلاثاً عمرك قصير وخيرك حقير وخطرك كبير آه آه من
قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فوكفت دموع معاوية عَلى لحيته وجعل يستقبلها بكمه واختنق القوم جميعاً بالبكاء
وقال هكذا كان أبو الحسن يرحمه الله فكيف وجدك عليه (حزنك) يا ضرار فقال: وجد أم واحد ذبح واحدها في حجرها (وفي رواية
أخرى حزنُ من ذُبح ولدها في حجرها) فهي لا يرقى دمعها ولا يسكن حزنها.
فقال معاوية: لكن هؤلاء لو فقدوني لما قالوا ولا وجدوا بي شيئاً من هذا ثم التفت إلى أصحابه فقال: بالله لو اجتمعتم بأسركم
هل كنتم تؤدُّون عني ما أدَّاه هذا الغلام عن صاحبه.1
لم يكن عند أمير المؤمنين عليه السلام حينما تزوج بالسيدة الزهراء عليها السلام في منزله غير جلد كبش اتخذه هو وزوجته
الصدِّيقة فراشاً. ولكنه كان يعيش معها أكمل سعادة فكان يقول عليه السلام: “فوالله ما أغضبتها، ولا أكرهتها عَلى أمر
حتى قبضها الله عزَّ وجلَّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً. لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان”.
قالت فاطمة بنت أسد حينما خرجت وبيدها مولودها إنّي فضّلت على من تقدّمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله
عزَّ وجلَّ سرّاً في موضع لا يجب أن يعبد الله فيه إلا اضطراراً، وإن مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها
رطباً جنيّاً، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سمّيه علياً
فهو عليّ، والله العليُّ الأعلى إني شققت اسمه من إسمي، وأدبّته بأدبي، ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام
في بيتي وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، ويقدّسني ويمجّدني، ويهلّلني، وهو الإمام بعد حبيبي ونبيي وخيرتي من خلقي
محمد رسولي ووصيّه، فطوبى لمن أحبّه ونصره، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه.