بقلم :توفيق حسن علوية كاتب وباحث من لبنان
نستوحي من الأجواء العامة والخاصة من سيرة الإمام الصادق ( ع) ومن اسمه المقدس وصفاته عدة نقاط :
النقطة الأولى : حول الانتساب للمذهب الجعفري : فالشائع بين الناس اننا ننتمي الى المذهب الجعفري نسبة الى الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام !!
والصحيح اننا ننتمي الى الاسلام الاصلي !! الى الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم !! الى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام !! الى الامام علي عليه السلام !! الى الحسن والحسين وعلي بن الحسين والامام الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والحسن الزكي العسكري والمهدي المنتظر عليهم جميعا سلام الله !!
أجل اننا ننتمي الى كل هؤلاء الاطهار عليهم السلام والى الصحابة الاخيار الذين لم ينقلبوا بعد الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم وثبتوا على ولاية امير المؤمنين عليه السلام !!
وانما تمت نسبتنا الى الإمام جعفر الصادق عليه السلام لأن الفرصة كانت متاحة للامام الصادق عليه السلام لنشر علوم الاسلام ، علوم محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام !! وهذا لم يتسن لغيره عليه السلام من الائمة صلوات الله عليهم !!
النقطة الثانية : انتشار علوم محمد وال محمد على يد الامام الصادق عليه السلام : ذكرنا ان الظروف التي عاشها الامام الصادق عليه السلام اتاحت له نشر علوم محمد وال محمد في الوقت التي لم يكن هذا متاحا لغيره من الائمة عليه السلام !!
فقد عاش الامام الصادق عليه السلام في فترة كانت تعيش فيها الدولة الاموية شيخوختها واحتضارها والدولة العباسية ولادتها !! الامر الذي سمح للامام عليه السلام بتكريس نشاط الجامعة الاسلامية التي اسسها والده الامام محمد الباقر عليه السلام وبنشر علومها وبثها على اوسع نطاق عبر طلابه العظام كزرارة بن اعين وابان بن تغلب ومعاوية بن عمار وهشام بن الحكم وغيرهم
وكان الامام عليه السلام يوزع المهام على طلابه بحسب ما يراه مناسبا فابان للافتاء وهشام بن الحكم للامور العقائدية وهكذا !! فإننا نرى مثلا ان معاوية بن عمار اكثر رواياته في الحج !!
النقطة الثالثة : متابعة اصحابه ورعايتهم : فقد كان الامام الصادق عليه السلام يحرص على اصحابه واتباعه شديد الحرص ويحب ان يراهم افضل الناس واشرفهم بوجه مطلق !! فتراه يقول لفلان من اصحابه : انا مسرور منك لانك قمت بسداد ديون ابن عمك !! ويقول لاخر : انا غاضب عليك لانك صرخت بوجه والدتك !! ويقول لثالث : اين ورع اخيك فلان حينما كان في المكان الكذائي !! ويسأل اصحابه واتباعه عما يفعلون في مجالسهم ويصرح لهم بانه يحب ان يجلسوا مع بعضهم البعض !!
وهكذا يقول لاحد اصحابه ان بيوت الانبياء لا يدخلها جنب وذلك حينما كان ذاك الشخص داخلا دار الامام عليه السلام وهو على جنابة !! ويدعو اخر الى الطعام فلا يستجيب ثم بعد ذلك يقوم لياكل فيمنعه الامام عليه السلام عن تناول الطعام قائلا له : اردت ادبك !! اي اذا دعيت الى الطعام فمن الاساس اما تستجيب واما لا تستجيب لا ان تقول : لا . ثم بعد ذلك تلتحق بركب الاكلين !!!
كل هذا يكشف عن الاهتمام الشديد باصحابه واتباعه ، حيث كان يدعوهم ليكونوا زينا للائمة الطاهرين لا شينا عليهم حتى يقال : رحم الله جعفرا فقد ادب اصحابه !! وكان يقول لهم ما محصله : ان شيعة جعفر حق الشيعة هم اهل الايمان والتقوى والقران والعبادة والدعاء والاخلاق الذين يبتعدون عن الحرام ويتقربون الى الله المتعال بالطاعات وبالبعد عن المعاصي والشهوات !!
النقطة الرابعة : في المسألة السياسية كان الإمام الصادق عليه السلام يشترط للقيام بالثورة ضد الدولة الظالمة اولا وثانيا . اولا : النوعية المخلصة من الاتباع . وثانيا : الظرف الزماني المناسب . وكلاهما لم يتحققا في عصره !!
اما النوعية المخلصة فقد كان الامام عليه السلام يعلم بأنها غير موجوده !! وهذا ما قاله لاحد الذين دعوه للثورة !! حيث طلب منه الدخول في التنور(اي مكان فيه نار) فلما ابى استدعى احد المخلصين له وطلب منه الدخول بالتنور !! فلما دخل الرجل في التنور امتثالا لامر مولاه ؛ توجه الامام عليه السلام للمعترض على عدم قيامه بالثورة بالسؤال : كم واحد يوجد مثل هذا ؟؟ قال : لا احد !!
ونستطيع فهم هذا المعنى ايضا من خلال رفض الامام عليه السلام لطلب القائدين الشيعيين( ابومسلم الخراساني وابو سلمة الخلال ) اللذين قامت الدولة العباسية على اكتافهما و اللذين طلبا من الامام عليه السلام الثورة على الدولة الظالمة وذلك بعد ندمهما على خدمة الدولة العباسية الظالمة !!حيث اجابهما بانهما ليسا من رجاله والزمان غير زمانه !!!
علما بأن قيام الدولة العباسية كانت على كتفي هذين القائدين اللذين خدما الدولة الظالمة بصدق واخلاص – ودائما الشيعة هكذا يخلصون في عملهم حتى لو كانوا ضد طائفتهم ؛ هذا ان صح تسميتهم بالشيعة والشيعة منهم براء – ولما فرغت الدولة العباسية من خدمتهما وتم لها ما تريد تنكرت لهما !!
فالامام عليه السلام في المسألة السياسية كان يشترط هذين الشرطين اعني وجود العدد النوعي المخلص من الانصار والظرف المناسب وهذا ما لم يتحقق !! وفي بعض الاخبار ان شخصا طالبه بالثورة ضد العباسيين فكان جواب الامام عليه السلام انه لو كان له انصار بعدد هذه الجداء لثار !! وكان هناك راعيا يرعى جداء بالقرب منهما فلما نظر الى الجداء ( جمع جدي )تبين ان عددها اقل من العشرين !!
النقطة الخامسة : عدم اعطاء مشروعية للظالمين : فالامام عليه السلام لم يكن يعطي اي مشروعية للدولة الظالمة على الرغم من كل الظروف السياسية الضاغطة !! وكان لا بجيز مساعدة الدولة الظالمة حتى بالحبر والكتابة !! وكان لا يجيز التحاكم الى هذه الدولة الظالمة لان التحاكم اليها تحاكم الى الطاغوت !!
ومرة ارسل اليه المنصور العباسي الحاكم المعروف ان يغشاه كما يغشاه ويزوره الناس !! فكان جواب الامام عليه السلام اننا في غنى عن دنياك ولا نستفيد منك لاجل الاخرة شيئا !! يعني لا دنيا ولا اخرة !! فقال المنصور : تصحبنا لتنصحنا !! فاجاب الامام عليه السلام : من اراد الدنيا لا ينصحك ومن اراد الاخرة لا يصحبك !! فالذي يريد دنياك سوف يؤيدك بكل شيء ويبارك خطواتك لانه يستفيد من دنياك !! وبالتالي سوف لن ينصحك ولا يقول لك انك اخطأت !! واما الذي يريد الاخرة فلا يصحب رجلا ظالما يسرق الناس ويقتلهم ويغتصب حقوقهم ولا يعمل بدين الله المتعال ولا بالحق والعدل !!!
وهذا درس لنا كي لا نعترف بشرعية الظالمين الذبن يسرقون اموال الناس ويضيعون حقوقهم ويحرمونهم من ابسط حقوقهم كما عندنا في لبنان حيث لا ماء ولا كهرباء ولا نظافة فقط وفقط من اجل اهواء مجموعة سراق يستغلون تكالب الاعداء ضدنا وتظاهر الزمان علينا من اجل زيادة اموالهم وتكريس وجودهم في الحكم !!
النقطة السادسة : في طريقة مخاطبة الناس ، فالامام الصادق عليه السلام كان يخاطب الزنادقة كابن ابي العوجاء وابي شاكر الديصاني وغيرهم بلغة العقل وكان يخاطب ابناءالاسلام بلغة الدين وكان يخاطب غير اصحاب الفكر من المسلمين بلغة الفطرة !! ويخاطب غير المسلمين من الديانات الاخرى بحسب ما جاء في كتبهم !!
النقطة السابعة : حول شخصية الامام الصادق عليه السلام ، ففي احد التعابير تم وصف الامام الصادق عليه السلام بانه كان لا يخلو من ثلاث حالات : اما صائما واما قائما واما ذاكرا !! يعني دائما في عبادة لله المتعال ! ! اما مصليا واما صائما واما ذاكرا !! وهو الذي قال لعنوان البصري الذي طلب منه التتلمذ على يديه بانه رجل مطلوب وله اوراد خاصة !! وعندما اوصاه بوصايا طلب منه المغادرة للتفرغ لاوراده واذكاره .