محمد بن الحسن بن علي الهادي(ع)، هو الإمام الإثنا عشري، وهو المتمم لسلسلة الأئمة، فهو الإمام الثاني عشر والأخير الذي سيأتي «ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا».
تعرف على أهم الوظائف الموكلة لنا، في زمن غيبة إمامنا الغائب المهدي(ع):
1) المحافظة على الأخلاق والإلتزام:
إن عصر الغيبة الكبرى هو عصر مليئ بالمفاسد والمغريات، وفضلاً عن كل هذا، إننا لم نر الإمام المعصوم(ع) بأم العين، ونعتقد به ونؤمن بوجوده، وأنه سيظهر في يوم لا نعلمه، وعلينا لكي نكون من المرضي عنهم عنده عجل الله تعالى فرجه الشريف، أن نلتزم بكل أحكام الدين والصفات التي وصف الله تعالى بها المؤمنين، فالمثابرة على الطاعات والإلتزام الكلي بالأحكام الإلهية، هو من أهم الوظائف. 1
2) التوبة إلى الله تعالى:
التوبة إلى الله تعالى من الذنوب التي نبتلى بها، على ارتباط وثيق بطول غيبته(ع) عنا، فقد ورد في التوقيع المبارك عنه، عجل الله تعالى فرجه الشريف: “فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه، ولا نؤثره منهم، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلواته على سيدنا البشير النذير، محمد وآله الطاهرين وسلم”2.
والمراد من التوبة هنا التوبة الحقيقة، لا مجرد اللقلقة باللسان بذكر “استغفر الله”، التوبة بالقول والعمل، وقد بيّنت الرواية عن أمير المؤمنين(ع) شرائطها: “إنَّ الإستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معان : أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها، فتؤدي حقها، والخامس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية”3.
وقد أشار صاحب وظيفة الأنام إلى مسألةٍ غايةٍ في الأهمية، وهي الالتفات إلى وساوس الشيطان الذي يتربص بالتائب إلى الله، حيث يقول:” فانتبه إلى نفسك، ولا تقل: وعلى فرض أنّي أتوب ولكن الناس لا يتوبون فيستمر الإمام عليه السلام في غيبته فذنوب الجميع تؤدي إلى غيبته وتأخّر ظهوره! فأقول: إن كان جميع الخلق سبباً لتأخير ظهوره عليه السلام فالتفت إلى نفسك فلا تكون شريكاً معهم في ذلك، فأخشى أن يصبح حالك تدريجاً كحال هارون الرشيد في حبسه للإمام موسى الكاظم عليه السلام، وحبس المأمون للرضا عليه السلام في “سرخس”، أو حبس المتوكّل للإمام علي النقي عليه السلام في “سامراء”!”.
ونعوذ بالله تعالى من أن يصير بنا الأمر لنقاس بمن وصل في أذيته لإمام زمانه إلى حد السجن والقتل، لذا نسأل الله تعالى أن يجنبنا الذنوب ويعطينا القوة للثبات على طاعته والبعد عن معصيته الموجبة لسخطه، وتأخر نزول رحمته بظهور وليِّه الغائب المستور أرواحنا له الفداء.
3) المرابطة:
والمرابط في سبيل الله تعالى على نوعين: المرابطة المعروفة بين الناس هي الذهاب إلى الثغور والبقاء هناك على يقظة لحفظ حدود بلاد الإسلام من الغزاة، وهذه المرابطة هي النوع الأول وقد جاء في فضلها الكثير من الروايات الشريفة منها ما روي عن رسول الله الأكرم(ص): ” رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليه”4.
وفي رواية أخرى عنه(ص) : “رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه”5.
وهذه المرابطة من الأعمال التي تجر الخير لفاعلها إلى ما بعد الموت، فهي كالصدقة الجارية، ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله ويجرى عليه رزقه إلى يوم القيامة”6.
كم أن عين المرابط والحارس لحدود الإسلام لا تمسها النار يوم القيامة تكريما لجليل ما تقربت به إلى الله تعالى فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”7.
واقل المرابطة هذه ثلاثة أيام، ولو زادت عن الأربعين يومها عد المرابط مجاهداً في سبيل الله تعالى ففي الرواية عن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق: ” الرباط ثلاثة أيام، وأكثره أربعون يوماً، فإذا جاوز ذلك فهو جهاد”8.
وأما النوع الثاني من المرابطة فهو يختص بمنتظري صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وكيفيته أن يعد الإنسان نفسه وسلاحه لظهوره المبارك، ويكون على استعدادٍ دائم لنصرته، ففي الرواية عن أبي عبد الله الجعفي قال: قال لي أبو جعفر محمد بن علي الباقر: “كم الرباط عندكم ؟ قلت: أربعون قال: لكن رباطنا رباط الدهر،ومن ارتبط فينا دابة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحا كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا من ثلاث ولا من أربع، فإنما مثلنا ومثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل فأوحى الله عز وجل إليه أن ادع قومك للقتال فإني سأنصرك فجمعهم من رؤوس الجبال ومن غير ذلك ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله تعالى إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك، فجمعهم ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نصرنا فأوحى الله تعالى إليه إما أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا رب القتال أحب إلي من النار فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشرعدة أهل بدر فتوجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى فتح الله عز وجل لهم “9.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قولة تعالى: ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾10، قال عليه السلام: “اصبروا على المصائب، وصابروا على الفرائض، ورابطوا على الأئمة “11.
وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير الآية السابقة قال عليه السلام: “اصبروا على أداء الفرائض وصابروا عدوكم ورابطوا إمامكم المنتظر”12.
4) الدعاء بتعجيل الفرج:
فقد ورد في مكاتبة له عجل الله تعالى فرجه الشريف “وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم”13. بل نجد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “ومن قال أيضاً عقيب ظهر الجمعة سبع مرات: اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرج آل محمد كان من أصحاب القائم عليه السلام”14. وهذا ما نلاحظه في العديد من الأدعية أيضاً كدعاء العهد: “اللهم واكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحضوره، وعجل لنا فرجه وظهوره، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً “.
المصادر والمراجع:
1- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 52 ص 140
2- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 53 ص 178
3- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية ,آخوندي-الطبعة الثالثة – ابن بابويه- علي- فقه الرضا-مؤسسة أهل البيت ¬ ج2 ص 431
4- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى- ج 1 ص 449
5- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى- ج 1 ص 449
6- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى- ج 1 ص 449
7- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى- ج 1 ص 449
8- الحر العاملي – محمد بن الحسن – وسائل الشيعة – مؤسسة أهل البيت – الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 15 ص 29
9- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية ,آخوندي-الطبعة الثالثة – ابن بابويه- علي- فقه الرضا-مؤسسة أهل البيت ¬ – ج 8 ص 382
10- آل عمران/200
11- محمد تقي الأصفهاني – مكيال المكارم – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – ج 2 ص 398
12- محمد تقي الأصفهاني – مكيال المكارم – مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – ج 2 ص 398
13- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة – ج 23 ص 128
14- معجم أحاديث الإمام المهدي ، الشيخ علي الكوراني العاملي ، ج4 ، ص 114.