لم تعرف الدنيا رجلاً جمع الفضائل ومكارم الأخلاق – بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم – كالإمام أمير المؤمنين عليه السلام، فقد سبق الأولين، وأعجز الآخرين، ففضائله أكثر من أن تحصى، ومناقبه أبعد من أن تتناهى، ولقد كانت أخلاقه قبساً من نور خلق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الذي تربى في حجره وعاش على مائدة مكارم أخلاقه، حتى شب عن الطوق، واكتملت رجولته، حيث كان يتولاه بالمواعظ والآداب العظيمة، فتنامت أخلاقه شموخاً، وسجاياه علواً ورفعةً، وظلت فضائله وأخلاقه ومكارمه حية متألقة في روحه حتى فارق الدنيا.
فهو ابن عم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأول من لبَّى دعوته واعتنق دينه، وصلّى معه، وهو أفضل هذه الأمة مناقب – بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وأجمعها سوابق، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً لله تعالى وعبادة له، وجهاداً في سبيل دينه، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا أنهدت صولة الكافرين.
والحديث عن علي بن أبي طالب عليه السلام طويل، لا تسعه المجلدات، ولا تحصيه الأرقام ولكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، وحسبنا أن نشير هنا إلى بعض خصائصه وأخلاقه، لكي تكون مناراً ينير لنا درب القرب إلى الله تعالى والمعراج إليه، ونحيا حياة علي بن أبي طالب عليه السلام ونموت مماته.
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يصف علياً عليه السلام:
إنَّ خير ما نبدأ به حديثنا عن أمير المؤمنين عليه السلام هو قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في وصفه له، حيث قال: «من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته وإلى شيث في حكمته وإلى إدريس في نباهته ومهابته وإلى نوح في شكره لربه وعبادته وإلى إبراهيم في وفائه وخلته وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته وإلى عيسى في حب كل مؤمن ومعاشرته فلينظر إلى علي بن أبي طالب». (بحار الأنوار للمجلسي: ج17، ص419 ب5 ح49).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أراد أن ينظر إلى يوسف في جماله وإلى إبراهيم في سخائه وإلى سليمان في بهجته وإلى داود في حكمته فلينظر إلى علي بن أبي طالب». (بحار الأنوار للمجلسي:ج39، ص35ب73ح2).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام:«… لَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لَا تَمُرُّ بِمَلأٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ…».(الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص57).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حق معرفتك غير الله وغيري». (المناقب لابن شهر اشوب: ج3 ص60).
هذا بعض ما ذكر في وصف الأمير عليه السلام وهو ولي الله الأعظم والإمام الأكبر لبني البشر. وهذا الكلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دليل على أن ما قيل وما كتب وما سيقال ويكتب عن علي عليه السلام ليس إلا بمقدار جناح بعوضة أمام ذروة ربانية شامخة تجتمع فيه خلاصة المقامات الإلهية التي يعطيها الله لخاصة أوليائه. فعظمة علي عليه السلام لا يعرفها أهل الأرض ولا أهل السماء, وقد ورد وصفه في الرواية: «كبير في الأرض جليل في السماء عظيم عند الله سبحانه وتعالى». إنَّ عظمة علي عليه السلام يعرفها فقط المليك المقتدر.
إيمانه الوثيق بالله تعالى وإخلاصه:
الصفة البارزة التي تميّز بها الإمام عليه السلام أنّه كان من أعظم المسلمين إيماناً بالله تعالى، ومن أكثرهم معرفة به، وهو القائل: «لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا… ». (مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب: ج1، ص317). وقد ورد في مناجاته لله تعالى قوله عليه السلام: «إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك، ولا طمعا في ثوابك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك». (بحار الأنوار للمجلسي: ج٤١، ص14).
وهذا هو منتهى الإيمان، فقد كانت عبادته لله تعالى عبادة المنيبين والعارفين الأحرار لا عبادة التجار ولا عبادة العبيد، فقد وهب حياته لله تعالى، وجاهد في سبيله كأعظم ما يكون الجهاد، وكانت جميع أعماله خالصة لوجه الله تعالى لا يشوبها أيّة شائبة من أغراض الدنيا ومتعها التي يؤول أمرها إلى التراب، وحدّثنا المؤرّخون عنه حينما صرع عمرو بن عبد ودّ العامري فارس العرب، فإنّه لم يجهز عليه لأنّه قد سبّه وأغلظ في شتمه، فغضب من ذلك، ولمّا سكن غضبه أجهز عليه، وقد سئل عن السبب في تأخيره لقتله، فأجاب: «إنّي ما أحببت قتله انتقاماً لسبّه لي فيفوت منّي الأجر والثّواب، فلمّا سكن غضبي أجهزت عليه في سبيل الله تعالى»، وهكذا كانت جميع أعماله وصنوف جهاده خالصة لوجه الله تعالى، لم يبتغ فيها إلاّ رضا الله تعالى.
إنابته عليه السلام لله تعالى:
كان الإمام عليه السلام من أعظم المنيبين لله تعالى، ومن أكثرهم خوفاً منه، وقد حدّث أبو الدرداء عن شدّة إنابته لله تعالى قال: شاهدت علي بن أبي طالب بسويحات بني النجار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممن يليه وقد استتر ببعيلات النخل فافتقدته وبَعُدَ عليّ مكانه فقلت: لَحِق بمنزله، فإذا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: «إلهي كم من موبقة حلمتَ عن مقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمتَ عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا راج غير رضوانك»، فشغلني الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب بعينه، فاستترت لأسمع كلامه وأخملت الحركة فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فرغ إلى الدعاء والتضرع والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله عز وجل أن قال: «اللهم إني أفكر في عفوك فتهون عليَّ خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليتي، ثم قال: آه إن قرأتُ في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه، فياله من مأخوذ لا تُنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء، ثم قال: آه من نار تُنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزّاعة للشوى، آه من غمرة في ملهبات لظى»، ثم أمعن (أي زاد) في البكاء فلم أسمع له حساً ولا حركةً، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر، قال أبو الدرداء: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحرّكته فلم يتحرك وزوّيته فلم ينزوِ، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون مات والله علي بن أبي طالب، فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة: «يا أبا الدرداء ما كان من شأنه وقصته؟» فأخبرتها الخبر، فقالت: «هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى»، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إليّ وأنا أبكي فقال: «ما بكاؤك يا أبا الدرداء؟»
فقلت: مما أراه تنزله بنفسك.
فقال: «يا أبا الدرداء! فكيف لو رأيتني وقد دُعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ شداد وزبانية فظاظ، وأوقفت بين يدي الجبار، وقد أسلمني الأحبّاء ورحمني أهل الدنيا لكنتَ أشدّ رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية»، قال أبو الدرداء: فو الله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (تنبيه الخواطر لابن ورام: ج2، ص156).
لقد كان قلب أمير المؤمنين عليه السلام وفكره متعلقاً بالله تعالى في جميع فترات حياته، وسعى لكلّ ما يقرّبه إليه زلفى، وممّا قاله ضرار لمعاوية في وصفه للإمام: ولو رأيته في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ تململ السليم (السليم: من لدغته الحيّة) ويبكي بكاء الحزين، وهو يقول: «يا دنيا، إليّ تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات، لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثاً (أي طلّقتك طلاقاً بائناً) لا رجعة لي عليك»، ثمّ يقول: «آه آه لبعد السّفر، وقلّة الزّاد، وخشونة الطّريق», وتأثّر معاوية وقال: حسبك يا ضرار، كذلك والله كان عليّ. (بحار الأنوار للمجلسي: ج41، ص15، الأمالي للشيخ الصدوق: ص٣٧١).
إنّ هذه الإنابة تُبهر العقول، إنّها إنابة العارفين بالله تعالى الذين ملئت نفوسهم إيماناً وخشية وإخلاصاً لله تعالى.
عبادته عليه السلام:
روى المؤرّخون صوراً مذهلة عن عبادة الإمام لله تعالى، فقد رووا أنّه حينما كان في أشدّ الأهوال وأعنفها في صفّين كان يقيم الصلاة في وسط المعركة وسهام الأعداء تأخذه يميناً وشمالاً، وهو غير حافل بها لأن مشاعره وعواطفه قد تعلّقت بالله تعالى.
قال الامام محمد الباقر عليه السلام: «دخلت على أبي عليّ بن الحسين فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، قد اصفرّ لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من الصلاة، قال أبو جعفر: فلم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحالة وهو يبكي فبكيت رحمة له، فالتفت إليّ فقال: أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة عليّ بن أبي طالب فأعطيته فقرأ فيها شيئاً يسيراً، ثمّ تركها من يده تضجّراً، وقال: من يقوى على عبادة عليّ بن أبي طالب». (الإرشاد للشيخ المفيد: ص٢٧١، بحار الأنوار للمجلسي: ج37، ص17، وسائل الشيعة للحر العاملي: ج1، ص68).
العصمة من الذنوب:
وظاهرة أخرى من نزعات الإمام عليه السلام وذاتياته العصمة من كلّ إثم ورجس، فلم يقترف – بإجماع المؤرّخين- أي ذنب أو خطيئة، ولم يشذّ عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هديه وسلوكه، قال عليه السلام :«والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جِلب شعيرة ما فعلت».(نهج البلاغة خطب الامام علي عليه السلام: ج2، ص218)، وقال عليه السلام : «والله لأن أبيت على حسك السّعدان (الحسك: الشوك، السعدان: نبت له شوك ترعاه الإبل) مسهّداً، أو أُجرّ في الأغلال مصفّداً، أحبّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام». (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج3، ص80).
نكران الذات:
لقد آثر أمير المؤمنين عليه السلام الآخرين بالطيبات واللذائذ فتنكر لذاته وقدّم غيره على نفسه، وقد وصف الإمام الباقر عليه السلام هذه الخصلة عند أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول: «كان علي بن أبي طالب عليه السلام ليطعم الناس خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير، والزيت والخل». (بحار الأنوار للمجلسي: ج40، ص337).
وينقل لنا التاريخ نماذج كثيرة في هذا الشأن منها:
1- قال عليه السلام: «وإنّما هي نفسي أروضها بالتّقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطّريق، إلى مصفّى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة، ولعلّ بالحجاز أو اليمامة مَن لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشّبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة *** وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ
أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدّهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش». (نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج3، ص73).
2- أتى الإمام عليه السلام سوق البزّازين ليشتري ثوباً له فوقف على تاجر فعرفه، فأراد مسامحته ليتقرّب إليه، فانصرف عنه ولم يشتر منه، ووقف على غلام لم يعرفه فاشترى منه ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم، والآخر بدرهمين، فقال لقنبر: «خذ الّذي بثلاثة دراهم»,
فقال له قنبر: أنت أولى به، إنّك تصعد المنبر وتخطب الناس، فردّ عليه السلام وقال له: «أنت شابّ، ولك شرة الشّباب، وأنا أستحي من ربّي أن أتفضّل عليك». (الغارات لابراهيم الثقفي: ج١: ص١٠٦).
حرصه عليه السلام على أموال الناس:
لقد كان عليه السلام حريصاً على أموال المسلمين دقيقاً في صرفها ولم يستأثر منها بشيء لنفسه ويذكر المؤرخون حوادث رائعة في هذا المجال منها:
1ـ روى هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على عليّ بن ابي طالب عليه السلام بالخورنق، وهو يرعد تحت سمل قطيفة، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال ما يتنعم، وأنت تصنع بنفسك ما تصنع؟ فقال: «والله ما أرزؤكم من مالكم شيئاً، وإنّها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي: أو قال: من المدينة». (حلية الأبرار للبحراني: ج2، ص246).
2 ـ وقال الإمام علي عليه السلام:« دخلت بلادكم بأسمالي هذه، ورحلي وراحلتي ها هي، فإن أنا خرجت من بلادكم بغير ما دخلت فإنني من الخائنين». (بحار الأنوار للمجلسي: ج40، ص325 ب98 ح7).
3ـ ذكر الرواة أنّ الإمام في أيام خلافته لم يكن عنده قيمة ثلاثة دراهم ليشتري بها إزاراً أو ما يحتاج إليه، ثمّ يدخل بيت المال فيقسّم كلّ ما فيه على الناس، ثمّ يصلّي فيه، ويقول: «الحمد لله الّذي أخرجني منه كما دخلته». (بحار الأنوار للمجلسي: ج40، ص321).
زهده عليه السلام:
من ذاتيات إمام المتّقين، ومن أبرز عناصره الزهد التامّ في الدنيا، والرفض الكامل لجميع مباهجها وزينتها فكان أزهد الناس، وقد تحدّث الإمام عليه السلام عن زهده وإعراضه عن الدنيا بقوله: «فو الله ما كنزت من دنياكم تِبراً، ولا ادّخرت من غنائمها وَفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طِمراً، ولا حُزت من أرضها شِبراً، ولا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دبرة».
لقد زهد الإمام عليه السلام في الدنيا في جميع فترات حياته خصوصاً لمّا تولّى السلطة العامّة للمسلمين، فقد تجرّد تجرّداً تامّاً من جميع رغباتها وعاش عيشة البؤساء والفقراء، فلم يبنِ له داراً، ولم يلبس من أطايب الثياب وإنّما كان يلبس لباس الفقراء، ويأكل أكلهم، مواساةً لهم وهكذا انصرف عن الدنيا، وملاذها ومنافعها، فعن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: «ولقد ولي علي عليه السلام خمس سنين وما وضع آجرة على آجرة، ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطيعاً، ولا أورث بيضاء، ولا حمراء». (بحار الأنوار للمجلسي: ج40 ص339).
ومن أمثلة زهده ما رواه صالح بن الأسود قال: رأيت عليّاً قد ركب حماراً وأدلى رجليه إلى موضع واحد، وهو يقول: «أنا الّذي أهنت الدّنيا». (تاريخ دمشق لأبن عساكر: ج3، ص236، جواهر المطالب لابن محمد الدمشقي الشافعي: ص٢٧٦).
أجل والله يا رائد العدل لقد أهنت الدنيا، واحتقرت جميع مباهجها وزينتها، فقد أتتك الدنيا وتقلّدت أسمى مركز فيها، فلم تحفل بها، ولم تعر لسلطتها أي بال، فسلام الله عليك يا إمام المتّقين.