بعث الله تبارك وتعالى النبيّ محمد(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد عام الفيل بأربعين عاماً، أي حينما بلغ الأربعين من عمره الشريف، وكان قبل ذلك يسمع الصوت ولا يرى الشخص حتّى تراءى له جبرائيل وهو في سنّ الأربعين.
وكانت البعثة النبويّة في السابع والعشرين من شهر رجب، وهيّأ الله تعالى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) لتلقّي الوحي القرآنيّ: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾، ثمّ بدأ نزول القرآن عليه تدريجيًّا في شهر رمضان المبارك، وقد نزلت عليه(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) حقائق القرآن ومعانيه دفعة واحدة ثمّ صار ينزل عليه تدريجيًّا، سورةً سورةً، ثمّ صارت تتوالى الأحداث فينزل جبرائيل عليه بالآيات المرتبطة بها في السور التي كانت قد نزلت دفعة واحدة قبل ذلك. ومن المعلوم أنّ بدء الوحي كان في غار حراء، وكان(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) يتعبّد في ذلك الغار، وقد ذكر المؤرّخون وكتّاب السيرة الكثير من القضايا المرتبطة بطريقة نزول الوحي، ومنها أنّ جبرائيل عصره ثلاث مرّات. وغير ذلك من خرافات، وأنّه(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) رجع عندما نزل عليه الوحي، خائفًا يرتجف وأنّ خديجة(ع) قد أخذته إلى ورقة بن نوفل النصرانيّ، فأخبره بأنّ ما يراه هو الملاك؛ ولكن الواقع كان غير ذلك تمامًا إذ أنّ النصوص التاريخيّة تشير إلى أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد نزول الوحي عليه رجع إلى أهله مستبشرًا مسرورًا بما أكرمه الله به، مطمئنًّا إلى المهمّة التي أوكلها الله بها.
عن زرارة أنّه سأل الإمام الصادق(ع): كيف لم يخف رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في ما يأتيه من قِبَل الله تعالى: أن يكون ممّا ينزع به الشيطان؟ فقال(ع) : “إنّ الله إذا اتّخذ عبداً رسولاً، أنزل عليه السكينة والوقار، فكان الذي يأتيه من قِبَل الله، مثل الذي يراه بعينه”.