يعتقد الشيعة أن موقف الامام الحسن ، وموقف الإمام الحسين واحد، فلا تعارض ولا تنافي بين موقفيهما . بمعنى أنه لمّا كان موقف الإمام الحسن هو الصلح مع معاوية كان موقف الإمام الحسين ذلك أيضاً، وإلا لثار على معاوية، وعارض أخيه الحسن على صلحه، بينما ينقل لنا التاريخ مساندته لأخيه الحسن ومعاضدته.
وهكذا لو قدّر الله تعالى أن يكون الإمام الحسن حيّاً يوم عاشوراء، لكان موقفه نفس موقف أخيه الحسين ، ولا يرضى بالصلح مع يزيد.
وأما الجواب: فقد أُجيب عن هذا السؤال بعدة أجوب؛ هي كالتالي:
- إن شخصية معاوية تختلف عن شخصية يزيد، فمعاوية لم يكن يشكّل خطراً جدياً على الإسلام بمقدار ما كان يشكّله يزيد، لأنّ معاوية كان يحافظ على بعض المظاهر الإسلامية، بينما كان يزيد متجاهراً بالفسق والفجور، وشرب الخمور، وقتل النفس المحترمة، ولم يراع أي شيء من المظاهر الإسلامية. وعليه فكان الصلح مع معاوية ممكنناً دون الصلح مع يزيد.
- من ناحية السياسة الخارجية: فمن ناحية السياسة الخارجية لتلك الفترة لم تكن الحرب الأهلية الداخلية في صالح العالم الإسلامي، لأنّ الروم الشرقية التي كانت قد تلقّت ضربات قوية من الإسلام كانت تتحيّن الفرصة المناسبة دائماً لضرب الإسلام ضربة انتقامية كبيرة كي تأمن سطوته وسلطته. وعندما وصل نبأ اصطفاف جيشي الإمام الحسن ومعاوية أحدهما في وجه الآخر إلى قادة الروم، راحوا يعتقدون أنّهم حصلوا على أفضل فرصة ممكنة لتحقيق أهدافهم، ولذلك انطلقوا بجيش جرّار للهجوم على العالم الإسلامي لينتقموا من المسلمين. وكتب اليعقوبي المؤرّخ المعروف: “ورجع معاوية إلى الشام سنة 41 وبلغه أنّ طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عمّا يحتاج إلى تدبيره وأحكامه، فوجه إليه فصالحه على مئة ألف دينار”.
- إن الامام الحسن قام بالثورة ضد معاوية، ولكن خانه أكثر قادته في بداية التحرّك، فاضطر إلى الصلح وترك الحرب لوجود هؤلاء الخونة، دون أخيه الحسين فقد وجد أنصاراً وأعواناً في البداية. فحوادث نقض بيعة الحسين كانت قد سبقت تعبئته للحرب، فجاء جيشه الصغير يوم وقف به للقتال، كجيش له أهدافه المثلى. أما جيش الإمام الحسن، فقد فر ثلثاه وشتّت قواه الدسائس المعادية، فكان رهينة الفوضى، وخسر به الإمام الحسن كل أمل من نجاح هذه الحرب.
- إن الامام الحسن استشار الجموع الملتفة حوله في الظاهر، والمتخاذلة عنه في السر بقوله: “ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله عزوجل بظبا السيوف، وان أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا لكم الرضا ؟…”، فناداه الناس من كل جانب “البقية، البقية”. فساير قومه، واختار ما اختاروه من الصلح، فصالح كارهاً كما قبل أبوه التحكيم من قبل وهو كاره له.