النزعة الإنسانية، هي الركيز الأقوى في سلوك وسيرة، الأنبياء والمسلمين، وأئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، ولو تتبعنا خطوات الإمام الحسين(ع)، منذ صغره مروراً بيوم عاشوراء، وتلك المواجهة الملحمية، التي تجسدت فيها، كل مسارات الإنسانية، من قبل الحسين(ع)، لوجدنا أن البعد الإنساني كان ملازماً لجميع حركات ذلك الإمام المظلوم(ع)، فنراه رفيقاً إلى درجة البكاء، على مصير أعدائه الطغاة، وهم يمارسون أبشع الألوان الوضيعة، بحق ريحانة نبي الإنسانية، فإن مظلوم كربلاء(ع)، وبما أنه وريث مدرسةً جاءت رحمة للعالمين، فقد كانت تجسيد المفاهيم الإنسانية سمته الرئيسة، في التعاطي مع أحداث ملحمة عاشوراء الخالدة.
نادراً ما نقرأ أن للسلوك الإنساني، حضور خلال المعارك بين الطرفين، ما الذي أراد إيصاله الإمام الحسين(ع) للأمة، من خلال تعامله الإنساني في تلك الملحمة؟
هل أثرت أخلاق الإمام الحسين(ع)، في أعدائه أثناء الملحمة؟
ما هي الركائز التي أسسها الإمام الحسين(ع)، يوم عاشوراء لآبناء الأمة، وذلك من الناحية التربوية؟
هذا ما تطرقنا إليه، في برنامج”حوار الأفكار” الذي يعرض على قناة النعيم الفضائية، مع الشيخ كامل الفهداوي، والأستاذ عبد المنعم الحيدري والدكتورة تغريد حيدر.
أوضح الشيخ الفهداوي، أن قضية الإمام الحسين(ع) هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وخروجه بهذه الطريقة مع من أخذ معه، من أهله وأقاربه، هو دليل واضح على أنه داعي للسلام، وليس للحرب، فهو خرج لأجل كل المستضعفين في الأرض، وذلك عندما تسلط المتسلطون، وأصحاب الملك حيث ضاعت حقوق الناس، فأراد سيد الشهداء(ع)، أن ينبه الأمة إلى هذا الإنحراف الخطير على منهج رسول الله(ص)، فخرج مصححاً ومنبهاً، وأخذ معه أهل بيته، وذهب إلى كربلاء المقدسة، في مسيرة إنسانية واضحة، فهو بن الرسول الأكرم(ص)، ويحمل كل ما جاء به النبي محمد(ص)، وهو سيد شباب أهل الجنة، بالتالي هو الذي يمثل الحق في زمانه.
وأضاف الأستاذ الحيدري، أن ثورة الإمام الحسين(ع)، هي ثورة إنسانية معطرة بعطار الإسلام، حيث أن قائدها هو إمام المسلمين أنذاك، وخليفة أبيه وجده رسول الله(ص)، لذلك فإن الثورة الحسينية لا تخلو من الصفات والنقاط الإنسانية، إلا أن القوم في ذلك الوقت، كانوا حفاة وجفاة، بينما كان يخاطبهم إمامنا الحسين(ع)، كانوا يعلمون أن الخطاب سيكون مؤثر، والجميع يعلم أن خطاب أهل البيت(ع) له وقع في النفوس، فهذه هي ثورة سيد الشهداء(ع)، التي حملت كل المواصفات الإنسانية، فعندما كان(ع) في الميدان، كان يخبر أصحابه ويقول لهم:”اتخذوا هذا الليل جملا” فهنا هذه القضية تصب في مجرى واحد، وهو المجرى الإنساني، وفي جانب آخر يقف في الميدان، وينادي:”هل من ناصرٍ ينصرنا” فالحسين(ع)، ليس بحاجة لناصرٍ، لا من الناحية المادية، أو العسكرية، إنما هناك بعد إنساني، فأيّ إنسان، وأيّ قائد، وأيّ إمام هذا، الذي يبكي على أعدائه.
وأشارت الدكتورة حيدر، أن لمعركة كربلاء، ولواقعة عاشوراء، الكثير من القيم على الجوانب التربوية، فكربلاء كانت نموذج مجتمع مقاوم مصغر، فلقد أعطانا سيد الشهداء(ع)، نماذج من غير المعصومين، من رجال ونساء وأطفال، وبيّن لنا كيف أن لكل إنسان، لديه دور في مسألة المقاومة، سواء بدعم القضية، أو من الناحية الإعلامية أو الإجتماعية، أو من خلال خوض المعركة عسكرياً، وإعلاء الصوت، والحديث عن الحق والتمييز لمواجهة كل ظالم في كل زمان، لذلك فإن من النواحي التربوية المهمة، مسألة القيم التي أوضحها مظلوم كربلاء(ع)، من خلال مواقفه التي تضمنت، الوفاء والتوبة، وأهمية الصلاة والعبادة، وقيمة التحرر الفكري، ومسألة المساواة، بالتالي فكل هذه القيم والبنود، ظهرت من خلال الثورة الحسينية.
لمتابعة الحلقة كاملة عبر اليوتيوب: