مناسبة ذكرى شهادة المرجع الديني الكبير آية الله القائد الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر{، نرفع اسمي آيات التعازي والمواساة إلى المراجع العظام وكل شيعي موالي لأهل البيت {عليهم السلام{،والعلماء الأعلام وذلك إجلالاً وتعظيماً لمكانتهم العظمية عند الله وعند الرسول محمد {ص{، والغالية على قلوبنا أيظن .
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171). آل عمران :
قال تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء”: فاطر: 28. العلماء من بين جميع العباد، هم الذين نالوا المقام الرفيع, وأنّ ما يرفع مقام الإنسان عند الله شيئان: الإيمان، و العلم. وبالرغم من أنّ «الشهيد» في الإسلام يتمتع بمقام سام جدّاً، إلاّ أنّنا نقرأ حديثاً للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يبيّن لنا فيه مقام أهل العلم حيث قال: «فضل العالم على الشهيد درجة، وفضل الشهيد على العابد درجة .. وفضل العالم على سائر الناس، كفضلي، على أدناهم»( مجمع البيان، ج9،ص253.) وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) نقرأ الحديث التالي: «من جاءته منيّته وهو يطلب العلم فبينه وبين الأنبياء درجة»( المصدر السابق) ومعلوم أنّ الليالي المقمرة لها بهاء ونضرة، خصوصاً ليلة الرابع عشر من الشهر، حيث يكتمل البدر ويزداد ضوءه بحيث يؤثّر على ضوء النجوم .. هذا المعنى الظريف ورد في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» نور الثقلين، ج5، ص264، والقرطبي، ج9، ص6470. والطريف هنا أنّ العابد ينجز عبادته التي هي الهدف من خلق الإنسان، ولكن بما أنّ روح العبادة هي المعرفة، لذا فإنّ العالم مفضّل عليه بدرجات.
السادة أل صدر من نسل علوي حسيني : وحسب نبيل، وجذور طاهرة . هذه الجذور أخرجت من صلبها الطاهر علماء أعلام سطروا .أروع الأمجاد في العلم والدفاع عن بيضة الإسلام .وكما هم علماء مجتهدين وفلاسفة كذلك مجاهدين والتسمية نسبة إلى جدهم الأقدم لسيّد صدر الدين. .rnوأن لقب السادة آل صدر الدين قد تحوّر في غضون الثلث الأول من القرن العشرين من آلصدر الدين إلى آل الصدر ..rnوهذه الأسرة العريقة قد اتّخذت ألقاباً مختلفة باختلاف العصور طيلة ما يزيد على قرنين، فكانوا يلقّبون تارةً بـ(آل أبي سبحة)، وأخرى بـ(آل حسين القطعي)، وثالثة بـ(آل عبد الله)، ورابعة بـ(آل أبي الحسن)، وخامسة بـ(آل شرف الدين) وأخيراً بـ(آل الصدر).rnالتسلسل النسبي ::ـ راجع نسبهم الشريف: نسب السادة آل الصدر الكرام – مدارس آل الصدر.
ويعتبرالسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر بفكره الإسلامي العقائدي النير من العلماء الذين تحدوا ظلم وطغيان البعث الكافر وكانت السلطة بعد أن حاولت استمالته ولمست مافيه من الرفض لظلمهم وطغيانهم فلجأت الى أساليب الترهيب لعلها تثنيه عن مواصلة رحلته الجهادية وتم اعتقاله عدة مرات منها:
الاعتقالات التي تعرض لها قام نظام صدام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر عدة مرات ومنها: 1 – عام 1972 قام النظام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم.وفي عام 1974 قام النظام باعتقال السيد محمّد محمد صادق الصدر في مديرية امن النجف وعندما احتج على سوء معاملة السجناء نقل إلى مديرية امن الديوانية والتي كانت اشد إيذاء للمؤمنين من بقية مديريات الأمن وقد بقي رهن الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي عدة أسابيع.ثم عام 1998 قام النظام باستدعاء السيد محمد الصدر والتحقيق معه عدة مرات.وفي العام عام 1999 قام النظام بالتحقيق مع السيد الصدر مرات عديدة وتهديده قبل اغتياله. (18).
مشروعه ألتغييري أربع مفارقات.
ملف الصدر الثاني: من أكثر الملّفات الإسلامية في تاريخ العراق المعاصر إثارة ومفارقات، فالشهيد محمد محمد صادق الصدر (رض) لم يكن أحد من الذين عايشوه قبل تصديه للمرجعية، يتوقع ان ينهض بهذا الدور الضخم والمهم والخطير في مرحلة من أكثر مراحل المسار السياسي العراقي حساسيةً وتعقيداً، إذ بدا عليه قبل هذا التصدّي للمرجعية التواضع والزهد والمثابرة والبحث والجد في دراسته والتأثر بالثورة الحسينية. المفارقة الثانية هي أن «الشائع» عن شخصية الشهيد محمد محمد صادق الصدر أنها شخصية «بسيطة» حتى ان البعض لا يريد ان يصدق حتى بعد استشهاده، انه استطاع ان ينجز هذا التحوّل الكبير في المسار الإسلامي في العراق، وهو تحوّل أثبت الكثير من الذكاء والبراعة والإبداع. المفارقة الثالثة وتتعلّق بزمن مشروعه ألتغييري، فهو زمن لا يكاد يستوعب ضخامة هذا المشروع وأبعادِه ومفرداته ومجالاته، بضع سنوات استطاع فيها الشهيد محمد محمد صادق الصدر انجاز ما لا يمكن انجازه ربما في عقود. المفارقة الرابعة ترتبط بالمكان الذي تحرك فيه هذا المشروع، وهو العراق المحكوم إلى أعتى دكتاتورية في العالم والى قيود سياسية هائلة، والى تجارب سياسية، لا يمكن إن تشجع أحداً على إن يُفكّر بالقدرة على «تحييد» السلطة، ومن ثمّ الإنطلاق برحلة تأسيسية متسارعة لعمل إسلامي كان قبل سنوات يستفزّ هذه السلطة في أبسط مظاهره. (19). (20).
خطة متسلسلة:
اثأر مشروع الشهيد الصدر الثاني (رض) جدلا حاداً في الواقع الإسلامي الداخلي في العراق غير انه جدل إيجابي في محصلته النهائية، ورغم معرفة الشهيد (رض) بما سيثيره مشروعه من جدل أو خلاف إلاّ انه اجتهد إن يفجر قضية الإصلاح للواقع الإسلامي وفق خطة أولية متسلسلة.. وهنا نشير إلى النقاط التالية: أولا: انه قدّم نموذجاً جديداً لتعاطي الفقيه مع السلطة، وهو نموذج يجد له مصاديق في تاريخ إشكالية العلاقة بين الفقيه الشيعي والسلطة. إلاّ إن الجديد فيه كما اشرنا في «المفارقات» هو سلطة صدام حسين بكل خصوصياتها الدموية، وإمكانية «تحييدها» لفترة، وانتزاع بعض الأدوات من يدها، والدخول معها في معادلة صراع علنية، معادلة، هي بحاجة إلى قراءة دقيقة للمتغيرات التي مرّت بها السلطة، والمؤثرات الخارجية عليها، ومن ثمّ تثمير هذه المتغيرات والمؤثرات لصالح الشروع بإصلاح ذاتي من جهة، وبناء إسلامي جديد من جهة ثانية. لقد خاض الصدر الثاني هذه المعادلة والتقط كل الفرص الداخلية والخارجية لكي يكون طرفاً قوياً فيها، وهذا ما لم يُفكّر فيه فقيه أو مرجع في العراق. ولذلك فهو تحمّل ما سيقال عنه كثمن لذلك. ولو إن ما يقال سيكون قاسياً ومريراً، فهو إزاء من كان يقول عنه بأنه «فقيه السلطة» أو «مرجع السلطة» مارس خطاباً لا ينفكُ يوضّح، ويحاول أن يحيّد خصومه. ثانياً: ولقد انطلق هذا المشروع، أول ما انطلق نحو بناء قاعدة شعبية متفاعلة، وجاء هذا البناء متصاعداً عبر خطوات تحرّك كبرى باتجاه الوسط الاجتماعي والعشائري، تطلّبت الخروج على «المألوف» المرجعي أو على «العُرف» المرجعي، وقيام الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر بجولات وزيارات إلى العشائر العراقية، والاطلاع على أوضاعها، وبناء علاقات معها ومن ثمّ اخيراً وضع فقه خاص بها اندرج في هذا .
السياق كما تطلّب بناء القاعدة الشعبية، تجاوز خطاب «الفقيه» المكتوب إلى خطاب الفقيه المسموع، والى تنشيط الاتصالات مع الناس، والى مواكبة همومهم وشؤونهم والعمل بفقه الواقع أو فقه الحياة بكل ما تلد من جديد مع مرور الزمن، إضافة إلى التواجد الميداني معهم، وربط مصير «الفقيه» مع مصيرهم. وبالطبع إن هذا الواقع لم يألفه الشعب العراقي من قبل لذا فانه شكّل وضوحاً له بدور الفقيه، ومن ثمّ تعاطفاً معه. وقد أثبتت تجربة الصدر الثاني إن الشعب العراقي يختزن الاستجابة للعمل الإسلامي إذ بمجرد إن تحرك السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر باتجاهه، فانه استجاب استجابة واضحة، لا تخلو من الشجاعة، وربما إن هنالك من يقول إن استجابة هذا الشعب انطلقت في جزء منها من وعيه بموقف السلطة التي سمحت للشهيد الصدر الثاني بالتحرك، الأمر الذي أزال جزءاً من المخاوف لديه، ومن ثمّ قرر الالتحاق بهذه التجربة، ولذا فإن الناس الذين التحقوا بركب الصدر الثاني لم ينتفضوا كلهم بعد اغتياله. وربما تكون وجهة النظر هذه «صحيحة» بشكل جزئي ومحدود، وإذا قيست التجربة بنتائجها وكلياتها وظروفها واحتياطات السلطة وطبيعتها فإن الأمر لا يبدو كذلك، فالجمهور الصدري الثاني كان له رد فعل ولو انه لا «يتناسب» مع ما حصل بحكم الظروف الأمنية القاسية التي تقيده، إلاّ انه اختزن وعي هذه التجربة، وسيعبر هذا الوعي عن نفسه إن عاجلا أو آجلا في صناعة مستقبل العراق. ثالثاً: وإذا كان تأسيس القاعدة الشعبية، شكّل محوراً أساسياً من محاور المشروع التغييري للشهيد محمد محمد صادق الصدر، فإن المحور الثاني كان محوراً إصلاحياً للوضع الإسلامي الداخلي، أي لوضع الحوزة، وكل ما يتعلق بشؤونها، بدءاً بمواصفات المرجع التي حددها الصدر الثاني وما اسماه التفريق بين المرجعية الناطقة والمرجعية الصامتة ومروراً بأجهزتها الوكلائية والتبليغية والمالية وانتهاءً بمناهجها ومستواها.(21) . (22).
المعرفي، ومواكبتها لحركة العصر وحاجاته ومتطلباته رابعاً: وكان المحور الآخر الذي شكّل معلماً من معالم مشروع الصدر الثاني التغييري يتمثل بالعلاقة بين الحوزة والأمة، واكتشاف الآليات والأساليب والطرق الكفيلة بإيجاد علاقة من نوع آخر بينهما، وكانت صلاة الجمعة أكبر آلية تواصلية بين الفقيه والمجتمع وبين الحوزة والأُمّة، إذ لم يعمل بهذه الآلية من قبل، إلاّ بشكل محدود، ولوعي الشهيد الصدر الثاني بأهميتها فانه أعطاها أهمية استثنائية، وأوصى بضرورة أو .وجوب مواصلتها حتى بعد موته خامساً: استطاع الشهيد محمد محمد صادق الصدر ان ينجز كل ذلك عبر منظومة مفاهيمية مغايرة، وان يؤسس شبكة من المفاهيم الخاصة، مفاهيم دينية اجتماعية، ومفاهيم حول شؤون القيادة ومفاهيم حول الشؤون الثقافية والسياسية الأخرى شكّلت بمجملها نسيجاً معرفياً متجانساً، ميّزه عن سواه من الفقهاء، وحدّد ملامح مشروعه وتجربته، فلقد جاء هذا النسيج المعرفي بشيء من الفرادة والخصوصية والابتكار، فهو تجاوز المشتركات والثوابت من خلال استيعابها، وابرز معالم قراءته الخاصة لتعاليم الإسلام التي تنتمي للاجتهاد البشري، أو الفهم البشري للدين والرسالة السماوية، ولذا فهو لم ينتم بعد استشهاده إلى تاريخ «الفقهاء التقليديين» بل انه انتمى إلى تاريخ الفقهاء الثوريين المبدعين المطورين المجدّدين، وأضاف إلى .تراكمهم المعرفي تجربة جديدة لها فرادتها في كثير من الأمور والمسائل . (23). (24).
وقائع ما قبل الاغتيال:
إن الصدر الثاني بالتأكيد تحول إلى رمز يقود ظاهرة إسلامية مليونية، إلاّ إن رموز العراق لا تبرز على صفحات الإعلام العربي إلاّ بعد التصفية والقتل على يد نظام صدام حسين الذي مهد لاغتيال الصدر الثاني عبر تحركات واحتياطات كبيرة، كشفت عنها صحيفة (القبس) الكويتية نقلا عن مصادر عراقية حيث في ضوء تلك التوجيهات «وضعت كافة قوات الحرس الجمهوري في حالة استعداد قصوى تحت غطاء مشروع تدريبي أعطي الاسم الرمزي «الفارس الذهبي» يستخدم فيه العتاد الحقيقي وصممت الفرضيات طبقاً لحصول تهديدات جوية وتدخل قوات محمولة جواً، تستهدف احتلال أهداف حساسة داخل العراق لإثارة الاضطراب. كما تضمّن المشروع الممارسة على تنفيذ التنقلات الإستراتيجية تحت ظل التهديد الجوي وفي ظروف استيلاء مفارز من القوات الخاصة المعادية للسيطرة على مفارق الطرق المهمة والنقاط الحرجة كالجسور .والمناطق التي تتعذر فيها الحركة خارج الطرق .كما تم نقل بعض ألوية الحرس الجمهوري من المنطقة الشمالية إلى منطقة الفرات الأوسط وكان لقرار فصل محافظة المثنى عن قيادة منطقة الفرات الأوسط بقيادة (محمد حمزة الزبيري) وإلحاقها بمنطقة العمليات الجنوبية بقيادة (علي حسن المجيد) صلة بالتدبير لعملية الاغتيال وذلك لتخفيف العبء عن .قيادة الفرات الأوسط التي تقود محافظات بابل وواسط والقادسية والنجف وكربلاء والمثنى وفي ليلة تنفيذ عملية الاغتيال الخميس الجمعة كانت قوات فرقة حمورابي حرس جمهوري في منطقة الصويرة (قرب واسط) وفرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري في كربلاء، فضلا عن الألوية التي نقلت من المنطقة الشمالية في حالة انتشار قتالي الأمر الذي مهّد للسيطرة المبكرة على الوضع كأحد أساليب الردع .المسبق وبالإضافة إلى هذا الإستباق الأمني الاحتياطي الذي جاء قبل تنفيذ الاغتيال، فإن هنالك انواعاً من التصعيد في المواجهة بين الصدر الثاني والسلطة، كانت كلها تُنذر بوقوع الجريمة، ففي شهر رمضان الذي سبق الاغتيال حاولت السلطة إن تتدخل في مسار صلاة الجمعة في الكثير من المدن العراقية، والتي يقيمها وكلاء :الصدر في هذه المدن فهي ـــــــ حاولت إن تبتز هؤلاء الوكلاء من خلال الطلب المتكرر منهم بالدعاء لحاكم بغداد ولم يكن هذا الطلب جديداً، بل إن السلطة ساومت به قبل أكثر من سنة، إلاّ انها لم تصل إلى نتيجة، وقررت إن تستخدم لهذا الطلب ورقة ضغط من أجل تصعيد المواجهة.
وعندما فشلت في انتزاع الدعاء لصدام حسين بما يسيء إلى هذه الظاهرة ويحاول إن يصورها على انها ظاهرة السلطة، لكن دون جدوى، بعد هذا الفشل راحت تلجأ إلى أسلوبها ألتهديدي المعروف من اجل إيقاف هذه الصلاة التي إصر الشهيد الصدر الثاني على إقامتها وأوصى بذلك حتى بعد استشهاده، بعدما أصر على رفض الدعاء لصدام بهذه الصلاة مهما كان الثمن. ــــــ وفي سياق هذا التهديد حاولت السلطة إن تفرض أئمة جمعة تابعين لوزارة الأوقاف التي تديرها، إلاّ إن كل محاولاتها في هذا الإطار فشلت هي الأخرى لان الناس رفضوا الصلاة وراء عملاء السلطة هؤلاء. ــــــــ وتطورت المواجهة بعد ذلك إلى صدامات سبقت اغتيال الشهيد الصدر الثاني في عدد من مدن العراق، منها الناصرية، سقط فيها عدد من الشهداء، واعتقلت السلطة عدداً من وكلاء السيد الشهيد الصدر الثاني.ــــــــ وواصلت السلطة تحرشاتها عندما قامت «بعملية إنزال على مسجد الكوفة الذي له اثر تاريخي اجتماعي كبير في نفوس عامّة المسلمين وبذريعة المناورة العسكرية قامت قوات الأمن ورجالات السلطة والجيش الشعبي بفتح الأبواب الرئيسية بالقوة، وكانت هنالك قوة عسكرية متحصنة داخل المسجد، واعتبرت العملية استفزازا لمشاعر المصلين والمؤمنين بشكل عام، وتأتي انتهاكاً لحرمة أماكن العبادة، كما اعتاد النظام على .”هذه الممارسات لنشر الإرهاب والخوف **** ولم توقف كل هذه الإجراءات الشهيد محمّد محمد صادق الصدر عن الاستمرار في المواجهة، والمطالبة العلنية من على منبر صلاة الجمعة بإطلاق سراح وكلائه المعتقلين من خلال هتافات أمر جمهور المصلين .بترديدها ويذكر إن السيد الشهيد محمد محمّد صادق الصدر عمل على ترسيخ الوعي الإسلامي لدى جمهور المصلين من خلال أسلوب الشعار، وتحويل المطالب والمقولات المهمة إلى شعارات يرددها ويأمر الجمهور بترديدها في سياق خاطبه الذي اتسم بالوضوح، ولعل هذه الظاهرة هي الأولى من نوعها في العراق حيث لم يعتد الشارع العراقي على ان يردد الفقيه الشعار بنفسه مع الجمهور، وبالتأكيد ان الشعار له فلسفته الخاصة في .صناعة الوعي **** وفي ظل رفض الصدر الثاني ووكلائه المتكرّر لطلبات السلطة في الدعاء لحاكم بغداد، وفي سياق تصاعد وتيرة المواجهة، ضاعفت السلطة من طلباتها «وأقدم (حمزة الزبيري) ونيابة عن صدام على مطالبة الإمام الصدر قبل يومين من عملية الاغتيال بفتوى لـ (تحرير الكعبة) وأخرى لتأييد دعوة صدام الشعوب العربية للإطاحة بحكّامها، وثالثة تتعلق باغتيال الشهيدين البروجردي والغروي، ورابعة لإعلان الجهاد بما يتوافق .”وسياسات صدام”ــــــ بالإضافة إلى رفض الدعاء وطلبات «إصدار الفتاوى» تلك فان الصراع مع السلطة على طول خط ما قبل: (28).
وقوع جريمة الاغتيال: ستبطن رفضاً صدرياً لأمور عديدة تحقق رغبة السلطة «إذ لم يكن اغتيال الصدر مفاجئاً، وسبقته سلسلة من الأحداث والمواجهات الساخنة منذ شهر عاشوراء وشهر شعبان وشهر رمضان الماضي، حيث طلبت السلطات منه منع المسيرة السنوية التي يقوم بها عشرات الآلاف من المشاة من مختلف مدن العراق متوجهين إلى كربلاء، لكنه أصدر أمراً إلى الناس بالتوجه إلى المدينة، وذلك خرقاً للمنع الذي كان النظام العراقي أصدره بالشكل الذي لا يضر بالدولة ولا يمت إلى سياستها وكيانها بأية .صلة» ــــــ بعد ذلك اتصل صدام حسين بالصدر تليفونياً وطلب منه منع التحرك فرفض فصدر أمر بوضعه في الإقامة الجبرية واعتقل وكلاؤه في المدن العراقية، حتى خرق الصدر أمر الإقامة الإجبارية مع ولديه مصطفى .ومؤمل وواقع الحال إن المواجهة في أشكالها السرية والعلنية بدأت بشكل حاد بين الشهيد الصدر الثاني والسلطة مُنذ الأسابيع الأولى لإقامة صلاة الجمعة وحتى اغتياله. وقد برزت مؤشرات واضحة قبل إن يشرع المرجع الصدر بصلاة الجمعة، «فقرر النظام العمل على تحجيم مرجعية الصدر الشهيد بكل الوسائل فسحب منه حق التأييد لطلبة الحوزة العلمية لغير العراقيين في النجف الأشرف للحصول على الإقامـة، كما حاول الإيحاء للعامة إن الشهيـد محمد محمّد الصـدر هو مرجع السلطة للتقليل من شأنه، لان إعلان مثل هذا الأمر يثير حساسية الناس ونفورهم، ومارس ضغوطاً شتى على وكلائـه وزوّاره، وقام بنشر عيونه وجلاوزته حول منزلـه ومجالس دروسـه، ولما لم تنفع مثل هذه الأساليب حاول التقرب إليه وتقديم كل ما يطلبه مقابل مدح الطاغيـة أو النظام، أو على الأقل تحاشي كل ما من شأنه إن يفهم من قبل الناس بأنـه حديث ضـد السلطة، ولما فشل في ذلك ايضاً اتخذ قراره قبل أكثر من ثلاثة أشهر باغتياله، حيث اصـدر حزب السلطة تعميماً إلى أعضائه يتضمن اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والاستعداد للمرحلة القادمة التي ربما ستشهد حالة اضطرابات ومواجهات حسب ما جاء في التعميم بدعوى إن هنالك معلومات تفيد إن مجموعة من المخربين ستقوم باغتيال المرجع محمد الصدر (رض) وستدّعي إن النظام من فعل هذا الأمر!! .ويومها بدأت استعدادات النظام. (29).
الجريمة كان من «عادة السيد (رضوان الله عليه): إن يقيم مجلس التعزية في (البرانية) يوم الجمعة، ليلة السبت وينتهي المجلس في الساعـة 5،8 ليلا، وبعدها يخرج سماحته إلى بيته مع ولديه، حيث يوصلانه إلى هناك ويعودان إلى داريهما. وفي الليلة التي استشهد فيها خرج السيد على عادته مع ولديه بلا حماية ولا حاشيـة نظراً لان المسافـة إلى البيت كانت قريبـة، وفيما كانوا يقطعون الطريق إلى بداية منطقة (الحنانة) في احدي ضواحي النجف القريبة وعند الساحة المعـروفة بـ (ساحة ثورة العشرين) جاءت سيارة اميريكة الصنع (اولدزموبيل) ونزل منها مجموعـة من عناصر السلطة وبأيديهم أسلحة رشاشة وفتحوا النار على سيارة السيد، فقتل أولاده على الفور، وبقي سماحته على قيد الحياة لكنه نقل إلى المستشفى مصاباً برأسه ورجليه، وبقي قرابة الساعة بالمستشفى ثمّ قضى نحبه شهيداً. وبعد استشهاده حضر جمع من مسئولي السلطة إلى المستشفى، وذهب آخرون إلى بيته ولم يسمحوا بتجمهر المعزّين أو الراغبين بتشييع جنازته، ولذا قام ولدا السيد الشهيد بتشييعه ليلا ومعهم ثمانية رجال وبعض النساء، حيث .( تم دفنه في المقبرة الجديدة في وادي (الغري ردود الأفعال على جريمة الاغتيال ردود الأفعال الداخلية حضر الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر حضوراً عميقاً في قلوب العراقيين وضمائرهم، وتحوّل هذا الحضور إلى حب ورابطة قلّما تجسّدت بين الشعب العراقي وبين فقيه من الفقهاء، ولا يمكن حصر مظاهر وتجليات هذا الحب في سلوكية الناس قبل وبعد اغتيال الصدر الثاني، فبعض هذه المظاهر والتجليات كانت تعكسها صور ودرجات التفاعل معه المعلنة من خلال خطب الجمعة. فبعد اغتيال الشهيد محمّد محمد صادق الصدر اندلعت من جامع المحسن في مدينة الثورة تظاهرات صاخبة أغلقت الشوارع الرئيسية للمدينة من جهة قناة الجيش وساحة المظفر والحبيبية وحي جميلة، ورفعت شعارات ضد صدام حسين وندّدت باغتيال الصدر، وقذفت جداريات صدام بالوحل، وهرعت قوات فدائيي صدام يقودها قصي صدام الذي اتخذ موقع قيادة له في نقطة قريبة من قناة الجيش ليوجّه عملية قمع الانتفاضة بنفسه، وأكد شهود عيان توجه 12 دبابة وعدد من المدرعات والسيارات التي تحمل الدوشكات الأحادية والثنائية نحو المدينة وأخمدت الانتفاضة في اليوم الأول لها بعد سقوط ما يقرب من 50 قتيلا وجرح 200 آخرين فيما سقط 17 قتيلا في صفوف الجيش، وكذلك اندلعت مظاهرات ومواجهات في مدينة الناصرية، ولعل هذا يفسر اصطحاب وزارة أعلام بغداد عدداً من مراسلي الصحف إلى بعض أجزاء مدينتي الثورة .”والناصرية بعد انتهاء المواجهات إما مدينة النجف الأشرف فقد حدثت فيها صدامات محدودة بعد حادث الاغتيال حيث كانت مطوقة بالدبابات والأسلحة الثقيلة بشكل لم يحصل من قبل إطلاقا كما إن دوريات السلطة كانت تملأ الأزقة والشوارع التي .كانت شبه خالية من الناس ويتفق الجميع على ان هذه الاحتجاجات والصدامات والاضطرابات قد حصلت في عدة مدن من العراق في رد .فعل غاضب على هذه الجريمة فاللافت ان ردود الفعل، لا سيما العسكرية أخذت سيراً تصاعدياً، ولقد شكّلت عمليات يوم 19 / 3 / 1999 في مدينة البصرة مفاجأة للسلطة وذلك عندما سقطت لعدة ساعات بيد الثوار وتم فيها مقتل محافظ البصرة ومدير الأمن فيها، كما تم في هذه العملية محاكمة أكثر من عشرين عنصراً حزبياً وامنياً، تم إعدامهم على الفور، وان العمليات التي سبقت هذه العملية أظهرت تطوّراً نوعياً في القدرة على الخداع والتمويه واللجوء إلى أساليب تغطية معقّدة إذ إن «سيارات فخمة وحديثة معظمها من نوع شبح مرسيدس أخذت تجوب المدن الرئيسية في العراق، وعندما تقترب من المسؤولين في الحزب أو الدولة، سواء كانوا في سياراتهم أم راجلين فان من في داخل السيارات المذكورة يفتحون النار على المسؤول، وتنطلق السيارة من دون ارتباك إلى واجهتها بعد تنفيذ أفرادها المهمة المكلّفين بها، ولقد سجّلت العديد من هذه الحوادث في مدن بغداد والحلة وكركوك والسماوة وتركّزت بشكل كبير في تكريت، بعد إن باتت الأجهزة الأمنية شبه عاجزة عن ملاحقة هذه السيارات لعدم تمييزها عن سيارات المسؤولين الكبار، فضلا عن انها سيارات حديثة وسريعة يصعب على المفارز والدوريات ملاحقتها، وقد أطلق المواطنون على هذه السيارات تسمية (سيارات السيد) .نسبة إلى المرجع الشهيد السيد محمد محمّد صادق الصدر كما ان معلومات من داخل العراق تقول ان الثوار في إحدى هذه العمليات استخدموا الملابس والإشارات التي .يستخدمها فدائيو صدام المجرم ردود فعل خارجية
بالإضافة إلى بيانات الاستنكار التي أصدرتها الحركات والأحزاب العراقية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية، فإن المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في إيران السلام وسوريا ولبنان والأردن ودول أوروبية وأميركا واستراليا وأماكن أخرى من العالم كانت من الشمولية والقوة والتحدي ما أظهر لأول مرة حضوراً عراقياً مؤثراً ومتفاعلا مع ما يحصل داخل العراق، إذ إن ظاهرة المظلم الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر لم تمثل أملا لعراقيي الداخل وحسب، بل إنها مثّلت أملا مشحوناً بالجدل للكثير من كوادر وقواعد الحركة الإسلامية خارج العراق، التي أصيب بعضها بالانشقاقات والتعدُّد السلبي واثر أصدر مكتب ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله) بياناً وصف فيه استشهاد آية الله السيد محمد الصدر بأنه ذروة تعذيب وضغوط أعداء الإسلام ضد العلماء والمفكرين المسلمين. ومما جاء في البيان: تلقينا ببالغ الأسف نبأ استشهاد آية الله السيد محمد الصدر من علماء النجف الأشرف واثنين من أبنائه على أيدي مجرمين. وقال البيان بأن الحوزات العلمية في النجف الأشرف كانت ومنذ عدة قرون مركزاً للعلم والاجتهاد ونشر المعارف الإسلامية وتعاليم أهل البيت (ع)، مشيراً إلى أن أعداء الإسلام والعلم لم يدخروا وسعاً في هدم هذا الصرح الإسلامي الكبير وجسدوا أعمالهم هذه في نفي وقتل العلماء والمفكرين أمثال الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر والشهيدين الغروي والبروجردي وسائر العلماء البارزين. وما من شك فلا يمكن تجاهل مسؤولية الحكومة العراقية من هذه الأحداث، ويجب عليها تقديم الإيضاحات .للرأي العام العالمي وخصوصاً للمسلمين وفي الختام عزى مكتب القائد البار زعيم الأمة وقائد الثورة الإسلامية المؤمنة وأسرة الشهيد الصدر والمراجع العظام وسائر علماء .في البلاد الإسلامية بالحادث الألي فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً. أسألكم الدعاء إيه الإخوة الأحبة الكرام. (30).