ميثم بن يحيى التمّار الأسديّ الكوفيّ، من خواصّ صحابة أمير المؤمنين علي ، ولأنه كان يبيع التمر في الكوفة؛ لقّب بـالتمّار. كان ميثم من المقرّبين من أمير المؤمنين علي ؛ لذا فقد خصّه بعلم البلايا والمنايا، كما أنّه من أصحاب الإمامين الحسن والحسين .
استشهد بأمر من ابن زياد بعد أن قطع يديه ورجليه ولسانه؛ ليتبرّأ من أمير المؤمنين علي .
ومضات من حياته: نسبه:
إنّ ميثم التمّار كان عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه أمير المؤمنين(ع)منها، فأعتقه.
فقال له(ع): ما اسمك؟
فقال: سالم.
فقال: أخبرني رسول الله (ص)أن اسمك الذي سمّاك به أبواك في العجم، ميثم.
قال: صدق الله ورسوله، وصدقت يا أمير المؤمنين، والله إنه لاسمي.
قال: فارجع إلى اسمك الذي سماك به رسول الله(ص)ودع سالماً، فرجع إلى ميثم واكتنى بأبي سالم.
كان لميثم دكاناً يبيع فيه التمر. وقيل أنّه كان يبيع البطيخ عند دار الرزق.
كان لميثم عدد من الأولاد، منهم:
1-عمران بن ميثم التّمار، وقد عدّه الشيخ الطوسي في طبقة أصحاب الإمام زين العابدين .
2-شعيب بن ميثم التّمار، وقد عدّه الشيخ الطوسي في طبقة أصحاب الإمام جعفر الصادق.
3-صالح بن ميثم التّمار، وقد عدّه الشيخ الطوسي في طبقة أصحاب الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق .
4-حمزة بن ميثم التّمار.
كان أولاد ميثم من أصحاب الأئمة(ع) ، كما أنّ هناك أشخاص من ذريّة ميثم كانوا رواة للحديث عن الأئمة ، وبعضهم كان من أعلام الطائفة مثل علي بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم الذي كان من وجوه المتكلمين ومن أصحاب الأئمة(ع).
مكانته بين الأصحاب:
يعتبر ميثم من التابعين، وهو من أصحاب الإمام علي والإمامين الحسن والحسين ولو لم يكن لميثم إلا هذه الصفة لكفت في
الدلالة على منزلته من أهل البيت(ع). إلا أنه بالإضافة إلى ذلك، قد اشتهر بسبب صحبته للإمام علي وقربه منه حتى عُدّ من
حوارييه. وهو من أصفياء أصحاب الإمام علي في شرطة الخميس. كما أنه كان قريباً جداً من أهل بيت النبوة، ويشهد على ذلك ما
قالته أم سلمة زوجة الرسول الأكرم (ص)من أن الإمام الحسين كثيراً ما كان يذكره.
سكن البصرة، وكان من كبار المتكلمين من أصحابنا، وقد كان أيضاً من مفسّري القرآن ومن رواة الحديث.
إخباره ببعض الأمور الغيبية:
صحب ميثم الإمام علي وكان محبّاً لأهل البيت عليهم السلام. وقد كان ميثم لأمير المؤمنين كما كان سلمان بالنسبة للرسول الأكرم ، هذا ما دفعه إلى اصطفائه من بين أصحابه ليعلّمه بعضاً من علمه، فعلّمه علم البلايا و المنايا؛ لذا فقد كان ميثم يحدّث بوفيات بعض الأشخاص وكيفية وفاة البعض الآخر، إضافة إلى ما سيحدث مع البعض. نذكر منها:
ذكره لاستشهاد الإمام الحسين :
-ذكره لموت معاوية بن أبي سفيان لعنه الله؛ عندما كان بالفرات، وهبّت ريح وهو في سفينة من سفن الرمان، قال: فخرج، فنظر إلى الريح فقال: شدّوا برأس سفينتكم إنّ هذه ريح عاصف، مات معاوية الساعة.
-إخباره بكيفية استشهاده.
-إخباره للمختار الثقفي بأنه سينجو من السجن، ويطلب بثأر الإمام الحسين إستشهاده
أما عن كيفية استشهاد ميثم التمار والتنبؤ بذلك وردت أخبار منها:
إخبار الإمام علي عليه السلام باستشهاده
كان ميثم الأسديّ ممن نزل الكوفة وله بها ذريّة، وكان من خاصة الإمام علي ، وكان طالما يخرج من جامع الكوفة، فيجلس عنده فيحادثه، وربما كان يبيع له التمر إذا غاب، قال له ذات يوم: “ألا أُبَشّرك يا ميثم؟”، ثم بشّره الإمام بأنه يموت مصلوباً، ودلّه على الموضع الذي سيصلب فيه والنخلة التي سيتعلق بها.
وتأكد ميثم من الإمام(ع)أنه يموت على الإسلام، فصار يتردد إلى ذلك الموضع ويصلي هناك، ويقول لبعض جيران النخلة بأنه يريد أن يجاوره. حتى جاء عبيد الله بن زياد إلى الحكم وظفر به، وصلبه بالكيفية التي أخبرها له الإمام علي(ع)وعلى نفس النخلة التي ذكرها.
الرواية الأولى في قتله:
قدِم ميثم إلى الكوفة، فأخذه عبيد الله بن زياد فأُدخل عليه، وقيل له بأن ميثم كان آثر الناس عند الإمام علي(ع)، وأخبره ميثم بأنه [أي ابن زياد] سيقتله بالطريقة التي أخبره عنها الإمام. فحبسه، وحبس معه المختار بن أبي عبيد الثقفي – بعد شهادة مسلم بن عقيل وهاني بن عروة بيومين أو ثلاث – فقال ميثم للمختار: إنك ستفلت، وتخرج ثائراً بدم الحسين، فتقتل هذا الذي يريد أن يقتلك.
وأمر ابن زياد بميثم، فصلبوه، وكان يريد أن لا يقتله، كما قال له الإمام، فلمّا رفع على الخشبة عند باب عمرو بن حريث قال عمرو: قد كان – والله – يقول لي: إني مجاورك. فجعل ميثم يحدّث الناس بفضائل عليّ وبني هاشم. فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد. قال: ألجموه. فكان أول من أُلجم في الإسلام، فلمّا أن كان اليوم الثالث من صلبه طُعن بالحربة، فكبّر، ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دماً.
الرواية الثانية في قتله (قطع لسانه):
أتى ميثم إلى دار أمير المؤمنين (ع) حيث كان نائماً، فناداه ميثم بأعلى صوته انتبه أيها النائم فوالله لتُخضَّبن لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين(ع)فقال: أَدخِلوا ميثماً، فقال له: أيها النائم – والله – لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت وأنت والله لتُقطّعن يداك ورجلاك ولسانك، ولتُقطّعن النخلة التي بالكناسة فتُشق أربع قطع، فتُصلب أنت على ربعها وحجر بن عدي على ربعها، ومحمد بن أكثم على ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها.
شكّ ميثم بذلك فسأل الإمام علي، فأجابه بأن هذا عهد من الرسول. بعد هذه الحادثة، صار لميثم مع تلك النخلة علاقة خاصة إلى أن أتى ذلك اليوم الذي أتاه قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنا، ويولي علينا غيره. قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي.
ثم تدخّل عمرو بن حريث قائلاً بأن هذا ميثم. فيروي ميثم ما قاله له الإمام علي، فامتلأ ابن زياد غيظاً وأراد أن يُكذّب الإمام علي(ع)ويُبقِي لسان ميثم ثم أمر به فقُطعت يداه ورجلاه، ثم أُخرج فأُمر به أن يُصلَب فنادى بأعلى صوته أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يُحدّثهم بالعجائب. قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ قالوا: ميثم التمّار يُحدِّث الناس عن علي بن أبي طالب، فقال: فانصرف مسرعاً، فقال: أصلح الله الأمير بادر، فابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فإني لست آمن أن يُغيّر قلوب أهل الكوفة، فيخرجوا عليك، قال: فالتفت إلى حرسيّ فوق رأسه، فقال: اذهب فاقطع لسانه. قال، فأتاه الحرسيّ، فقال له: يا ميثم! قال: ما تشاء؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الأمير بقطعه، قال ميثم: ألا زعم ابن الأمة الفاجرة أنه يكذبني، ويكذب مولاي هاك لساني، قال: فقطع لسانه، وتشحَّط ساعة في دمه ثم مات، وأمر به فصلب، قال صالح فمضيت بعد ذلك بأيام، فإذا هو قد صلب على الربع الذي كنتُ دَقَقتُ فيه المسمار.
فقتل ميثم في الثاني والعشرين من ذي الحجَّة 60 هـ، أي قبل وصول الحسين إلى كربلاء بعشرة أيّام.
يقع قبره خارج مسجد الكوفة بقرب بيت الإمام علي(ع)، في بنية واسعة، ومقام صلبه في السّبخة.