لطالما اقترن المنبر بالإمام الحسين (ع) ولم يفكر الكثير بالسبب حتى توهّم البعض بإنَّ المنبر هو اكتشاف ظهر بعد عاشوراء الحسين (ع) مع إنَّ التاريخ أثبت إنَّ المنبر الذي هو مرقاة يرتقيه الخطيب ليكلّم الناس بما يرشدهم ،مرتبط بالأنبياء لأنّهم بُعثوا من أجل أن يكلّموا الناس ويرشدوهم لطريق الحق كما إنَّ القرآن أشار لذلك من خلال قصة نبي الله شعيب (ع) مع قومه فكان من ألقابه لقب شيخ الخطباء ولا ننسى ارتقاء النبي الأكرم (ص وآله) وكذلك المعصومين من أهل بيته (ع)
وبهذا فالمنبر ليس إكتشافاً عاشورائياً ولا أسلامياً بل هو قرآني ألهي للخواص من الناس ولكنّه حاله حال الكثير من الشرائع التي اصابها التحريف فانحرفت كذلك المنبر انحرف عن المسار الذي اراده الله (عز وجل) للمنبر من خلال اعتلاء كلُّ مَن هبَّ ودب له حتى عام ٦١ للهجرة حيث واقعة الطف وما جرى على اهل بيت النبوة (ع) من مصائب يشيب لها الرأس .
فعاشوراء قضية خرج من أجلها خامس أهل الكساء (ع) وكتب بدمه ودماء اهل بيته وانصاره (ع) عنوانها وهو الإصلاح عندما قال الحسين (ع) : ” إنِّي لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ”
ومن هنا اقترن المنبر باسم الحسين (ع) واصبح للمنبر قضية اسمها الإصلاح وكان الهدف هو تنزيه المنبر من شوائب الانحراف الذي طاله من الكثير بعد استشهاد النبي (ص وآله ) حيث اعتلاه من انحرف عن مسار النبي (ص وآله) وبالخصوص بنو أميّة
وممّا يدلل ويؤكد ما ذهبنا له هو كلام الإمام السجاد (ع) عند دخوله مجلس الطاغية يزيد (لعنه الله) في الشام بعد مقتل أبيه الحسين (ع) فقال (ع):” يا يزيد أئذن لي حتى أصعد هذه الأعواد فاتكلم بكلمات لله فيهنَّ رضاً ولهؤلاء الجلساء فيهنَّ أجر وثواب ”
فَوَصف الإمام السجاد (ع) وهو أول خطيب حسيني للمنبر الأموي بالأعواد ما هو الّا تأكيد للإنحراف الأموي حيث كانت منابرهم للتضليل والمنبر عنوان أراده الله وأهل بيته (ع) أن يكون للإصلاح .
ومِن بعد السجاد (ع) كان لمولاتنا زينب (ع) وقفة منبرية ضد طاغية الشام يزيد (لعنه الله ) وهذا هدفٌ آخر من أهداف خروج الحسين (ع) وهو إنَّ المرأة شريك مهم في الإصلاح خصوصاً وإنَّ مشيئة الله اقتضت خروج النساء مع الحسين (ع) في قضيته الإصلاحية فكان للمرأة دوراً بارزاً وهذا يدلل على مكانة المرأة في الإسلام حيث وصلت لمصاف المعصومين ،
فزينب والسجاد (ع) كانا رائدا المنبر الحسيني ولكن لم يسلم المنبر الحسيني بعد غيبة الإمام (عج) من المغالطات فهناك الكثير ممّن اعتلى المنبر الحسيني رافعاً راية الإصلاح ولكن يريد بتلك الراية تضليل الناس وهذا ما اشار له امامنا علي بن ابي طالب (ع): (كلمة حق يراد بها باطل ) ولذا كان من اهداف الإمام الحجة (عج) هو تحقيق الهدف في تنزيه المنبر الحسيني ومن هنا نفهم معنى نداء الإمام (عج) عند ظهوره : ” الا يا اهل العالم إنَّ جدي الحسين قتلوه عطشانا” وباقي النداءات التي سينادي بها باسم الحسين وما ذلك الّا للتذكير بالقضية وتحقيقاً للهدف
فحتى ظهور الإمام (عج) نسأل الله أن نكون وكل مَن يُقدّس المنبر ممّن يعي قضية وهدف المنبر الحسيني ويعمل به
اللهم أمين