و في ظل هذه الحركة الثقافيّة الدّؤوبة ، تناهى إلى مسامع السّيد مقتدى الصّدر انخراط بعض الطّلبة في هذا العمل الرّسالي و الدّعوي و التبليغي ، فأرسل رسالة إلى دار أبي الأرقم (جامعة الصدر) ، جاء فيها منع الطّلبة من الكتابة ، و الاقتصار على الدّراسة ، خوفاً على الطّلبة من جور النّظام البائد و بطشه .
و كنت يومها أكتب حواريتي (حجاب عند عتبة الباب) ، فقال لي أحد الطّلبة بلغةٍ بسيطة و ساذجة ، ما قيمة ما تكتب ، و قد مُنع السّيد مقتدى من الكتابة والطباعة ؟!
فقلت له بلسان الواثق البصير ، بما يفعل : هذا نشاطٌ خاص بي ، و أنا على استعدادٍ أن أطبعه بمفردي.
و ما هي إلا أسابيع من توقّف الحركة الثّقافيّة إثر منع السّيد مقتدى ، حتى جاء الشّيخ اليعقوبي إلى الجامعة قائلاً : لا تخشوا أحداّ و توكّلوا على الله ، و اكتبوا و انشروا و لا داعي لهذه المخاوف ، فإنّ المجتمع بحاجة إلى هذه الكتابات ، و هكذا عاد النّشاط إلى مفاصل الحركة الثقافيّة التي صارت تتوسّع لتشمل التحاق بعض طلبة الحوزة ممن يرتبط بخط الشّيخ الفتي ، يومئذ حتى أنّ الشّيخ أعطاني كتاباً (لا اتذكّر اسمه الآن) ، لبيان مدى صلاحيّته للنّشر ، فكان رأيي أنّه ضعيف ، و دفع لي سماحته حوارية تتحدّث عن مخاطر الاستمناء ، فطلب سماحته إعادة كتابتها ، لأنّها كانت غير صالحة للنّشر ، كما أنّها غير صالحة للترميم ، بل تحتاج إلى إعادة صياغة من جديد ، فكانت بعد ذلك : (شباب في مقبرة الجنس) ، و قد نوّهت في بداية الكتاب ، إنّ أصل الفكرة لم تكن لي من باب ( و لا تبخسوا الناس أشياءهم) ، بإرشاد من سماحته ، و قد طبع هذا الكتاب قبل و بعد سقوط النّظام .
كما أنّه طلب مني كتابة كتاب يتناول تبسيط أحكام الوضوء ، و بيان الأخطاء التي يقع فيها المكلّفون، و بعد أن قرأه أعاده لي و طلب أن أضيف له مبحث التيمم ، و قد أسميته : (الوضوء طهارة الروح و مفتاح الصلاة) .