بشّرت السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) شيعتها وشيعة أبيها وزوجها (ع) ببشائر عديدة ، ففي حديث طويل عن الامام الباقر (ع) جاء فيه (إنها ــ أي الزهراء (ع) ــ لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء)[2] .
تصوروا أيها الأحبّة ذلك اليوم المهول في كل تفاصيله (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:2) ويجتمع الخلائق كلهم من الأولين والآخرين ــ وهم مليارات ــ ينتظرون فتح ملفات اعمالهم وحسابهم على كل صغيرة وكبيرة في حياتهم التي قد تمتد سبعين او ثمانين سنة أو اكثر وفي تلك الظروف الصعبة وفي ذلك الانتظار المرعب تشير السيدة الزهراء (عليها السلام) الى هذا الشخص وذاك وتخرجهم من ذلك الموقف وتقول هؤلاء من حصتي فتشفع لهم وتأمر بأن يدخلوا الجنة ، فما أحلى هذه البشارة، وأي طمأنينة تسكبها على القلب الخائف من أهوال يوم القيامة.
وحينئذ سيكتشف هؤلاء الذين يدعون الى نبذ الدين والخروج عن طاعة المرجعية أي وهم كان يعيشون واي غشاوة أعمت بصائرهم (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلًا وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (التوبة:82) .
ومن أقوالها (عليها السلام) في هذا المجال قولها (شيعتنا من خيار أهل الجنة)[3] أي ليسوا فقط يدخلون الجنة وإنما يكونون من أفضل ساكنيها، وقولها (عليها السلام) (إن أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى علي (عليه السلام) وقال: هذا وشيعته في الجنة)[4] .
لكنها (عليها السلام) كالقادة المعصومين الآخرين (سلام الله عليهم أجمعين) الذين يشعرون بالمسؤولية الكاملة عن اتباعهم ومريديهم، ومن مظاهر تلك المسؤولية : بيان الصفات التي يجب توفرها في الشخص ليكون من الشيعة حقا ويحصل على تلك الجوائز، فتبيّن لهم ان التشيع حقيقة وليس ادعاءاً وعناوين تكتب في هوية الأحوال الشخصية لأنه ولد من أبويين شيعيين مثلاً أو انه يبكي على مصائب أهل البيت (عليهم السلام) ويشارك في شعائرهم، وهذا كله حسن ويثاب عليه ولكنه مشروط ليعبّر عن صدق التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) ومن أقوالها (عليها السلام) بهذا الصدد (إن كنت تعمل بما أمرناك ، وتنتهي عما زجرناك عنه فأنت من شيعتنا)[5] .
وقالت (عليها السلام) (أبوا هذه الأمة محمد وعلي يقيمان أودهم وينقذانهم من العذاب الدائم ان اطاعوهما، ويبيحانهم النعيم الدائم ان وافقوهما)[6] .
فهذه الامتيازات والحقوق التي تمنح لشيعة الزهراء (عليها السلام) لابد أن يقابلها واجبات واستحقاقات لتتحقق العدالة (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الجمعة:4).
فلنشكر الله تعالى على نعمة الهداية وولاية أهل البيت (عليهم السلام والتمسك بها (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ) (الأعراف:43).