كتب توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان
في الخامس عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة النبوية المباركة وبالتحديد في معركة احد استطاعت هند بنت عتبة المقتول والدها وشقيقها في معركة بدر التعرف على عبد محترف بالرماية اسمه [ وحشي ] وكان عبدا عند مطعم بن جبير .
ومع ان امراة كهند -وان كانت من اصحاب الرايات الزنائية وان كانت من سلسلة نسبية مشؤومة غير موثقة – تعد في العرف العام من النساء الطبقيات الا انها بذلت لوحشي كل ما يريده الرجل من مال وشهوة وما اشبه ذلك لقاء ان يغتال احد ثلاثة اشخاص على نحو الترتيب لا على نحو التخيير وهم :
– الرسول الاعظم ( ص) كهدف رقم اول
– الامام امير المؤمنين ( ع) علي بن ابي طالب ( ع) كهدف رقم ثان .
– حمزة بن عبدالمطلب عم النبي ( ص) كهدف ثالث .
اعترف وحشي بعدم قدرته على قتل النبي الاعظم ( ص) لانه يرى خلفه كما يرى امامه ، وبعدم قدرته على قتل علي ( ع) لانه شجاع بصير تجتمع حكمته ودرايته مع شجاعته وقوته وبالعكس فلا انفكاك بينهما ، فيما ابدى استعداده لقتل حمزة عليه السلام لانه مخلص في شجاعته واقدامه غير مبال بالغادرين .
وهكذا استطاع هذا العبد بطريقة ما قتل حمزة عليه السلام ، ونتج عن هذا القتل الاثم عدة امور :
الاول : ان حمزة (ع) صار سيد الشهداء بلا مضارع ، فلما استشهد الحسين عليه السلام صار هو سيد الشهداء بالمطلق فيما بقي الحمزة عليه السلام سيد شهداء زمان ما قبل الحسين عليه السلام
الثاني : قامت هند بتنفيذ وعدها مع وحشي فاعطته كل ما يريده الرجل من المراة ، اعطته الشهوة والمال وما تشتهيه نفسه .
الثالث : اقدمت هند على التمثيل بجثمان حمزة ( ع) تنفيسا لحقدها على النهج الولائي ، فقطعت من جسده كل ما يصلح من قطع حتى ما لا يتصوره العقل ويأنف منه الطبع وجعلت منه القلائد والحلي ، ومن جملة ما انتزعت كبده الشريف الذي لاكته نيئا وبعد ذلك سميت باكلة الاكباد ، وسمي اولادها باولاد اكلة الاكباد
وقد وردت قصة اكل هند لكبد حمزة ( ع) في مصادر السنة والشيعة ، ففي مصادر السنة ورد في فتح الباري – لابن حجر – ج 7 – ص 272 قال ابن إسحاق حدثني صالح بن كيسان قال خرجت هند والنسوة معها يمثلن بالقتلى يجد عن الآذان والأنف حتى اتخذت هند من ذلك حزما وقلائد وأعطت حزمها وقلائدها أي اللاتي كن عليها لوحشي جزاء له على قتل حمزة وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها وورد ذلك في الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد – ج 3 – ص 12 : قال أخبرنا هوذة بن خليفة قال أخبرنا عوف عن محمد قال بلغني أن هند بنت عتبة بن بن ربيعة جاءت في الأحزاب يوم أحد وكانت قد نذرت لئن قدرت على حمزة بن عبد المطلب لتأكلن من كبده قال فلما كان حيث أصيب حمزة ومثلوا بالقتلى وجاؤوا بحزة من كبد حمزة فأخذتها تمضغها لتأكلها فلم تستطع أن تبتلعها فلفظتها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا
وورد ذلك في تاريخ الطبري ج 2 – ص 204 ( قال أبو جعفر) وقد وقفت هند بنت عتبة فيما حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني صالح بن كيسان والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا غلام جبير بن مطعم وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ، كما نص على ذلك صاحب البداية والنهاية ر ج 4 – ص 42 .قال : قال ابن إسحاق : ووقعت هند بنت عتبة – كما حدثني صالح بن كيسان – والنسوة اللائي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله (ص) يجد عن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا . وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها . وذكر موسى بن عقبة : أن الذي بقر عن كبد حمزة وحشي فحملها إلى هند فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فالله أعلم .
اما في مصادر الشيعة فورد ذلك في تفسير القمي ج 1 – ص 116 : وكان وحشي عبدا لجبير بن مطعم حبشيا، فقال وحشي اما محمد فلا أقدر عليه واما علي فرأيته رجلا حذرا كثير الالتفات فلم أطمع فيه قال فكمنت لحمزة فرأيته يهد الناس هدا فمر بي فوطى على جرف نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته وخرجت من مثانته مغمسة بالدم فسقط فاتيته فشققت بطنه واخذت كبده واتيت بها إلى هند فقلت لها هذه كبد حمزة، فاخذتها في فيها فلاكتها فجعلها الله في فيها مثل الداغصة فلفظتها ورمت بها فبعث الله ملكا فحملها وردها إلى موضعها، فقال أبو عبد الله عليه السلام يأبى الله ان يدخل شيئا من بدن حمزة النار، فجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره وقطعت اذنيه وجعلتهما خرصين وشدتهما في عنقها، وقطعت يديه ورجليه . وذكر ذلك في شرح القاضي النعمان المغربي – ج 1 – ص 275 : ولما قتل حمزة رضي الله عنه أتت إليه هند، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده، فرمت بها في فيها ولاكتها لتأكلها، فلم تستطع أن تبتلع منها شيئا، فلفظتها، وذلك لأنه قتل يوم بدر أباها . ومثلث به، فأخبر بذلك رسول الله صلوات الله عليه وآله . فقال : ما كانت لتأكلها، ولو أكلتها، لما أصابتها نار جهنم وقد خالط لحمها لحم حمزة عليه السلام .وفي مصباح المتهجد للشيخ الطوسي ورد في الدعاء : وابن اكلة الاكباد والمقصود بها هند. وفي الخصال للصدوق حيث قال : ومحاربة ابن اكلة الاكباد المقصود بها هند . وفي كتاب سليم بن قيس حيث قال : ورئيسهم ابن اكلة الاكباد .
الرابع : لقد حزن الرسول (ص) عند مصرعه ومنظر جثمانه حزنا شديدا لا يمكن تصوره . وتفيد الروايات بأنّ النبي لما رأى حمزة قتيلاً بكى، فلما رأى كيف مثّل به شهق.
وتذكر الروايات أيضاً أنّ الرسول مرّ على نساء بني عبد الأشهل لمّا فرغ من أحد فسمعَهن يبكين على من استشهد منهم بأحد فقال رسول الله (ص): “ولكن حمزة لا بواكي له”، فسمعها سعد بن معاذ فذهب إلى نساء بني عبد الأشهل فأمرهن أن يذهبهن إلى باب رسول الله فيبكين على حمزة، فذهبن فبكين .
فلم تبك امرأة من الانصار بعد ذلك اليوم على ميّت إلا بدات بـالبكاء على حمزة ثم بكت على ميتها. وصارت بعد ذلك سنة عند اهل المدينة الى ان اتت السفيانية الجلفة ومنعتها .
وقد رأى الرسول ( ص) الملائكة وهي تغسل حمزة ( ع) ، وقد صلى على الحمزة مع كل صلاة يصليها على شهداء احد ، حتى صلى عليه ٧٠ مرة .
الخامس : وهو ما يهمنا هنا ، اي العبرة من حادثة اكل كبد الحمزة من قبل اكلة الاكباد جدة السفيانيين الماضين والعصريين .
فلقد توارث السفيانيون حقد هند على الاسلام والمسلمين وعلى خصوص اهل ولاية محمد وال محمد (ص) لكونهم حفظة الاسلام .
فبدات مؤامرات السفيانيين مع الذين اغتصبوا الخلافة من علي ( ع) ، حيث خططوا لقتل الرسول ( ص) بعد منصرفه من تبوك ، ولدوا له السم وقتلوه ، ثم انعطفوا على ابنته فهجموا على دارها واحرقوه واذوها وكسروا جنبها وضلعها واسقطوا جنينها وقتلوها ، ثم بداوا بقتل المعارضين ، فقتلوا سعد بن عبادة وغيرهم ، وقتلوا مالك بن نويرة وزنوا بزوجته ، وقتلوا كل من يعارضهم بعناوين شتى ، وهكذا استمروا فب ظلمهم وبغيهم حتى مضوا ، وتسلم امير المؤمنين (ع) الخلافة الظاهرية فبدأ النهج السفياني بالحرب الضروس عليه ابتداء من عائشة وانتهاء بمعاوية ابن اكلة الاكباد .
فبدات مؤامرات معاوية الخبيث الذي قتل عائشة وقتل محمد بن ابي بكر (ع) ، وخرج على الامام علي (ع) خروج كفر ونفاق ، وقتل الحسن السبط الشهيد ( ع) بعدما نقض الصلح نقض غدر ونفاق وكفر ، وقتل شيعة علي ( ع) ، وسن سنن سب علي ( ع) على المنابر وفي قنوت الصلاة ودبر كل صلاة ، وسن الربا ، واستأثر بالمال واعتبره ملكا شخصيا ، وحول الخلافة الى ملك عضوض ، وبعد هلاكه ووفوده الى نار جهنم ، اتى يزيد وجسد حقد هند بقتل الحسين ( ع) واله وصحبه ، وسبي بنات الرسول ( ص) ، وعمد الى احراق الكعبة ، وارعاب اهل المدينة وقتلهم واغتصاب النساء وفرض البيعة عليهم باشتراط كونهم عبيدا له
ثم اتت من بعده الزمرة السفيانية الاموية المروانية فعاثت فسادا في البلاد والعباد وشربت من دماء المسلمين وحلبت اموالهم ، وبعدها اتت الحقبة السفيانية العباسية ومضت على نهجهم ومنوالهم وفاقتهم اجراما في عهود المنصور وهارون والمتوكل وغيرها .
وبعدها اتت العهود السفيانية الاخرى الى ان صلاح الدين الايوبي – بل فساد الدين – الذي كان عميلا صهيونيا بامتياز ، وتسلسلت الاحقاد السفيانية مع كل سلطة سفيانية حتى استقر عند ابن وهاب وجماعته ، وحكمت السفيانية الحجاز وما زالت الى الان ، واتت احداث سوريا لتعود سنة اكلة الاكباد الى الحياة مجددا .
فقد تم تنفيس الحقد السفياني على الولائيين في كل من العراق وايران والبحرين والقطيف والعوامية والاحساء في الحجاز وسوريا ولبنان والكويت وافغانتسان وباكستان ونيجيريا فشهد العراق افظع المجازر بلغت ذروتها على يد صدام حسين الذي جعل من تحت ارض العراق عراقا ثانيا من فرط ما قتل ، وقد قتل في شهر شعبان اكثر من ٤٠٠ الف شهيد ، هذا بالجملة اما بالمفرق فحدث ولا حرج ، ناهيك عن قتل الايرانيين في حرب عبثية باوامر امريكية وصهيونية ، ومن بعده بلغ ذروة الاجرام في العراق بمجزرة سبايكر التي تم قتل ما يقارب ال ٢٥٠٠ شهيد تم قتلهم صبرا ، وفي سوريا كان القتل ذريعا فاحرق الناس احياء وتم شواء الاجساد ، وقام احدهم كتعبير عن تجسيد حقد هند اكلة الاكباد باكل قلب احد الابرياء نيئا بعد شق صدره امام الكاميرات وشاشات التلفزة ، وفي لبنان تم ارتكاب مجازر مهولة بحق شيعة محمد وال محمد ، وفي ايران تم استهداف الابرياء ، وهكذا في الحجاز فإن المجازر بالحرم المكي تفوق الوصف ، وقد اتوا ذات مرة الى كربلاء في عيد الغدير وقتلوا من قتلوا واغتصبوا من اغتصبوا من وهدموا ما هدموا ، وقد تم مؤخرا اعدام الالاف بالتقسيط ، ووصلت وقاحتهم الى حد قتل اية الله نمر باقر النمر صبرا ، وفي البحرين عاش الشعب البحريني وما زال قتلا ونفيا وتغرببا وسجنا وتجويعا وتروبعا فقط لولايته لمحمد وال محمد ، وفي باكستان وافغانستان ونيجيريا وغيرها من البلدان وقعت المجاز ضد الشعة بقوة ، بل حتى الكويت هذا البلد المسالم لم يسلم من الجرائم السفيانية .