صفات أبو الفضل العباس تتحلى في:
1 ــ قوة الإيمان بالله: وهي من أبرز العناصر في شخصية أبي الفضل عليه السلام، ومن أوليات صفاته، وكيف لا تكون كذلك وهو من تربى في حجر الإيمان ومراكز التقوى، ومعاهد الطاعة والعبادة لله تعالى، فقد غذاه أبوه زعيم الموحدين، وسيد المتقين بجوهر الإيمان، وواقع التوحيد.
2 ــ الإباء: وهي عزة النفس فقد أبى أن يعيش ذليلا في ظل الحكم الأموي الذي اتخذ مال الله دولا، وعباد الله خولا، فاندفع إلى ساحات الجهاد كما اندفع أخوه أبو الأحرار الذي رفع شعار العزة والكرامة، وأعلن أن الموت تحت ظلال الأسنة سعادة، والحياة مع الظالمين برما.
3 ــ الصبر: ومن خصائص أبي الفضل ومميزاته الصبر على محن الزمان، ونوائب الدهر، فقد ألمت به يوم الطف من المصائب والمحن التي تذوب من هولها الجبال، فلم يجزع، ولم يفه بأي كلمة تدل على سخطه، وعدم رضاه بما جرى عليه وعلى أهل بيته، وإنما سلم أمره إلى الخالق العظيم، مقتديا بأخيه سيد الشهداء عليه السلام الذي لو وزن صبره بالجبال الرواسي لرجح عليها.
4 ــ الوفاء: وهي من أنبل الصفات وأميزها، فقد ضرب الرقم القياسي في هذه الصفة الكريمة وبلغ أسمى حد لها، فكان من أوفى الناس لدينه، ومن أشدهم دفاعا عنه.
ولم ير الناس على امتداد التاريخ وفاءً مثل وفاء أبي الفضل لأخيه الإمام الحسين عليه السلام، ومن المقطوع به أنه ليس في سجل الوفاء الإنساني أجمل ولا أنظر من ذلك الوفاء الذي أصبح قطبا جاذبا لكل إنسان حر شريف.
5 ــ قوة الإرادة: أما قوة الإرادة فإنها من أميز صفات العظماء الخالدين الذين كتب لهم النجاح في أعمالهم إذ يستحيل أن يحقق من كان خائر الإرادة، وضعيف الهمة أي هدف اجتماعي، أو يقوم بأي عمل سياسي.
ولقد كان من الطراز الأول في قوة بأسه، وصلابة إرادته، فانضم إلى معسكر الحق، ولم يهن، ولم ينكل، وبرز على مسرح التاريخ كأعظم قائد فذ، ولو لم يتصف بهذه الظاهرة لما كتب له الفخر والخلود على امتداد الأيام.
6 ــ الرأفة والرحمة والإيثار: وأترعت نفس أبي الفضل بالرأفة والرحمة على المحرومين، والمضطهدين وقد تجلت هذه الظاهرة بأروع صورها في كربلاء حينما احتلت جيوش الأمويين حوض الفرات لحرمان أهل البيت (ع) من الماء حتى يموتوا أو يستسلموا لهم، ولما رأى العباس عليه السلام أطفال أخيه، وسائر الصبية من أبناء أخوته، وقد ذبلت شفاههم، وتغيرت ألوانهم من شدة الظمأ ذاب قلبه حنانا وعطفا عليهم، فاقتحم الفرات، مع ثلة من أصحابه وحمل الماء إليهم، وسقاهم، وكان ذلك في اليوم السابع من المحرم، وفي اليوم العاشر من المحرم، سمع الأطفال ينادون العطش العطش، فتفتت كبده رحمة ورأفة عليهم، فأخذ القربة، والتحم مع أعداء الله حتى كشفهم عن نهر الفرات، فغرف منه غرفة ليروي ظمأه فأبت نفسه أن يشرب قبل أخيه وأطفاله، فرمى الماء من يده.
ولو بحث أهل السير والتاريخ في الأمم السالفة فإنهم لن يجدوا مثل هذه الفضائل التي تحلى بها قمر بني هاشم وفخر عدنان. هذه بعض عناصر أبي الفضل وصفاته، وقد ارتقى بها إلى قمة المجد.