و كان يرى أن دور الحوزة لا ينبغي أن يكون مقتصراً على الوصف و الشرح و البيان و الإجابة على الاستفتاءات ، بل لابد من مداراة الناس و إيجاد القناعة بداخلهم ، فوصف الحوزة بوصفين ، الأم الحنون و الواعية و التي تدرك و ظيفتها و رسالتها، فتعمل بشتّى الطّرق من أجل إقناع وليدها المريض بأخذ العلاج ، فترغبه فيه و تحاول أن تجعل طعمه مستساغاً و هذا هو مثال الحوزة الرّساليّة ، و الوصف الآخر هو للحوزة الأخرى ، و التي تضع العلاج أمام طفلها المريض ، و تتركه وراءها و لا تلتفت إليه فشعارها (لا يضرّكم من ضل إذا اهتديتم) ، (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) .
و لذا عمد الشّيخ إلى تجزئة الفقه بطريقة ذكيّة بعدما كانت مجلدات (الرّسالة العمليّة) ، يصعب فهمها بل لا يعرف الفرد أين المسائل التي تخص مهنته أو كيفيّة تطبيق المسألة على جزئيات عمله ، فكانت كتيّبات ، نعمد إلى توزيعها في مناطقنا عند العودة إلى أهلنا في نهاية الأسبوع ومنها : (فقه الحلاقين) (فقه السّوق) (فقه المصوّرين) (فقه التّصوير) (فقه المولّدات) (فقه الصّاغة) (فقه الدّولار) (فقه الصّيادين) (فقه المفاعل النووية) (فقه تجارة العتيق) (فقه الجامعات) (فقه العمّال) … الخ
و كان سماحته متيقّظاً بمعنى ملتفت لما يدور في البلد و متحفّزاً بمعنى لديه الشعور نحو المعالجة وعاملاً بمعنى يبادر و يتّخذ الخطوات الملائمة فحينما شعر بوجود هجرة من قبل الشّباب نحو الأردن و سوريا لغرض العمل أصدر كتيباً هو (السّفر خارج البلاد) نصح فيه بعدم ترك البلاد ، و بيّن وجهة نظره في ذلك الأمر حتى أنّ أحد الشباب كان مضطراً للسّفر ، فذهب إلى سماحته بصحبة الخطيب السّيد محمد الصّافي لتحصيل الإذن بالسفر! و أنعم بمجتمع يكون على هذا المستوى من الانقياد و ىالطّاعة ..
و حينما لاحظ سماحته انشداد المجتمع إلى الاستماع (المبالغ فيه) إلى نشرات الأخبار الخاصّة في ظلّ المتغيّرات السّريعة في العلاقات الامريكيّة مع نظام البعث و التّصعيد من الجانبين ، أصدر سماحته كتيّب (الاستماع إلى الأخبار في أوقات الأزمات) ، دعى فيه إلى متابعة الأخبار بشكلٍ معقول ، بعيداً عن الانهماك المفضي إلى التشويش و ضياع الوقت ، و الانشغال عما هو أهم ..
و حينما يدنو ” يوم النّوروز ” تراه يصدر كتيّب صغير جداً يتناول المظاهر التي تشاع وسط ذلك اليوم ، و يحاول أن يبين حقيقة ذلك اليوم ، و يقارن علاقة المسلمين به ، بين الأمس و اليوم ، و حينما يدنو موسم محرّم و صفر ، فلا يدّخر جهداً دون أن يوجّه كتيّباً إلى المرأة الخطيبة تحت عنوان (الخطابة النسائيّة بين الواقع و الطّموح) ، تماماّ مثلما يوجّه أفكاره النّيرة و وصاياه إلى الخطباء في كتيّب (نصائح و إرشادات إلى الخطباء) .