قال المرجع اليعقوبي دام ظله في قصة أصحاب الكهف درس لأولئك الذين يقولون بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند احتمال التأثير في المقابل .
فإن الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم الله هدى حاولوا جهدهم أن يصلحوا قومهم فلم يفلحوا ، وكان تيار الشرك والإلحاد قويا فلم يحتملوا ذلك واعتزلوا قومهم وأووا إلى الكهف فأماتهم الله (٣٠٩) عاما ثم بعثهم ليريهم التغيير الذي حصل في قومهم نتيجة البذرة التي زرعوها هم وكيف أنقلب حالهم إلى الهداية والصلاح وأصبحوا أمة واحدة . وليعطيهم ولنا درسا: أن عليك أن تؤدي واجبك أما النتائج والآثار فقد لا تجنيها أنت فربما آتت أكلها بعد سنين طويلة ، أما أنت فجزاءك عند ربك .
* المصدر نحن والغرب ج١ ص١٠٤ الطبعة الرابعة .
وهذا البيان هو رد على فئتين من الناس:
– فئة فسرت كلام المرجع اليعقوبي دام ظله في خطابه اللجوء إلى الكهف المعنوي بأنه الانزواء وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو تجني واضح بل إن كلامه دام ظله يبعث على وجوب العمل الجاد وتكثيف الجهد في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم الإستكانة أو الانجرار وراء الملذات والانحرافات التي تصدر من قبل أصحابها وتحت أي مسمى بل يفترض أن يقوم المؤمن بدوره وهو يعيش بجسده مع الآخرين ولكنه يباينهم من حيث المبادئ والسلوكيات .
– أما الفئة الثانية فهم الذين يؤدون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى جميع المستويات ولكنهم يطلبون النتائج بشكل عاجل فإن لم يحصلوا على النتائج أنتابهم الإحباط واليأس فتراهم يعتزلون المجتمع وكأنهم أموات في هذه الحياة بينما المفروض أن يؤدوا التكليف بغض النظر عن النتائج ، أو قل إن نتيجة ما نقوم به من تكاليف وخصوصا التكاليف الإصلاحية هو رضا الله وثواب الآخرة وإلا كان العمل ليس لوجهه الكريم سبحانه وتعالى بل للحصول على الجاه وما شاكل ، واذكر إن الأثر المبارك لجهود العظماء الذين أخلصوا في أداء تكاليفهم لم يظهر في حياتهم في الغالب وحسبنا مثالا على ذلك هو سيد الشهداء عليه السلام حيث كان لدمه الطاهر أثرا عظيما بعد استشهاده حيث خلد المبادئ وأرعب الطواغيت على مر العصور وأحيا نفوسا ميتة وأيقظ الكثير من الغافلين .
هذا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
رسول الياسري