شاعر له قصة مع التنسك والزهد فقد عُرِف عنه بداية حياته و وقت شبابه الاسراف وقلة الالتزام والخوض مخاض الشعراء المفرطين باللهو وغيره، إلا أنه عاد بعد ذلك وغيّر مسار حياته ومن بين ذلك مسار شِعرِه، وبالتالي فقد عُرِف عنه أفضل ما نظم من الشعر ذلك الشعر الذي يدعو لفوت الدنيا والالتزام بالخُلق الرفيع والميل لله عزوجل، إنه الشاعر “أبو العتاهية” هذا الشاعر العراقي الذي عُرف شعره وسمي فيما بعد بـ “القبريات” لكثرة ذكره للموت والفناء في شعره.
في برنامج “درر الأدب” الذي يعرض على قناة النعيم الفضائية تم تسليط الضوء على بعض أبيات الشاعر أبو العتاهية مع الأستاذ أحمد نجم.
ذكر الأستاذ أحمد نجم أن من شعر أبو العتاهية استغرابه لكثرة الأماني في الحياة الدنيا ومنها هذه الأبيات:
نصبتِ لنا دون التفكّر يادنيا أمانيَ يفني العمر من قبل أن تفنى
لكلِ امرئٍ فيما قضى الله خطة من الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى
وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ لمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى
موضحاً أن أبيات أبي العتاهية واضحة المعنى وجلية المفاد ومجازها أن المرء يميل على غير معرفة ودراية منه إلى الأماني الخادعة على حساب التفكير المبين وينسى الله سبحانه وتعالى وينسى أنه مُتِم أمره على السيد والمسود.
وأضاف الأستاذ أحمد أن للشاعر أبو العتاهية أبيات في عدم الفائدة من التأسف على ماضٍ بلا رجوع:
بكيْتُ على الشّبابِ بدمعِ عيــني فلـم يُغـنِ البكــاءُ ولا النحـيبُ
فيا أسفاً أسـفتُ علــى شبــابٍ نعاهُ الشيبُ والرأسُ الخضيبُ
عريتُ من الشباب وكنتُ غضاً كمَا يَعرَى من الورق القضيب
فيا ليت الشبــابَ يعود يوماً فـأُخــبره بمـا فعلَ المشيــبُ
مبيناً أن البكاء الذي قال عنه أبو العتاهية في أبياته قد لا يعني بالضرورة البكاء المعروف إنما هو في الحقيقة عمق المأساة التي يكتشفها الإنسان بعد فوات الأوان و انقضاء الشباب وريعانه واستيلاء المشيب والكهولة على ما يتبقى من العمر عموماً الكل يتمنى عودة شباب منقض ولكن هيهات.
لمتابعة الحلقة كاملة على اليوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=OnP8Tt3gJm0