ككلّ عام، تجتمع الناس لإحياء ذكرى الولادة الميمونة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم؛ من جمعيّات ومؤسّسات ومدارس، وحتّى العائلات فيما بينها، تتزيّن الشوارع بالمصابيح والزينة احتفاءً بتلك الذكرى، ويتهيّأ لها بعضهم قبل أشهر؛ ليكون الاحتفال على قدر المحبّة وعظمة المناسبة، عن الاحتفال بهذه المناسبة، كان لمجلّة بقيّة الله هذه الجولة.
* الفرح في كلّ مكان
عدا عن الجمعيّات والمدارس والمؤسسات، يقوم الموالون للنبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم بمبادرات خاصّة في تزيين الشوارع وإنارتها باسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وتوزيع الحلوى على المارّة، مضافاً إلى الكثير من العائلات التي توزّع الحلوى على حبّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتزيّن بيوتها، وتحفل المباني بمشهد جميل حيث تضاء شُرف المنازل بالشموع والأضواء الملوّنة احتفاء بالمناسبة العطرة لتسري البهجة حتّى على المارّين ليلاً في الطرقات.
ثمّة مبادرات لافتة بتزيين شجر النخيل في المنازل وتوزيع التمور. تقول “أمّ محمّد” التي تعتبر المناسبة من أهمّ وأجمل المناسبات الإسلامية: “نجتمع مع إخوتي في منزل الوالدين لتناول طعام الإفطار معاً بعد أن نصوم يوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم استحباباً، ونقدّم قوالب الحلوى التي يزيّنها اسم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لترسخ المناسبة في قلوب أبنائنا عاماً بعد عام”. وتتابع: “في العام الماضي حضَّرتُ مجموعة أسئلة عن سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وطرحتها على الأطفال في جوٍّ تنافسيّ، حيث استمتعنا جميعاً، واستفدنا من المعلومات، وحصد الرابحون الجوائز”.
* إحياء ذكرى المولد الشريف أولى أولويّاتنا
ترى جمعيّة التعليم الدينيّ ومدارس المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم التي تحمل اسم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، إحياء ذكرى مولد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أولى أولويّاتها، وهي تبدأ قبل أشهر بالتحضير للمناسبة، حيث تقوم بنشاطات مكثّفة في المدارس الخاصّة والرسميّة التي يدرّس فيها معلّموها في مختلف الدول العربية، بالتعاون مع إدارات ومعلّمي تلك المدارس.
ويبدأ الاحتفال بالمناسبة مع بداية أسبوع الوحدة الإسلامية، ويمتدّ حتّى نهايته، في أجواء مليئة بالفرح والتنافس والإبداع.
“يوم المولد النبويّ الشريف هو يوم مدارس المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ويوم جمعيّة التعليم الدينيّ”. هكذا يستهلّ المدير المركزيّ للتربية الدينيّة في الجمعيّة الأستاذ محمّد سماحة حديثه، ويتابع: “في كلّ عام ترفع الجمعيّة شعاراً رسميّاً للاحتفال بالمناسبة، يحمل قيمة من القيم التي تعلّمناها من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، كالصدق أو الخير، تُبنى عليها كلّ نشاطاتنا”.
* معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام
لمعاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام طريقتها في الاحتفال بالمناسبة، فبالنسبة إليها “يشكّل المولد النبويّ الشريف مناسبة مركزية مهمّة، تُحَضَّر لها خطّة مسبقة”، تقول الحاجة أمل القطّان مديرة معاهد سيدة نساء العالمين عليها السلام في بيروت، وتتابع: “من أساسيّات الاحتفال الثابتة كلّ عام، إظهار الزينة في كلّ فروع المعهد، ونشر أجواء الفرح، وإقامة الموالد وتوزيع الحلوى على حبّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم”. ومن الأنشطة:
1- هديّة على حبّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: يقيم المعهد كلّ عام نشاطاً تحت عنوان: “هديّة على حبّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم”، حيث تُقدّم الأخوات في المعهد أغراضاً تحمل قيمة ماديّة أو معنويّة خاصّة إلى الفقراء والمحتاجين، تطبيقاً للآية الكريمة ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ (آل عمران: 923)، ويحمل هذا النشاط والبذل دفعاً معنويّاً كبيراً.
2- ندوات دينيّة وثقافيّة متنوّعة: كما يُقيم المعهد ندوات دينية وثقافية متنوعة. تقول الحاجّة أمل القطّان: “بالنسبة إلى هذا العام اخترنا التأكيد على علاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالبيئة والكائنات الموجودة فيها. فالنبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم كان يُؤكّد دائماً على قيمة المحافظة على البيئة والنظافة والعلاقة الإنسانيّة مع كائنات الطبيعة”.
وتضيف: “هدفنا التشجيع على الزراعة وغرس الشتول وعدم قطع الأشجار، وترشيد استهلاك المواد البلاستيكيّة المضرّة بالبيئة والصحّة معاً، مضافاً إلى ترشيد استهلاك المياه والحدّ من التلوّث ووقف الهدر، تطبيقاً لوصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في تجنّب الإسراف. وهذا ما سنؤكّد عليه في الندوات الثقافيّة أيضاً”.
3- أنشطة داخل المدارس: يتّسع نشاط المعهد ليشمل المدارس، عبر: المسابقات والمحاضرات التفاعلية، مضافاً إلى توزيع بوسترات تحيي فكرة وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالبيئة، بالمواكبة مع وسائل التواصل الاجتماعيّ.
تختلف طرق الاحتفال ويبقى المولد النبويّ الشريف من أعظم الأعياد الإسلامية التي تضفي البهجة والسرور على المجتمع الإسلاميّ ككلّ. يبقى أنّ قيمة المُحتفل به ومكانته ومقامه جديرةً بأن نجهد في إحيائها بأساليب وأشكال تقدّم شخصيّته ونهجه، لتكون المناسبة محطةً تقرّبنا منه وتعرّفنا إليه.