الشريعة الإسلامية عبارة عن منظومة متكاملة من القوانين والأحكام والآداب والنظم التي تحكم حياة الناس وتنظم شؤونهم فيما بينهم، وبين الطبيعة، ومع خالقهم تبارك وتعالى وعلى مختلف المستويات الفردية والاجتماعية، وبأبعاد فقهية واخلاقية وتربوية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونحو ذلك، وتارة تكون بأحكام واجبة وأخرى مستحبة.
فالواجبات هي الأمور المطلوبة من قبل الشريعة بنحو الالزام ولا ترخيص فيها للترك كالصلوات اليومية وصيام شهر رمضان وحجة الإسلام وغيرها
والمستحبات هي الأمور المطلوبة من قبل الشريعة لا بنحو الالزام وإنما يرخص تركها وهي راجحة على كل حال فمن امتثل لها حصّل على الثواب والأجر والكمال، ومن تركها لا يؤثم ولا يعاقب ولكنه فوت كمالاً.
ومن هنا نفهم السر في تشريع المستحبات وشدة التركيز عليها في الشريعة بحيث أصبحت تساوي الواجبات بل قد تزيد عليها.
هذا ما بينه سماحة الشيخ ميثم لفريجي خلال برنامج إجابات فقهية والتي كانت بعنوان “دور المستحبات في بناء الإنسان المؤمن”
حيث ذكر يمكن أن نعطي أكثر من أطروحة حكمة في ذلك
منها / إنما شرعت المستحبات وركّز عليها لفتح فرص أكبر للإنسان المؤمن في التكامل نحو الله تبارك وتعالى حتى يعيش المعية مع خالقه وبارئه فأن اتيان المستحب كمال في نفسه لترتب الثواب والاجر عليه.
وقد ورد: “َمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ”
ومنها لكي تكون المستحبات سياجاً حاميا ودرعاً واقياً لحفظ الواجبات والديمومة عليها، فأن المواظب على المستحبات قد ضمن الانيان بالواجبات بلا شك، ولكن من فرّط في المستحبات خيف عليه ان يترك الواجبات، وهذا ما يكشفه الواقع والوجدان العملي.
ومنها لكسب الاستعداد والقابلية على الاتيان بالواجبات وان كان فيها مشقة وتعب وخلاف للسجية والطباع، فمن عاش في اجواء المستحبات والتزم بها سينعكس ذلك على اتيانه للواجبات وقد جرّب المؤمنون ذلك.
ومنها طهارة القلب وصفاء النفس وتنقية الباطن فأن المداومة على المستحبات ستترك في النفس مثل هذه الآثار بلا شك، فتدخل هذه المستحبات تحت عنوان الذكر قال تعالى “الا بذكر الله تطمئن القلوب” وتصفى النفوس ويطهر الباطن.
ومنها بعض المستحبات ورد فيها انها تسدُّ النقص الحاصل في الفرائض، حيث يقول الإمام ما مؤداه: إنَّ للمصلي من صلاته ما حصل فيه الذكر والتوجه، فإن كان نصفاً فله نصفها، وإن كان ربعاً فله ربعها، وإن لم يكن فيها توجهٌ لُفَّت وضُربت في وجهه، فقيل له: إذن هلكنا يا ابن رسول الله. قال: إنَّ الله جبر الفرائض بالنوافل.
ومنها ترتب الآثار الخاصة الواردة في الكثير من المستحبات كالصدقة والدعاء من حيث دفع البلاء وشفاء المريض والحفظ والأمن ونحو ذلك.
وشهر رجب وعاء مبارك لمثل هذه المستحبات من دعاء وذكر واستغفار وصلاة وصيام وعمرة وزيارة وصدقة وغيرها.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: رجب شهر الاستغفار لأمتي فأكثروا فيه الاستغفار، فأنه غفور رحيم ويسمى رجب الأصب لأن الرحمة على أمتي تصب صبا فيه فاستكثروا من قول استغفر الله واسأله التوبة.
وختم كلامه بقوله ندعو المؤمنين كافة الى اثراء ثقافة المستحبات في المجتمع ولو بأنشاء مؤسسات راعية للمستحب وديمومته في المناسبات الكثيرة بل ننطلق من الاسرة وجو العائلة الى دوائر الدولة والمدارس ونحوها.
ووفقا لما تقدم تتّضح الاهمية القصوى للمستحبات في بناء الشخصية المعنوية للإنسان المؤمن.
لمشاهدة الحلقة كاملة عبر يوتيوب :