عن أبي زهرة وعبد الله بن عباس قالا : خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل وفاته وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة فقال: ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه وكان في درجته مع قارون في التابوت الأسفل من النار… .([1])
مرض اجتماعي خطير شخصه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال هذه الكلمة التي جاءت في خطبة له وهي آخر خطبة خطبها في المدينة قبل وفاته … وأطلق تحذيرا شديدا وإنذارا صاعقا لكل من يقدم على القيام بهذا العمل ..
وهذا المرض كان ولا زال متفشيا في المجتمع حيث نرى أن كثير من الناس يعظِّمون صاحب الدنيا لأجل أن ينالوا بعض دنياه وهذا الكذب والتملق تتسبب برفع شأن هؤلاء في الوسط الاجتماعي رغم انحطاطهم بل وساهم في تسيدهم على رقاب الناس … كما هو حال السياسيين الفاسدين والمفسدين الآن وأوضح مصداق لهذا الحديث بعض (المهاويل) و (الحواشي) الذين يمتدحون أصحاب الدنيا من قادة سياسيين أو اجتماعيين .. طمعا بدنياهم من مال أو جاه !
إن هذا المرض سببه حب الدنيا وعدم القناعة . .
قال الإمام الصادق (عليه السلام): حب الدنيا رأس كل خطيئة.([2])
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ثمرة العفة القناعة.([3])
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من قنع كفي مذلة الطلب.([4])
وقال (عليه السلام): الطمع رق مؤبد. وقال (عليه السلام): الطامع في وثاق الذل. ([5])
وهذا المرض يفتك بدينه من يصاب به
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أتى غنيا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دينه. ([6])
وهذا الصنف من (المهاويل) و (الحواشي) إنما عملهم هذا بمثابة استجداء (مطعم بالكذب) فبدلا من مد أيديهم فإنهم يمدون ألسنتهم ليرفعوا الوضيع والفاسد والمفسد والظالم … وقد حذر المعصومون (عليهم السلام) من هذا المرض وبعض آثاره الدنيوية والأخروية والتي منها:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق.
وقال (صلى الله عليه وآله): إذا مدح الفاجر اهتز العرش وغضب الرب.
وقال الإمام علي (عليه السلام): أعظم اللؤم حمد المذموم. وقال (عليه السلام): من أقبح المذام مدح اللئام.([7])
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار. ([8])
وقال (صلى الله عليه وآله ): أعظم الخطايا اللسان الكذوب. ([9])
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): إن الكذب هو خراب الإيمان. ([10])
وقال الإمام علي (عليه السلام): اعتياد الكذب يورث الفقر. ([11])
وقال (عليه السلام): ثمرة الكذب المهانة في الدنيا والعذاب في الآخرة.([12])
لن يحصد القائم بهذا العمل الوضيع إلا بعض حطام الدنيا من مال وجاه ثم يعقبه فقر ومهانة في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة . . . ([13])
————————————————————————————————————
([1]) الآثار الوضعية، من الكتاب والسنة، عبد الرسول آل عنوز ص37. نقلا عن البحار ج76 ص359.
([2]) الخصال، الصدوق ص25.
([3]) غرر الحكم، ح 5424.
([4]) مستدرك الوسائل، الطبرسي ج15 ص233.
([5]) بحار الأنوار، ج70 ص170.
([6]) المصدر السابق.
([7]) ميزان الحكمة، الريشهري ج4 ص2864.
([8]) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورام)، ورام بن أبي فراس المالكي الأشتري، ج1 ص121.
([9]) ميزان الحكمة، الريشهري ج3 ص2672.
([10]) المصدر السابق ص2674.
([11]) المصدر السابق ص2687.
([12]) المصدر السابق ص2677.
([13]) الأربعون مقالا، محمد النجفي، مخطوط.