اختلفوا في عدد أولاد الإمام الصادق (ع) والمشهور فيهم ما ذكره الشيخ المفيد (طاب ثراه) في الإرشاد، قال: وكان أولاد أبي عبد اللّه عليه السلام عشرة: إِسماعيل وعبد اللّه وأمّ فروة أمّهم فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علي عليهما السلام، وموسى عليه السلام وإِسحاق ومحمّد لاُمّ ولد والعبّاس وعليّ وأسماء وفاطمة لاُمّهات شتّى.
إِسماعيل
أكبر أولاد الإمام الصادق (ع) كان إِسماعيل، وكان شديد المحبّة له والبرّ به والاشفاق عليه وقال عليه السلام: كان القتل قد كتب على إِسماعيل مرّتين فسألت اللّه تعالى في رفعه عنه فرفعه، وأقواله وأعماله التي كانت تنبئ عن ذلك الحبّ والعطف كثيرة، وحتّى ظنّ قوم من الشيعة أنه القائم بعد أبيه بالإمامة لذلك البرّ وتلك الرعاية ولأنه أكبر أخوته سنّاً، وأكبر الأخوة سنّاً أحد علائم الإمامة، ولكن موته أيام أبيه أزال ذلك الظن.
وأظهر الإمام الصادق (ع) بموت إِسماعيل عجباً، فإنه بعد أن مات وغطّي أمر بأن يكشف عن وجهه وهو مسجّى، ثمّ قبَّل جبهته وذقنه ونحره، ثمّ أمر به فكشف وفعل به مثل الأوّل، ولمّا غُسّل واُدرج في أكفانه أمر به فكشف عن وجهه ثمّ قبّله في تلك المواضع ثالثاً، ثمّ عوَّذه بالقرآن، ثمّ أمر بإدراجه.
وفي رواية اُخرى أنه اُمر المفضّل بن عمر فجمع له جماعة من أصحابه حتّى صاروا ثلاثين، وفيهم أبو بصير وحمران بن أعين وداود الرقي، فقال لداود: اكشف عن وجهه، فكشف داود عن وجه إِسماعيل، فقال: تأمّله يا داود فانظره أحيّ هو أم ميّت؟ فقال: بل هو ميّت، فجعل يعرض على رجل رجل حتّى أتى على آخرهم، فقال: اللّهمّ اشهد، ثمّ أمر بغسله وتجهيزه، ثمّ قال: يا مفضّل احسر عن وجهه، فحسر عن وجهه، فقال: حيّ هو أم ميّت ؟ انظروه جميعكم، فقالوا: بل هو يا سيّدنا ميّت، فقال: شهدتم بذلك وتحققتموه ؟ قالوا: نعم، وقد تعجّبوا من فعله، فقال: اللّهمّ اشهد عليهم، ثمّ حُمل إلى قبره فلمّا وُضع في لحده قال: يا مفضّل اكشف عن وجهه، فكشف فقال للجماعة: انظروا أحيّ هو أم ميّت ؟ فقالوا: بل ميّت يا وليّ اللّه، فقال: اللّهمّ اشهد، ثمّ أعاد عليهم القول في ذلك بعد دفنه، فقال لهم: الميّت المكفّن المحنّط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ فقالوا: إِسماعيل ولدك، فقال اللّهمّ اشهد.
فإنه سيرتاب المبطلون، يريدون إِطفاء نور اللّه، ثمّ أومى إلى موسى عليه السلام، ولمّا أن دُفن إِسماعيل وأشهدهم أخذ بيد موسى فقال: هو حقّ والحقّ معه الى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها.
ولمّا مات إِسماعيل استدعى الصادق عليه السلام بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحجّ بها عن ابنه إِسماعيل، وقال له: إِنك اذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب ولإسماعيل سهم واحد.
ومات إِسماعيل بالعريض وحُمِل على الرقاب إلى المدينة وقبره فيها معروف، وهدمه ابن السعود كما هدم قبور آبائه الأئمة في البقيع وإلى اليوم لم يسمح بإعادة البناء عليها.
فتلك الأعمال من الصادق عليه السلام مع ابنه إِسماعيل تدلّنا على كبير ما يحمل له من الحبّ والبرّ والعطف، وعلى ما كان عليه إِسماعيل من التقوى والفضل. وإسماعيل هو الذي تنسب إليه الطائفة الإسماعيلية.