إذا سألك أحدهم أن تصف إمامك العسكري في ذكرى ولادته ، فماذا تقول له؟ للأسف أكثرنا لا يعلم كيف يصف أئمته إن كان على الصعيد الظاهري أو على الصعيد الباطني و المعنوي.
لذا تعال معنا نخطو الخطوة الأولى في تعلم كيفية توصيف أحد الأئمة المعصومين ألا و هو الإمام العسكري الذي نعيش ذكرى ولادته.
يصفه بعض معاصريه:
أنَّه علیه السلام کان «أَسْمَرُ، أَعْیَنُ، حَسَنُ الْقَامَهِ، جَمِیلُ الْوَجْهِ، جَیِّدُ الْبَدَنِ، حَدَثُ السِّنِّ، لَهُ جَلَالَهٌ وَهَیْبَهٌ.
وقد وصف جلاله وعظمه شأنه وزیر البلاط العباسی فی عصر المعتمد أحمد بن عبید الله بن خاقان، مع أنه کان یحقد علی العلویین ویحاول الوقیعه بهم، وصفه کما جاء فی روایه الکلینی فقال:
“مَا رَأَیْتُ وَلَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَی رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِیَّهِ مِثْلَ الْحَسَنِ بنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا، وَلَا سَمِعْتُ بِهِ فِی هَدْیِهِ وَسُکُونِهِ وَعَفَافِهِ وَنُبْلِهِ وَکَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَیْتِهِ وَالسُّلْطَانِ وَجَمِیعِ بَنِی هَاشِمٍ، وَتَقْدِیمِهِمْ إِیَّاهُ عَلَی ذَوِی السِّنِّ مِنْهُمْ وَالْخَطَرِ، وَکَذَلِکَ الْقُوَّادُ وَالْوُزَرَاءُ وَالْکُتَّابُ وَعَوَامُّ النَّاسِ، وَمَا سَأَلْتُ عَنْهُ أَحَداً مِنْ بَنِی هَاشِمٍ وَالْقُوَّادِ وَالْکُتَّابِ وَالْقُضَاهِ وَالْفُقَهَاءِ وَسَائِرِ النَّاسِ إِلَّا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُمْ فِی غَایَهِ الْإِجْلَالِ وَالْإِعْظَامِ وَالمَحَلِّ الرَّفِیعِ وَالْقَوْلِ الْجَمِیلِ وَالتَّقْدِیمِ لَهُ عَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ وَمَشَایِخِهِ وَغَیْرِهِم، ولم أر له وَلِیًّا وَلَا عَدُوًّا إِلَّا وَهُوَ یُحْسِنُ الْقَوْلَ فِیهِ وَالثَّنَاءَ عَلَیْه.
ووصفه الشاکري الذی لازم خدمته فقال:
“کَانَ أُسْتَاذِی صَالِحاً مِنْ بَیْنِ الْعَلَوِیِّینَ لَمْ أَرَ قَطُّ مِثْلَهُ، قال: وَکَانَ یَرْکَبُ إِلَی دَارِ الْخِلَافَهِ بِسُرَّ مَنْ رَأَی فِی کُلِّ اثْنَیْنِ وَخَمِیسٍ، قَالَ: وَکَانَ یَوْمَ النُّوبَهِ یَحْضُرُ مِنَ النَّاسِ شَیْ ءٌ عَظِیمٌ وَیَغَصُّ الشَّارِعُ بِالدَّوَابِّ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِیرِ وَالضَّجَّهِ فَلَا یَکُونُ لِأَحَدٍ مَوْضِعٌ یَمْشِی وَلَا یَدْخُلُ بَیْنَهُمْ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ أُسْتَاذِی سَکَنَتِ الضَّجَّهُ وَهَدَأَ صَهِیلُ الْخَیْلِ وَنِهَاقُ الْحَمِیرِ ، قَالَ:
وَتَفَرَّقَتِ الْبَهَائِمُ حَتَّی یَصِیرَ الطَّرِیقُ وَاسِعاً لَا یَحْتَاجُ أَنْ یُتَوَقَّی مِنَ الدَّوَابِّ نَحُفَّهُ لِیَزْحَمَهَا، ثُمَّ یَدْخُلُ فَیَجْلِسُ فِی مَرْتَبَتِهِ الَّتِی جُعِلَتْ لَهُ، فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ وَصَاحَ الْبَوَّابُونَ: هَاتُوا دَابَّهَ أَبِی مُحَمَّدٍ؛ سَکَنَ صِیَاحُ النَّاسِ وَصَهِیلُ الْخَیْلِ وَتَفَرَّقَتِ الدَّوَابُّ حَتَّی یَرْکَبَ وَیَمْضِیَ.
وأضاف فی صفه الإمام:
“کَانَ یَجْلِسُ فِی الْمِحْرَابِ وَیَسْجُدُ فَأَنَامُ وَأَنْتَبِهُ وَأَنَامُ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَکَانَ قَلِیلَ الْأَکْلِ، کَانَ یَحْضُرُهُ التِّینُ وَالْعِنَبُ وَالْخَوْخُ وَمَا شَاکَلَهُ فَیَأْکُلُ مِنْهُ الْوَاحِدَهَ وَالثِّنْتَیْنِ وَیَقُولُ: شُلْ هَذَا یَا مُحَمَّدُ إِلَی صِبْیَانِکَ، فَأَقُولُ: هَذَا کُلُّهُ؟ فَیَقُولُ: خُذْهُ مَا رَأَیْتُ قَطُّ أَسْدَی مِنْهُ. وعندما سجنه طاغیه بنی العباسي، وقال بعض العباسیین للذی وُکِّلَ بسجنه صالح بن وصیف:”ضَیِّقْ عَلَیْهِ وَلَا تُوَسِّعْ، فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: مَا أَصْنَعُ بِهِ، وَقَدْ وَکَّلْتُ بِهِ رَجُلَیْنِ شَرَّ مَنْ قَدَرْتُ عَلَیْهِ فَقَدْ صَارَا مِنَ الْعِبَادَهِ وَالصَّلَاهِ إِلَی أَمْرٍ عَظِیمٍ؟!، ثُمَّ أَمَرَ بِإِحْضَارِ المُوَکَّلَیْنِ فَقَالَ لَهُمَا: وَیْحَکُمَا! مَا شَأْنُکُمَا فِی أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالَا لَهُ: مَا نَقُولُ فِی رَجُلٍ یَصُومُ نَهَارَهُ وَیَقُومُ لَیْلَهُ کُلَّهُ، لَا یَتَکَلَّمُ وَلَا یَتَشَاغَلُ بِغَیْرِ الْعِبَادَهِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَیْنَا ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا وَدَاخَلَنَا مَا لَا نَمْلِکُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا.”
هذه واحدة من کرامات الإمام علیه السلام، وقد حفلت کتب الحدیث بکراماته التی تفیض عن حدود هذا الکتاب المختصر، وإنما نسوق بعضها لنزداد معرفه بحقه، وبأن أئمه الهدی نور واحد من ذریه طیبة بعضها من بعض، اصطفاها الله لبلاغ رسالاته وإتمام حجته، وإکمال نعمه علینا.