مؤامرة خبيثة : القدح في العلماء ومحاولة تشويه صورتهم
في سؤال وجه الى مكتب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله حول قيام البعض بسب وشتم الرموز الدينية وقد اجابه سماحة المرجع بانها مؤامرة خبيثة
واليكم نص السؤال والجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله).
هناك شريحة مهمة من المجتمع – من الشباب خصوصاً – يستحلون سب وشتم وتناول الأعراض للرموز الدينية في الحوزة، والحجّة الشرعية لهم في ذلك هو أن بعض المراجع قاموا بذلك .
بسمه تعالى
هذه انتكاسة خطيرة في حالة الأمة أن يقع شبابها فريسة هذه المؤامرة التي دبّرها أعداء الإسلام ومذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فقد وجدوا أن قوة هذه المذهب بصمود كيان المرجعية وعدم خضوعه للسلطات الظالمة ونزاهته وهيبته في نفوس المؤمنين وقوة مفعول كلمته، فعملوا على تشتيت شمل الأمة بينها وقتل رموزها وقادتها وعلمائها، إلا أنهم وجدوا أن ذلك أدى إلى عكس ما يشتهون إذ وحّد الأمة وراء قيادة مرجعيتها وعظّم مكانة المرجعية –بتزايد تضحياتها- في قلوب الناس وصنعوا منهم أبطالاً حقيقيين ورموزاً تستلهم الأمة منهم روح التضحية والفداء والإصرار على التمسك بطريق الحق.
فالتجأ الأعداء إلى خطة أخبث تنطلي على السذج والجهلة والعاطفيين، وذلك بقتل العلماء والقادة معنوياً من خلال تسقيطهم وتشويه صورهم وتتبع أخطائهم والافتراء عليهم وإلقاء الخلاف بين أتباعهم، وبذلك يفقدون تلك القدسية والهيبة التي يخشاها الأعداء من أولياء الله التي دفعت هارون العباسي الذي تسلّط على شرق الأرض وغربها إلى قتل الإمام الكاظم (عليه السلام) الذي لم يكن عنده حينما داهموا بيته إلا سجادة لصلاته ومصحفاً ومطهرة .
إني أهيب بالمؤمنين خصوصاً الشباب الذين هم أمل الأمة أن لا ينزلقوا في هذه المؤامرة الخبيثة، وأن يعرفوا لعلمائهم قدرهم وأن يقدروا لهم فضلهم وجهدهم وصبرهم ونزاهتهم واستقامتهم وعدم خضوعهم للطغاة، وأن لا يسبقوهم بقول أو فعل وأن لا يتخلفوا عنهم ولا يكونوا ألعوبة بيد الأعداء ينفذون بهم مآربهم من غير فائدة يجنونها سوى خسران الدنيا والآخرة، وليتأدبوا بأخلاق الإسلام وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الهداة المهديين (عليهم السلام) وليفكروا في عاقبة فعلهم هذا، فإن أتباع كل جهة إذا ساهموا في تسقيط غيرهم فالنتيجة سقوط الجميع وبقاء الأمة بلا راعٍ، وعليهم أن يراجعوا تاريخ مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ليجدوا أن المرجعية على اختلاف توجهاتها، كانت عبر التاريخ الحصن الحصين الذي حرس المذهب ودلّ الناس على ما يبرئ ذممهم أمام الله وثبّت الإيمان في قلوبهم وحفظ تعاليم الدين سليمة حية رغم مرور أكثر من ألف سنة على غيبة الإمام (عليه السلام).
نعم، عليهم أن يجروا الفحص الكامل عمّن يتبعونه فإذا لمسوا منه الاجتهاد والورع والاستقامة فليتبعوه، وليس لهم أن ينصبوا أنفسهم قيّمين على علمائهم يعلمونهم كيف يتصرفون، فليس عند الناس علم العلماء ولا حكمتهم ولا خبرتهم في الحياة ولا سعة رؤيتهم ولا كفاءة مستشاريهم ولا تثبتهم في الأمور ولا رحمتهم الواسعة بالناس ولا نظرتهم الثاقبة في عواقب الأمور ولا شجاعتهم.
لقد ورد الحديث الشريف : (إن حرمة المؤمن عند الله اشد من الكعبة) وتصبح هذه الحرمة أأكد عندما يتعلق الأمر بالعلماء لأن (مداد العلماء خير من دماء الشهداء) فهل يرضى مسلم بإهانة الكعبة وانتهاك قدسيتها ؟ إن منزلة المؤمن عند الله أعلى من الكعبة.
وورد في حديث آخر (من روى على أخيه المؤمن رواية يبتغي بها شينه وهدم مروّته وليسقطه في أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان) فهل يعلم هؤلاء الخائضون في ذم العلماء وتسقيطهم والافتراء عليهم وتشويه سمعتهم أنهم بذلك يخرجون من ولاية الله تبارك وتعالى ويدخلون ولاية الشيطان (فبئس القرين) والأنكى من ذلك أن الشيطان اللعين لا يقبلهم في ولايته لخساستهم.
أعيذكم وأعيذ نفسي بالله العلي العظيم من شياطين الجن والإنس أن الشيطان للإنسان عدو مبين فاحذروه.
محمد اليعقوبي
18 شعبان 1425 هـ الموافق 3/10/2004