كانت النساء دوماً نصف سكان العالم، قوام الحياة في العالم كما أنه رهن بالرجل فهو رهن بالمرأة بنفس المقدار وبنفس الدرجة.
المرأة تتولى بشكل طبيعي أعظم المهام في الخلقة، المهام الرئيسية في الخلقة مثل الإنجاب وتربية الأطفال تقع على عاتق المرأة.
إذن قضية المرأة قضية على جانب كبير من الأهمية. وقد كانت مطروحة منذ القدم بين المفكرين وفي إطار الأخلاق والعادات المختلفة للشعوب.
الظلم التاريخي ضد المرأة
لقد تعرضت المرأة للظلم على امتداد التاريخ وفي شتى المجتمعات. وهو على الأغلب بسبب أنهم لم يعرفوا قدر المرأة ومكانتها. يجب أن تكتسب المرأة منزلتها الحقيقية وينبغي أن لا يطالها أي ظلم بسبب كونها امرأة. هذا شيء سيئ جداً. سواء الظلم الذي مورس ضد المرأة وكان اسمه ظلماً، أو الظلم الذي لم يكن اسمه ظلماً لكنه في الحقيقة ظلم، كدفع المرأة نحو التبرج والنزعة الاستهلاكية والتجمل العبثي والتكاليف الباهظة وتحويلها إلى أداة استهلاك. هذا ظلم كبير ضد المرأة. وربما أمكن القول أنه ما من ظلم فوق هذا الظلم. لأنه يصرفها عن مبادئها وأهدافها التكاملية ويلهيها بأشياء جد صغيرة وحقيرة.
المرأة في الغرب وسيلة لالتذاذ الرجل
إنّ الّذين يدّعون حماية حقوق الإنسان، وحقوق المرأة في العالم الغربي الجاهل، والغافل والمنحرف، هم في الحقيقة يظلمون المرأة.
إنّ العالم الإستكباري الغارق في الجاهليّة يخطأ عندما يتصوّر إنّ قيمة واعتبار المرأة هو في تجمّلها أمام الرجل حتى تنظر إليها العيون الطائشة وتتمتّع برؤيتها وتصفّق لها. وهذا الذي يطرح اليوم من قبل الثقافة الغربية المنحطّة بعنوان حريّة المرأة قائم على هذا الأساس؛ وهو جعْل المرأة معرّضة لأنظار الرجل حتّى يتمتّع بها الرجل ويلتذّ منها فتكون النساء وسيلة لالتذاذ الرجال. ويسمّون هذا حرّية المرأة. فهل هذه هي حرّية المرأة؟
إنّ الأوروبيين عندما تقدّموا صناعيّاً (أوائل القرن التاسع عشر) وفتح الرأسماليّون الغربيّون مصانع كثيرة, كانوا بحاجة إلى عمّال بأجور زهيدة, ولذا رفعوا ضجّة حريّة المرأة من أجل سحب المرأة من الأسرة إلى المصانع، والاستفادة منها باعتبارها عاملاً زهيداً للأجور فيملئون جيوبهم ويسقطونها من كرامتها ومنزلتها.
إنّ ما طرح اليوم من حرّية المرأة في الغرب هو استمرار لتلك القضيّة, ولذا فإنّ الظلم الذي تعرّضت له المرأة في الثقافة الغربية والفهم الخاطئ للمرأة في الثقافة والأدب الغربيين ليس له نظير في كلّ عصور التاريخ. فقد تعرّضت المرأة سابقاً إلى الظلم ولكن الظلم العام والشامل يختصّ بالفترة الأخيرة وهو ناجم عن الحضارة الغربية, حيث اعتبروا المرأة وسيلة لالتذاذ الرجال وأطلقوا على ذلك اسم حرّية المرأة. بينما الحقيقة هي أنّ ذلك هو حرّية للرّجال الطائشين من أجل التمتّع بالمرأة. ولم يقم الغربيون بظلم المرأة في مجال العمل والنشاط الصناعي وأمثال ذلك فقط, بل كذلك في مجال الفنّ والأدب أيضاً. فلو نظرتم اليوم في النتاجات الفنّية وفي القصص والشعر والرسوم وفي أنواع الأعمال الفنّية لديهم, لرأيتم ما هي نظرتهم للمرأة. هل هناك اهتمام بالجوانب الإيجابية والقيم الرفيعة الموجودة في المرأة؟ هل هناك اهتمام بالعواطف الرقيقة والرأفة والطبع الرؤوف الذي أودعه الله تعالى في المرأة, طبع الأمومة وروحيّة المحافظة على الطفل وتربية الأولاد, أم الإهتمام بالجوانب الجنسية أو بتعبيرهم جوانب العشق. وهو تعبير خطأ وغير صحيح, فحقيقة المسألة هي الشهوة وليست العشق. وقد أرادوا تربية المرأة وتعويدها هكذا, فهم يعتبرون المرأة كائناً استهلاكيّاً سخيّاً, وعاملاً قليل المطالبة وزهيد الأجور.
المرأة في الإسلام ركن الأسرة الوثيق
إنّ عليكم أن تنظروا إلى المرأة نظرة إنسان رفيع حتّى يتّضح ما هو حقّها وحريّتها وكمالها؟ انظروا إلى المرأة ككائن يمكنه أن يصلح المجتمع عن طريق تربية أناس بمستوى عال. انظروا للمرأة على أنّها عنصر أساسي في تشكيل الأسرة, فرغم أنّ الأسرة تتشكّل من الرجل والمرأة, وكلاهما مؤثّر في تشكيل الأسرة, ولكن استقرار أجواء الأسرة هو ببركة المرأة وطبيعة النساء. فلينظروا إلى المرأة هذه النظرة حتّى يتبيّن كيف تتكامل المرأة, وأين هي حقوقها؟
ضرورة عودة المرأة المسلمة إلى فطرتها
إنّ الإسلام لا يعتبر ذلك قيمة للمرأة. والإسلام يؤيّد عمل المرأة, بل لعلّه يعتبره لازماً عندما لا يزاحم عملها الأساسي, والذي هو أمّ أعمالها, أي تربية الأولاد والمحافظة على الأسرة. ولا يمكن للبلد أن يستغني عن طاقة العمل عند النساء في المجالات المختلفة. ولكن هذا العمل يجب أن لا يتنافى مع كرامة المرأة وقيمتها المعنوية والإنسانيّة. ويجب أن لا يذلّوا المرأة ولا يدفعوها إلى التواضع والخضوع؛ فالتكبّر مذموم من جميع الناس إلاّ من النساء أمام الأجانب. فيجب أن تكون المرأة متكبّرة أمام الرجل الأجنبي »فلا تخْضَعْنَ بالقول» (الأحزاب 32). وهذا هو من أجل المحافظة على كرامة المرأة,. والإسلام يريد هذا وهذه هي أسوة المرأة المسلمة.
إنني أقول للنساء المسلمات –الشابّات وربّات البيوت- لا تذهبن وراء الإعلام الاستهلاكي الّذي يروّج له الغرب كالأرَضَة في روح المجتمعات البشريّة ومجتمعات الدول النامية ومنها دولتنا. فالاستهلاك جيّد بمقدار اللازم وليس في حدّ الإسراف. المرأة المسلمة هي أرفع من أن تصبح أسيرة للمجوهرات والمسكوكات الذهبية وأمثال هذه الأشياء. ولا نريد أن نقول إنّها حرام, بل نريد أن نقول إنّ شأن المرأة المسلمة هو أرفع من أن يقوم البعض –في الفترة التي يعيش كثير من أبناء مجتمعنا في وضع هم بحاجة فيه إلى المساعدات الماديّة- في شراء الذهب والزينة ووسائل الحياة المتنوّعة ويسرفون في مجالات الحياة المختلفة. وهذه هي أسوة المرأة المسلمة. وهذه هي إحدى الميادين التي نفخر بها أمام العالم الاستكباري.